... التكاثر!!
بقلم: د. ابتهال القسام*
لبنان
نقاشٌ حادٌّ دام دقائِق.. مع ولدي الحبيب عبد الرحمن (12 عاماً)... لكي يقنعني بضرورة أن يكون معه هاتف ذكيّ.. فمن وجهة نظري أنه لا داعي له ولا مبرّر.. فربما له مضار إشعاعية... أو سوف يشغله عن حفظ القرآن أو مراجعة التزاماته الدراسية... لكن ابني أصرّ على اقتنائه، وخاصة أن كل رفقائه يمتلكونه.. فوقعت في شباك نظراته المشبعة بالتوسل والرجاء وعباراته التي تعزف لحن طفولة ممزوجة بأدب جمّ.. فلم أجد نفسي إلا وأنا أخضع.. وكانت الوعود الأكيدة بأنه سينظم وقته... و... و...
وبحكم ارتباطي بالعمل خارج المنزل لم أستطع أن أشدّد الرقابة، وخاصة لتعاقب ضيوف شبه دائمين.. وكنت أراقب مستواه العلمي الذي لم يتراجع بفضل الله.. ولكن للأسف الشديد تراجع حفظه للقرآن الكريم..
وهنا دخلت في صراع مع نفسي.. هل أسترجع هذا الهاتف الشيطاني؟؟ وكيف سيكون وقع ذلك عليه؟؟ وبدأت أبث برسائل تهديد.. وعادت الوعود تطفىء ثأر الغضب في قلبي الذي أنهكته العواطف والوساوس والظنون والآمال الخادعة...
لتمضي السنين... لأجد مرارة ما اقترفته من إجرام.. عندما ركنت لما يقوله الكثرة من الناس وليس لما يرضي رب الناس... وعندما هزتني كلمات من رب العزة: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ-حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) (التكاثر: 1-2)، نعم ألهانا التكاثر، ألهتنا كثرة التقنيات الحديثة الضالة المضلة، ألهتنا مواقع التواصل الاجتماعي بكثرتها التي تحمل في طياتها رسائل التفكك الأسري والبعد الديني والأخلاقي، ولا ننكر بعض الفوائد من تواصل وتنسيق وتثقيف... لكنه سؤال يطرح نفسه: ألم تلهنا كثرة أعمالنا وأولادنا وأموالنا ومشاكلنا والتقينات الحديثة.. عن ذكر الله... وأعمال الخير؟! ألم ننشغل عن القرآن الكريم وتدبره وحفظه؟! وأستذكر ما قاله خالد بن الوليد عندما كان يمسك بالقرآن باكياً: ألهاني عنك الجهاد!! ونحن ماذا نقول؟؟؟ ماذا شغلنا عن القرآن؟! ولسوف تُسألون! ولذلك لا بدّ لكل واحد منا أن يهيء إجابة لهذا السؤال... وكلّ منا يعرف الجواب!!
فلنسارع إلى الله ومنهجه وننقذ أنفسنا وأولادنا من عبثٍ وغثاءٍ وكثرةٍ طاغية مطغية.. ولنرفض أن نساق.. ولنبادر أن نقود أنفسنا ومن حولنا لطرق الخير والفلاح...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* طبيبة مِخْبرية، حفيدة العالِـم المجاهد الشيخ عزّ الدين القسّام رحمه الله.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة