ماذا ينتظر الإنسانية عام 2030؟
"نحن عاقدو العزم على تخليص البشرية من طغيان الفَقر والعِوَز، وللشفاء وتأمين كوكبنا للأجيال الحالية والمستقبلية"...
هذا ما نصت عليه مسودة وثيقة الأمم المتحدة التي أعلنت عن انطلاقها في اجتماعها في نيويورك أيلول المقبل 2015 بعنوان: "تحويل عالمنا بحلول عام 2030: خطة جديدة للعمل العالمي".
يتفاءل القارئ لدى اطلاعه على جانب من هذه الوثيقة وما رافقها من تقارير واعدة بمستقبل أفضل للإنسانية (منها تقرير قدمه الأمين العام بان كي مون بعنوان: "الطريق إلى العيش بكرامة بحلول عام2030")؛ فهناك الكثير من المقترحات التي تخدم البشرية وتتقدم بها باتجاه تأمين الحياة الكريمة الآمنة للإنسان على هذه الأرض..
ولكن ثمة قضايا استبطنتها الوثيقة تستدعي التوقف عندها لمخالفتها للفطرة من ناحية، ولتعدّيها على خصوصيات ومعتقدات الشعوب على اختلافها من ناحية أخرى. من هنا كان للهيئات والمنظمات الإسلامية المحلية والإقليمية والعالمية موقفاً من مسودة هذه الوثيقة من خلال البيان الذي أصدرته في 14 تموز 2015وصادق عليه ما يقارب 70 هيئة ومنظمة وجمعية، حيث لخص أهم القضايا التي تتحفظ عليها، منها: إتاحة خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للجميع على مستوى عالمي، إقرار حقوق الشواذ جنسياً وربطها بتحقيق التنمية المستدامة، وتجريم زواج القاصرين في مقابل إباحة الزنا والشذوذ، المطالبة بتطبيق مبدأ التساوي التام في قوانين الأسرة: التساوي في أحكام الزواج والطلاق، إلغاء الولاية والقوامة، التساوي في الإرث، الإلزامية الدولية لتطبيق الأجندة الجديدة بحلول عام 2030!
وطالبت هذه الهيئات باحترام إرادة الشعوب والمنظومات القيمية والأخلاقية، داعية الدول الإسلامية إلى رفض كل ما يتعارض مع الشريعة والتمسك بالتحفظات حفاظاً على الهوية، ومطالِبة منظمة الأمم المتحدة باتخاذ خطوات جادة وعملية لرفع العنف الحقيقي عن النساء والفتيات في كل المناطق التي يتعرضن فيها للقتل والحرق والاعتقال والتعذيب والاغتصاب الممنهج.
إذاً، من ضمن ما ينتظر الشعوب في الـ15 سنة المقبلة: بالإضافة لوعود لا ندري مدى قابليتها للتطبيق في ظل السياسات العالمية الظالمة وغياب الإرادات الجادة والآليات الضامنة لتنفيذ هذه الوعود بما يحقق تقدم الإنسانية فعلياً وتنمية مجتمعاتها ويحفظ كرامة الإنسان.. خاصة أننا نشهد سُعار القضاء الممنهج على الإنسان تحديداً في الدول النامية.. جديد ما ينتظرنا: تقنين الشذوذ، وإقراره باعتباره حالة طبيعية مضافة إلى المجتمعات ممارَسة بشكل علني، متغلغلة شيئاً فشيئاً في النسيج الاجتماعي.. بحيث تصبح الأسرة الطبيعية مؤلفة ليس حصراً من (رجل وامرأة) وإنما أيضاً من (رجل ورجل) و(امرأة وامرأة)...
"انتصار لأمريكا.. وانتصار للحب.. خطوة كبيرة في مسيرتنا نحو المساواة"!! هذا ما علق به الرئيس الأميركي أوباما فور إصدار المحكمة العليا الأميركية قراراً بتشريع زواج الشواذ في كل أنحاء البلاد (حزيران 2015)!! في حين عقّب رئيس زيمبابوي روبرت موجابي ساخراً: "علمتُ بتأييد الرئيس الأمريكي أوباما لزواج المثليين ودفاعه عنهم، وأعتقد أنه عليَّ الذهاب لواشنطن، وأن أجثو على ركبتي وأطلب يده للزواج"! ورحب الاتحاد الأميركي للدفاع عن الحريات قائلاً: "إنه يوم تاريخي بالنسبة للحرية ولأميركا".
فإذا كان تقنين الشذوذ انتصاراً للحب وللحرية والمساواة.. وهو يوم تاريخي! فلا نستغرب أن تنشأ بعد هذا "قوى ضغط" تطالب بتشريع زواج الإنسان من الحيوان، ومنحهم الحقوق المتساوية مع بقية أفراد الجنس البشري! وهي حالات موجودة تحاصرها الحكومات وتجرّم فاعليها، تماماً كما كانت تفعل تجاه "الشذوذ" الذي أُعطي تسمية تنفي عنه صفة الانحراف الفطري بزعمهم: "المثلية الجنسية"!!
والعجيب أن نسمع في بعض مجتمعاتنا العربية والإسلامية أصوات نشاز تطالب بمنح الحقوق للشواذ ومنها الاعتراف بهم! وهؤلاء حقهم الوحيد علينا فقط تقديم العلاج لهم وإخراجهم من حالة الانحراف التي يعيشونها؛ وما كتبها الله عليهم كما يدّعون! وإلا فمحاصرتهم في أماكن مستترة بحيث لا ينشروا وباءهم لإفساد مجتمعاتنا. وأمثلته: ما حدث في لبنان في أواخر نيسان 2013 من مظاهرة أمام وزارة العدل تطالب بإلغاء المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني التي "تجرّم المجامعة الجنسية المخالِفة للطبيعة"، وما حدث قبل ذلك عام 2004 من تأسيس لجمعية مدافِعة عن حقوق الشواذ في لبنان "الجمعية اللبنانية للمثليين" وتُعرف بجمعية "حلم" .. وما كان من الأردن حيث تعتبر الدولة العربية الوحيدة التي لا تجرِّم المثلية الجنسية منذ دستور 1951.. وما حصل في تركيا في ميدان تقسيم في 2 تموز 2015 من تظاهرة للمطالبة بحقوق الشواذ، وكذلك العام الذي قبله..
فما بعد هذا القاع إلا قيعان تنزلق فيها البشرية واحدة تلو الأخرى ورِدّة إلى الجاهليات الأولى.. كلما شوّهت فطرتها وغرقت في مستنقعات المادية أكثر فأكثر.. ما ينذر بهلاك المجتمعات؛ وما قوم لوط عنهم ببعيد.. فالله سبحانه جعل عاليَها سافلها": (... وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ)..
فأين يَفرّون من غضب الله على الذين يحبون أن تشيع الفاحشة بين عباده ويسوّقون لها ويُلبسونها أثواب الطهر والفضيلة والحضارة، ويجعلونها في تشريعات ما أنزل الله بها من سلطان.. فأين يذهبون؟
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة