كيف تصبح قائداً؟
كتب بواسطة بقلم: الأستاذة وفاء مصطفى*
التاريخ:
فى : المقالات العامة
718 مشاهدة
قد تسبح ببصرك في الفضاء العامر؛ فترى الطيور المهاجرة في فصل الخريف متجهة جنوباً في أسراب منظمة، وجماعات منسجمة، وتناغم رائع، وانسجام بديع. تراها تتخذ شكل رأس الحربة فتزيد من سرعة طيرانها بنسبة 71%, كما أثبتت الدراسات العلمية؛ لديهم وجهة واحدة، فإذا شذّ أحد عنهم سرعان ما يعود لأنه لا يستطيع مواجهة التيار بمفرده، خصوصاً أن الجماعة توفر حمايته، ويستمد منها قوّته.
يتبعون القائد عند أوامره، وتوجيهاته، ويستجيبون لتعليماته؛ فيتقدمهم إلى الأمام بشجاعة، محلِّقاً في الهواء. ويستطيع السرب قطع مسافة الطيران بسرعة تفوق أضعاف سرعة كلٍّ منهم بمفرده!!
ويعيّن القائد نائباً له يسير خلف السرب حتى إذا ما تملكه التعب ناب عنه الآخر في القيادة، ويتجلى التعاون بينهما في أجمل صوره، وأجلّ معانيه!!
مثال حي يعلِّمنا دروساً عظيمة في القيادة مثل: وضوح الرؤية، ووحدة الهدف، وحُسن الإدارة، وتنظيم العمل، والطاعة، والشجاعة، والمساندة، والتعاون، والتحفيز، والحماس، والحب، والهمة العالية، والقدوة الحسنة، والاستمتاع بالعمل الجماعي، ووحدة الصف، وتناغم الفريق.
القائد لديه رسالة سامية
القائد لا يكون قائداً إلا إذا كانت لديه مجموعة من الأتباع ذَوي غاية واحدة، وهدف واحد، ومصلحة مشتركة، ولا يلتفّون حوله إلا إذا كانت لديهم ثقة بأنه سيساعدهم في تحقيق غاياتهم، وبلوغ أهدافهم. ويتحلى القائد بسمات شخصية متفردة، وقُدُرات ذهنية متميزة، ومقوِّمات جسمية قوية؛ لديه رسالة سامية، وقيم ومبادئ عالية، وصفات أخلاقية حميدة، ومهارات عديدة ومتنوِّعة، ومعرفة عميقة شاملة؛ ويحرِّكه منهج سليم للإبداع.
القائد ينتصر على الظروف
القائد لديه القدرة على الإبحار وسط الأمواج العاتية، يواجه المخاطر بإصرار، جريء، شجاع، عالي الهمة، قوي الإرادة، لا يأبه بالعواصف من حوله، يتجاوز الصعاب بثبات، ويقبل المزيد من المسؤوليات، ويقدم لقومه الكثير من التضحيات، ويواجه التحديات بقوة، فينتصر على الظروف دون أن يعوقه عائق. إنه لا يؤمن بالأعذار والتبريرات، ولا يخشى المخاطرة، بل يعشق المغامرة، ويحسب حساباً لكل شيء. تراه يعمل بجد واجتهاد، ويتفانى في خدمة المجتمع، فيكون بذلك يكون مثالاً طيباً لفريق عمله، وقدوة حسنة لأتباعه.
القائد لديه رؤية واضحة
كثير من الناس لديهم أهداف ولكن لا يعرفون كيف يحقِّقونها، ولديهم غايات ولكن لا يعرفون كيف يبلغونها، ولديهم أولويات ولكن لا يعرفون كيف يحدِّدونها. أما القائد فلديه رؤية واضحة بعيدة المدى، يستشرف المستقبل، ويجيد رسم الأهداف ووضع الخطط وتحديد الأولويات، وتنفيذ البرامج، ومراقبة النتائج، وتعديل المسار في مرونة واقتدار.
القائد يتمتع بكاريزما الشخصية
يتمتع القائد بقوة الشخصية، وهي ما يُسمى بكاريزما الشخصية، التي تُعتَبَر من أهم العوامل المؤثرة في الآخرين. يعرف كيف يستغل نقاط الجذب في شخصيته، لديه القدرة على التواصل الفعّال، يجذب الأتباع بالثقة المتبادلة بينهما، ويُلهم الآخرين، فيؤثِّر فيمن حوله.
القائد يتمتع بالمثابرة والإصرار
القياديون العظماء لم ينجحوا إلا بالمثابرة والحرص الدائم على استثمار المعرفة؛ فالمعرفة قوة، وتطبيقها واجب لمواكبة ثورة التقنية المتسارعة؛ مما يجعلهم أكثر قوة، وأشد ثباتاً. إنهم يبذلون جهداً فوق العادة، لذا فهم يحصلون على نتائج متميّزة. لديهم إصرار، ويَعْتلون القمة، ويسيرون دائماً في المقدمة.
القيادة مهارة مكتسبة
بعض الناس يولدون قادة بالفطرة، ولديهم موهبة أصيلة في القيادة؛ إلا أن الدراسات قد أثبتت أن القيادة مهارة مكتسبة وليست موروثة، ويمكن لأي إنسان أن يكون قائداً بارزاً إذا استطاع أن يعمل على تنمية المهارات القيادية فيه. مهارات الكلام والتخاطب، والاستماع والإصغاء والإنصات، والإلقاء، والحوار، والإقناع، وحل المشكلات، والقدرة على اتخاذ القرارات، والتجديد، والتغيير، والابتكار والتفكير الإبداعي، والتواصل الجيد مع الآخرين، والعمل الجماعي، وبناء الفريق.
القائد يبث الأمل والتفاؤل
القائد يركز على المواقف الإيجابية، ويقود فريقه من التشاؤم إلى التفاؤل، ومن اليأس إلى الأمل، ومن الكسل إلى العمل. يحرك أتباعه لا بالقوة ولا بالحيلة، وإنما بأسلوب الترغيب، مبدؤه التحسين والتطوير المستمر، وينوع في أسلوبه حتى لا يصيبهم الملل، كما يعمل على تحفيزهم وتشجيعهم؛ فإذا كان الغذاء لازماً لبناء الجسم، فكذلك التحفيز لازمٌ لحياة الفريق; فهو الشريان الذي يمدّه بالدماء اللازمة للاستمرار، وتغذيته تكون ببث الأمل والتفاؤل ورفع الروح المعنوية فيرتفع أداؤهم، ويزيد إنتاجهم، ويصبحون قادرين أكثر على البذل والعطاء وتكريس النفس والإنجاز.
القيادة سر من أسرار التميز والنمو
إن من أهم أسباب نجاح المنظمات وجود قيادة فاعلة لديها رؤية واضحة ونظرة ثاقبة، تتخذ القرار الصائب، وتعمل على توجيه الجهود وتوحيد الصفوف نحو تحقيق الأهداف للمصلحة العامة. وحتى يتم ذلك نحتاج أن ندرّس مهارات القيادة في مدارسنا وجامعاتنا لطلابنا شبّاناً وفتيات؛ فكل فرد قائد في موقعه. نحتاج إلى تأهيل شباب قيادي متميز واعٍ يحمل الرسالة على عاتقه ويقوم بواجباته نحو نفسه ومجتمعه وأمته؛ فنرفع مستوانا الشخصي، وننهض بواقع أمتنا لنستعيد مركز القيادة العالمية.
إذاً، فلنبدأ باكتساب مهارات القيادة لأنها الخطوة الأولى في رحلة التميُّز.
ـــــــــــــــــــــــ
* متخصصة في تنمية الموارد البشرية.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة