أيها العرب.. الثورة طريق الحرية
كتب بواسطة د. حاكم المطيري
التاريخ:
فى : المقالات العامة
463 مشاهدة
سقطت بالثورة التونسية المجيدة، ثم بالثورة المصرية المباركة، كل النظريات السياسية الزائفة التي روجها أنصاف المثقفين، وأرباع السياسيين، وخردة شيوخ الدين المضللين، حول طريقة الإصلاح في عالمنا العربي!
لقد راجت في أوساط النخب العربية في أبراجها العاجية نظريات كثيرة حول وسائل التغيير في العالم العربي :
فطائفة ترى بأن شعوبنا العربية أضعف من أن تقوم بالتغيير والإصلاح، وأنها لا تستحق أن نضحي من أجلها، وأنها مجبولة على الخوف والجبن، وأنها تعيش مشاكل الأمّية والفقر والتخلف، وأن السبيل الوحيد هو مد الجسور مع الحكومات والتعاون معها، فهي التي تملك كل إمكانات الإصلاح، وبيدها 99% من أوراق اللعبة!!
وطائفة أخرى ترى بأن الرهان هو على الانقلابات العسكرية، وأن الجيوش العربية المحبطة ستبادر إلى التغيير، وهي تملك القدرة على ذلك!
وطائفة ثالثة تراهن على أمريكا وأوربا ودعمها للديمقراطية، وأن الولايات المتحدة وحدها التي تستطيع إنقاذ شعوبنا مما هي فيه!
وطائفة رابعة من كهنة الدين وسماسرة الفكر تشترط شيوع الوعي وتشترط وصاية على مجتمعاتنا حتى تبلغ سن الرشد، فالأسر الحاكمة والنظم العربية لديها من الحس السياسي المرهف، ومن التاريخ في الحكم ما يجعلها أقدر على إدارة شئون بلداننا من شعوبها!
وكان بعضهم يرى بأن الثورات لا تأتي بالخيرات، وأنه ليس فيها إلا الدماء والدمار!
وكان منهم من يرى بأن مفسدة الثورة أكبر من مصلحتها، فحاجة الشعوب للأمن والاستقرار، أشد من حاجتهم للحرية والكرامة!
وقد بلغ الهوس ببعضهم حد أن قالوا بأن بقاء دولنا وشعوبنا مرهون بالأنظمة والأسر الحاكمة، وأنها هي صمام الأمان!
لقد قرأنا كل هذه الآراء وسمعناها، وجادلنا بعض أصحابها، خاصة ممن استشكلوا بعض ما جاء في (الحرية أو الطوفان) و(تحرير الإنسان) و(الفرقان) وغيرها من البحوث والدراسات والمقالات كـ (مشروعية المقاومة السلمية)، التي أكدت فيها حق الشعوب في الثورة من أجل الحرية، وقدرة الأمة على تحرير إرادتها دون قيد أو شرط، إذا ما وجدت العزيمة والإرادة، فكان بعضهم يستخف بما كنت أدعو إليه، حتى قال بعض المترفين فكريا هذه أحلام يقظة يعيشها الدكتور حاكم لن تتحقق في عالمنا العربي ولو بعد نصف قرن، ومنهم من يقول بأن حاكم المطيري خيالي حالم، وإنما على الإنسان أن يعيش بواقعية ويحقق في حياته ما يمكن له وحده تحقيقه، ويدع أحلام تعيير الدول جانبا!
لقد كنت مؤمناً إيماناً مطلقاً بأن الثورة قادمة، وأن شعوبنا ستنتفض، وكنت أُأكد لكثير من المُصلحين المحبطين منذ صدور كتابي (الحرية أو الطوفان) سنة 2004م، أن هذا ما سيحدث خلال سبع أو عشر سنين!
وقد قلت في آخر عبارة في كتابي (الحرية أو الطوفان) (وستظل الأمة ترسف في أغلال الوهم وجحيم العبودية، وليس أمامها للخروج من هذا التيه سوى الثورة أو الطوفان)!
نعم لقد كانت ثقافتنا تعج بالأوهام الزائفة والأفكار الكاذبة التي قيدت إرادة الأمة نصف قرن، وكان حالنا كما قال شوقي :
وهمٌ يقيد بعضهم بعضا به ... وقيود هذا العالم الأوهام!
ها قد تحطمت كل تلك النظريات على صخرة عزيمة الشباب، فإذا الثورة تبدأ بفورة غضب الشباب، ولا تنتهي حتى تتحرر الشعوب، ويسقط الطغاة، وإذا هي السنن ذاتها التي لا تتخلف كما قال تعالى: (ونريد أن نمنَّ على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم الوارثين. ونمكن لهم ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون)!
إن الثورة التونسية المباركة قد آتت ثمارها، واستشرى أوارها، وهبت عواصفها تجوب خلال العالم العربي من المحيط إلى الخليج، وقد حاول كهنة الفكر وسماسرة الرأي أن يئدوها في مهدها، لتكون قاصرة على تونس وحدها، فمِن قائل هذه فلتة لن تتكرر في العالم العربي خاصة مصر، لأن ظروف تونس تختلف تمامًا عن ظروف مصر! فلم يمض على سقوط طاغوت تونس عشرة أيام فقط حتى جاء جواب الشعب المصري، يزلزل الأرض تحت أقدام فرعون مصر وطاغوتها!
لقد ثبت أن أمر التغيير والثورة سهل جدًا، وأن ثمنه أخف جدًا من ضريبة الصبر على حكم الطاغية، فأن يموت ألف شاب في سبيل تحرير أمتهم، أهون من أن يستعبد الملايين، ويسجن مئات الآلاف عشرات السنين، وأن يهجر مثلهم، وأن يموت الآلاف تحت التعذيب، لتتحطم أمة كاملة بأرضها وشعبها وثروتها، وليتصرف فيها عدوها الخارجي، في الوقت الذي كلف تحرير الجزائر من الاحتلال الفرنسي نحو ثلاثة ملايين شهيد!
كما ثبت بأن سقوط السلطة، مهما كانت قوية، لا يقتضي سقوط الدولة، فالشعوب على أرضها، وستبقى في وطنها، بل إن بقاء السلطة الفاسدة، هو الذي يهدد كيان الدولة ويفضي إلى سقوطها!
لقد سقط الرئيس المصري وسقط معه نظامه الأمني البوليسي كله، فلم يقع من الضرر ولا عشر ما كان يقع أيام وجود الأمن المركزي وسيطرته على الشعب المصري!
لقد فهم رئيس تونس الدرس بعد فوات الأوان، فهل فهمت شعوبنا الدرس قبل فوات الأوان؟ فمن القادم أيها الثوار؟ ومن الشعب الثالث أيها العرب الأحرار؟
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن