اضطراب التوحُّد
بقلم: د. لمى بنداق
لبنان
(في الثاني من شهر نيسان من كل عام نجد اليوم العالمي للتوحُّد)
إن كلمة "توحّد" مترجمة عن اليونانية، وتعني: العزلة أو الانعزال. والجمعية الأميركية للطب النفسي قدمت تعريفاً من حيث المعايير في التشخيص ورد في المرجع التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الطبعة الخامسة (DSM-V) وهو:
• قصور نوعي في التفاعل الاجتماعي.
• وقصور نوعي في التواصل واللغة.
• والسلوكيات النمطية وممارسة الأنشطة والاهتمامات المحدودة.
تقدّر نسبة الإصابة بالتوحد ما بين 2 -5 حالات من كل 10000 ولادة في الولايات المتحدة الأميركية. ولا تتوفر إحصائيات دقيقة عن عدد المصابين في الدول العربية. ويعرف أن اضطراب التوحُّد يصيب الذكور أكثر من الإناث بمعدل 4 إلى 1، وهي إعاقة تصيب الأسر من جميع الطبقات الاجتماعية ومن جميع الأجناس والأعراق.
لا توجد اختبارات طبية لتشخيص حالات التّوحُّد، ويعتمد التشخيص الدقيق الوحيد على الملاحظة المباشرة لسلوك الفرد وعلاقاته بالآخرين ومعدلات نموه. وغالباً ما نرى الأم قادرة على تحديد وجود مشكلة في التواصل لدى الولد من الشهور الأولى من عمره. ولا نستطيع القول أنه مرض وراثي لأنه أيضاً يرتبط بالعامل البيئي؛ فقد يكون الطفل حاملاً للجين المسبب للمرض ثم يتعرض أولاً لبيئة تسبب ظهور أعراض المرض، ويرتبط التوحد بعدد من الجينات وليس جيناً واحداً.
المرجع التشخيصي والإحصائي للأمراض العقليةDSM-V عرض محَكَّات تشخيص اضطراب التوحد، وجاءت كالتالي:
المحَكّ الأول: ظهور ستة أعراض على الأقل، أو أكثر من المجموعات الأولى والثانية والثالثة، شرط أن يكون فيها اثنتان من أعراض المجموعة الأولى بالإضافة إلى عَرَض واحد على الأقل من كلٍّ من المجموعتين الثانية والثالثة .
• المجموعة الأولى:
قصور أو خلل نوعي في قدرات التفاعل الاجتماعي من خلال اثنتين على الأقل من الأعراض التالية:
أ- قصور واضح في استعمال صور متعددة من التواصل غير اللفظي؛ مثل: تلاقي العيون، أو تعابير الوجه، أو حركات وأوضاع الجسم في المواقف الاجتماعية والاتصال مع الآخرين .
ب- الفشل في تكوين علاقات مع الأقران تتناسب مع العمر.
ج- قصور في القدرة على المشاركة العفوية مع الآخرين في الأنشطة الترفيهية أو الهوايات أو إنجاز أعمال مشتركة.
د- غياب المشاركة الوجدانية أو الانفعالية أو التعبير عن المشاعر مع الآخرين.
• المجموعة الثانية:
قصور كيفي في القدرة على التواصل اللفظي وغير اللفظي؛ كما يظهر من الأعراض التالية:
أ- تأخير أو غياب تام في نمو القدرة على التواصل بالكلام (التخاطب) وحده (بدون مبادرة أو مساندة أي نوع من أنواع التواصل غير اللفظي للتعويض عن قصور اللغة).
ب- بالنسبة للأطفال القادرين على التخاطب؛ وجود قصور في القدرة على المبادرة بالحديث مع الشخص الآخر وعلى مواصلة هذا الحديث .
ج- التكرار والنمطية في استعمال اللغة، واستعمال مفردات غير مفهومة أو مقبولة .
د- غياب القدرة على المشاركة في اللعب التخيلي أو الإيهامي والتقليد الاجتماعي الذي يتناسب مع العمر ومرحلة النمو.
• المجموعة الثالثة:
اقتصار أنشطة الطفل على عدد محدود من السلوكيات النمطية كما تكشف عنها الأعراض؛ واحد على الأقل من الأعراض التالية:
أ- استغراق أو اندماج كلي في واحد أو أكثر من الأنشطة أو الاهتمامات النمطية الشاذة من حيث طبيعتها أو شدتها .
ب- الجمود وعدم المرونة الواضح في الالتزام، والالتصاق بسلوكيات وأنشطة روتينية أو طقوس لا جدوى منها .
ج- حركات نمطية تمارس بتكرار غير هادفة، مثل: طقطقة الأصابع، أو ثني الجذع إلى الأمام والخلف، أو حركة الأذرع أو الأيدي .
د- انشغال طويل المدى بأجزاء أو أدوات أو أجسام مع استمرار اللعب بها لمدة طويلة.
لا نستطيع التنبّؤ بمدى تطور المصاب باضطراب التوحد، ولهذا ندعو للتدخل المبكر للوصول إلى أقصى ما يمكن الوصول إليه ليصبح عضواً فاعلاً وعاملاً في مجتمعه. وللمثال: هناك العديد من المبدعين في مجالات عديدة يعانون من التوحد، واستطاعوا أن يصبحوا أعضاء فعّالين وعاملين في مجتمعاتهم، ومثال على ذلك الكاتب الألمانيBirgerSellin وهو أول كاتب ألماني يعاني من التوحُّد وكان أول كتاب له بعنوان "لا أريد أن أبقى في داخل جسدي بعد الآن، رسائل من عقل يعاني من التوحُّد"، وقد تُرجم إلى العديد من اللغات. وSatoshiTajiri الياباني الذي اخترع وصمّم شخصية بوكيمون الكرتونية؛ وكان يعاني من الأسبرجرAspergersyndrome (وهذه المتلازمة تمَّ دمجها تحت اضطراب التوحُّد).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* متخصصة في التقويم النفسي التربوي.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن