لأهلنا في العراق... نصرٌ أم خِذلان؟!
بقلم: وسن محمد*
العراق
في خضم الأحداث المتلاطمة التي تمر بها أمتنا الغالية والنزيف المستمر من أوردتها على مرأى ومسمع من العالم أجمع، نرى أن قضية أهل السنّة وتحديداً أهل العراق تلاقي تهميشاً واضحاً، ولا أحد يبالي بجراحهم.
خاض العراق حرباً شرسة لمدة ثماني سنوات ضد المد الرفضيّ الفارسي، من عام 1980-1988، كان خلالها البوابة الشرقية والسد المنيع ضد تقدم القوات الغازية التي كان بإمكانها أن تدخل منذ ذلك الحين وتعيث في الأرض فساداً كما تعيث الآن في سوريا ولبنان وبعض دول الخليج. وبعد سنتين تعرض العراق لحصار اقتصادي قاسٍ، وبدأ العراقيون يعيشون ويلات الموت والفقر. ثم انتقلوا إلى مرحلة أسوأ من سابقتها، وذلك خلال الاحتلال الأمريكي ليتفنن الأخير بشتى أنواع التعذيب والتنكيل بالعراقيين، من قتلٍ وأسرٍ واضطهاد واغتصابٍ للعذارى وانتهاكٍ للحرمات وتدميرٍ للمساجد وحرقٍ للمصاحف كالفسفور الأبيض، جهاراً نهاراً على مرأى ومسمع من العالم بأسره! وهبّ الرجال الغيارى أصحاب الدين والنخوة إلى نصرة إخوانهم وأبناء بلدهم، واستبسلوا أيما استبسال، واستطاعوا بفضلٍ من الله ونُصرةٍ أن يدحروا الغزو الصليبي ويردوه خائباً ويكبّدوه خسائر فادحة بالأموال والأرواح، وكانوا رقماً صعباً في تلك المعادلة. وعند خروج العدو الصليبيّ سُلِّم العراق إلى إيران، لينتقل من مأساة إلى مآسٍ ومن ظُلم إلى ظُلُمات... يُقتل الرجل وتُغتصَب الفتاة فقط لأن اسمها عائشة! ويوضع طفلٌ لم يتجاوز عمره العام داخل فرن المطبخ ويُشوى حياً بعد خَطْفه من أيدي والدَيْه فقط لأن اسمه عمر! وتفجر المساجد وتحرق المصاحف لأنها لأهل السنة النواصب على حد قولهم - ويجــرّ الرجل في الشارع ويُسحل أمام الملأ ويُثقب رأسه بالمثقَب (drill) الذي تُثقب به الجدران فقط لأنه سني! أمام هذه الجرائم النكراء التي تعرضنا لها وهذا فقط غيضٌ من فيض، لم نر مِنْ إخواننا السنة في الدول العربية الشقيقة وغير الشقيقة أي دعم أو سند، ولا حتى إعلامياً! والآن، وبعد الانتفاضة التي قام بها أهل السنة في المحافظات السنية، وبعد أن أغارت عليهم القوات الحكومية الطائفية التي فتكت بأبنائهم، قد تمّ تهجير العراقيين حتى تجاوز عدد النازحين المليونين، يواجهون الفقر والبرد والمرض.. بلا مأوى، وما يؤلم أكثر أن لا ضوء يُسلط عليهم مِن قِبَل الإعلام المسلم، والأدهى والأمَرّ أن هناك من الإخوة المسلمين مَن لا يكاد يعرف ما يجري في العراق وما يتعرض له أهله، فأين أنتم من نصرة إخوة الدين والعقيدة؟! ألا تخافون من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «ما من امرىٍء يخذل امرأً مسلماً في موضع تُنتَهَك فيه حرمتُه ويُنتَقَص فيه من عِرضه إلا خذله الله في موطنٍ يحب فيه نصرته» (رواه أحمد وأبو داوود).
عافانا الله وإياكم من شر الخذلان!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* هي أخت عراقية مقيمة في لبنان، متخصّصة في الهندسة المدنية.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن