طاقة تفنى ولا تُستحدث!
أنتظر قدومه بشوق ولهفة، وأجتهد لحسن لقائه، ولا أخبره بشيء يزعجه بمجرد دخوله البيت، وأحرص على تناوله قسطاً من الراحة، وأحاول أن أتلمس مداخل لطيفة لأستشيره وأخبره بما في بيتنا من مشاكل الأولاد المعتادة، أو ما يعرض لنا عموماً، فلا أجد إلا مفردات ثابتة غير قابلة للتجديد:
ليس عندي وقت.. عندي ما يكفيني.. أنا مرهق.. مشاكل البيت والأولاد يمكنك حلُّها... المشاكل الخارجية لن يحلها غيري... ألا يوجد رحمة في هذا البيت؟! طاقتي محدودة... ارحميني...
ومع ارتفاع نبرات صوته يغلق باب البيت بعنف...!!
... دق الجرس بعد فترة قليلة وأخبرني الأولاد بمجيء إحدى صديقاتي - ونسيت أنني على موعد معها-فاستقبلتها وبي من الهمِّ ما لا يعلمه إلا الله... كانت مسترسلة في حديثها بينما أنا غارقة بما أثقل رأسي من أسئلة كثيرة: أما آن لهذه الطاقة التي يدعي زوجي فناءها أن تُستحدث؟ ماذا أفعل معه؟
وإذا بي أُفيق على كلماتها: والله إن زوجي يمدح زوجَكِ كثيراً، تعلمين بالطبع أن عملهما معاً جعل كلاً منهما يقترب من الآخر ويعرفه أكثر، ولكم أثنى زوجي على صبر زوجك على ما يلاقيه من مشاكل العمل ومع إخوانه، وعلى حكمته في توجيه من حوله، وقدرته على تحكمه في أعصابه، وتميزه بالهدوء الشديد!!
ألجمتني كلماتها فلم أدر جواباً، وعندما واجهته قائلة: «خيركم خيركم لأهله» (حديث نبوي شريف رواه الترمذي)؛ قال: ومن قال لك إنني منهم؟!!!
ولكنني تزوجتك على أنك منهم، والمسلمون عند شروطهم! تزوجتك ولك خارطة طريق تسير عليها، قد أسَّس معالمها سيّدُك وقدوتُك (صلى الله عليه وسلم)، الذي ما فنيت طاقته أبداً، إذ حرص على استحداثها كل يوم وساعة ولحظة...الذي حمل هم هذه الأمة فأعان على نوائب الحق، وحمل الكَلّ، وقرى الضيف، ووصل الرحم.
تستغرقها الغيرة، فتدفعها للخروج دون إذن، تتلاحق أنفاس الحب في صدرها، فيحتوي دقات قلبها بسؤال واحد فقط: «أقد جاءكِ شيطانك!» (رواه مسلم).
ويفيض طوفان الغيرة ثانية، فيُمنع من دخول بيته ويُغلق الباب في وجهه! و يُحْوَج للقسم كي يُفتح له! ويتفهم ويشرح أسباب خروجه من بيته... إن كان إلا قضاء حاجته!
وتوجِّهُه زوجُه بأن يتكلم ولا يقول إلا صدقاً!! ويدفع عنها الأذى ويحميها من لطمة والدها ويؤكد أنهما ما كانا بحاجة لمثلها!
ومع كل هذا العبء من الجبهة الخارجية (الأُمّة) والداخلية (البيت والزوجات)، يخصف نعله ويرقـع ثوبه وهو (ص) في خدمة أهله، لا يقطعه عن هذا إلا الصلاة.
القوامة سيل متدفق ومعين لا ينضب من مبادرات! حب وحنان وصبر واحتواء وتقدير واحترام... حق لجوء للأمان... رعاية لا وصاية... مصدر متجدد لاستحداث الطاقة!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة