الهجرة... وجدليّة أولوية الإسلام أم الوطن؟
أمَا وإنّ صفحات سنة كاملة طُويت ووَصَلْنا مع كتاب (عام 1430هــ) إلى نهايته لنفتتحَ عاماً هجرياً جديداً: فلا بُدّ أن نتذكّر الإنجاز البشري الفريد الذي حقّقه سيّدُ البشر سيدنا رسولُ الله الذي خَتَم اللهُ به النبوّة وأتمّ الديانة وعمّم الرحمة.. نعني به إنجاز الهجرة من مكة إلى المدينة يرافقه أصحابُه الذين هاجروا معه ابتغاءَ مرضاة الله ونُصرةً لدينه وتأييداً لنبيِّه وتطلُّعاً إلى مشاركته في بناء أول دولة في الإسلام تفتتح بها البشرية عهداً جديداً من تاريخها الطويل بدين جديد: بقِيَمه الرفيعة وأهدافه العظيمة وإنسانيته التي تعطّشت إليها بعد طول عناء ومُرّ العذاب بسبب شقاء وجفاف الجاهليات التي اكتوت بنارها وتلظَّتْ بظُلمها وانحرافاتها.
وإذا كان للهجرة النبوية دروس لا تنضب إلاّ أن أعظمها وأهمها، وأكبرها وأعمقها هو: أن الحب لله، والحبّ في الله، وأن الولاء لدينه والتضحية من أجل سيادته في الأرض بكل ما أوتي المسلمون من طاقة وذكاء وتدبير، هي الأساس والمعيار.
ومن أجل ذلك فارق الصحابةُ قبائلَهم وأهاليهم الذين عاندوا دين الله، وعقدوا عُقدة الإخاء مع إخوانهم في الدين حتى ولو لم يشاركوهم الانتماء الوطني والولاء القبلي، وفارقوا الوطن ـ وما أعزّ ذلك على الإنسان ـ إيثاراً للعقيدة ومتطلَّبات حركة الدعوة.
ولكنْ ما بالُنا اليوم ـ ما بالُ دعاةٍ قياديين وشيوخ معمَّمين! ـ نتغنّى بالهجرة كلما أطل عام جديد وتُمارس أحياناً في بعض بلاد المسلمين بسذاجة طقوس الاحتفال بذكراها في الوقت الذي ندير أَظْهُرَنا لأعظم دروسها ونُعلي عقيرة (دعوة العلمانيين) التي تنظر إلى (الدين) على أنه شأن شخصي وليس نظاماً شاملاً أَمَر الله بتطبيقه، لتبرِّر بهذا المنطق الأعمى المحادّ لله ولدينه إحلالَها (معياريّة المواطنة) محل (معياريّة الإسلام)، وجَعْلَها (الحب في الوطن) و(البغض في الوطن) بدل (الحب في الله) و(البغض في الله)؟!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن