القادة الذين نُحبّهم
في ظلِّ أجواء الثورة على الظُلاّم والفَسَدة واللصوص، شعرتُ بالشَّوق والحنين إلى العادلين المتقين الزاهدين..
اشتقتُ إلى الشفيق الرحيم الحنون، إلى أَحَبِّ الرجال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفيقه في هجرته، إلى الصِّديق، إلى جامع خصال الخير وأسبق الناس إليها؛ سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه: من أصبح منكم اليوم صائماً؟ من تَبِع منكم اليوم جنازة؟ من أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ من عاد منكم اليوم مريضاً؟ في كل مرة كان يجيب الصدِّيق: أنا. فقال صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة»، رواه مسلم.
يا سيدي أبا بكر! نحن محرومون مقهورون، قادتنا ظلمونا، وجوّعونا، وملؤوا السجون بالمسلمين، والتهمة رأيٌ أو كلمةُ حقٍ قد يكون قالها بينه وبين نفسه.
السلام عليك يا سيِّدَنا عمر، السلام عليك أيها الفاروق، قرأتُ في أخبارك أنك قلت: (لو ماتت شاة على شط الفرات ضائعة، لظننتُ أن اللّهَ عز وجل سائلي عنها يوم القيامة)!
شاة؟ الله أكبر!! فكيف إحساسك بالبشر؟؟
أيُّ عدل وأيُّ رفق وأيُّ مسؤولية هذه؟!! تعالوا وانظروا كيف أن الحاكم عندنا تبلغ ميزانيته مليارات الدولارت! بينما أربعون في المئة من رعيته يعملون في وظيفتين وثلاث لتأمين الخبز وحده دون شيء آخر إلى جواره!
أمام البقيع وقفت، سلمتُ على سيدنا الحَييّ السّخيّ، مجهِّز الغزوات ومنفق الأموال والثروات في سبيل الله، ماذا ستفعل يا سيدنا عثمان لو عرفت أن قادتنا عادَوا المسلمين وقاتلوهم يُرضون بذلك اليهود والكفار؟ ماذا ستفعل لو علمت أنهم خذلوا المسلمين ونصروا الأعداء؟
سلام وتقدير إلى الباحث عن الحقيقة الشجاع الذي قال الله عنه: (ومن الناس من يَشري نفسهُ ابتغاءَ مرضاتِ الله) أبي يَحيى صُهيب الرومي..
في الطريق إلى أُحُد، إلى الجبل الذي يحب الرسول وأصحابه ويبادلونه الحب..
أرسلتُ سلاماً إلى العراق لأُحيِّي البطل البارع الشديد في ميادين القتال، سلام إلى أول المسلمين من الصبيان، سلام إلى أول فدائي في الإسلام، سلام إلى ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، سلامي لك مشتاق إلى تضحياتك وبطولاتك منذ طفولتك..
وسلام إلى الشام أُرسله مع الأنسام عذباً كعذوبة صوته... إلى مؤِّذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى بلال. ذكرتُك سيَّدنا بلالاً فتخيلتُ المدينة ارتجَّتْ بكاءً كما فعلتْ يوم أذّنتَ أول مرة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم! ألاَ تعود فتؤذن فترقق قلوباً قست فغدت أشدّ من الحجارة قسوة؟! وأُحدٌ الجبل مَثَلٌ على ذلك، فقد ارتجف عندما صعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «اثبُت أُحد، فإنما عليك نبيّ وصِدّيق وشهيدان» رواه البخاري!
ها هو أُحُدٌ شامخ أمامي، ظل شاهداً على قصص بطولات وأبطال.
السلام عليك يا سيد الشهداء حمزة، السلام عليك يا حنظلة، السلام عليك يا عمرو بن الجموح، أيها الشيخ الذي رجوتَ الله أن تطأ بعرجتك الجنة؛ فرزقك الله الشهادة.
كثيرون كثيرون هم أصحاب رسول الله، أعجَزُ - لضَعفي وعظَمتهم- عن إحصائهم وإحصاء مناقبهم وفضائلهم.
نحبكم يا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنتم مَن نصر الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم ووقف إلى جواره وفَداه بالروح والمال والولد، أنتم مَن أعان الرسول صلى الله عليه وسلم فأقمتم دولة إسلامية عظيمة لا زلنا نفخر بانتمائنا إليها، ونفخر أنكم أجدادنا، ونعود إلى سِيَركم نستقي منها العِبَر ونتعلم منكم كيف يكون حب الله ورسوله، وكيف نُؤثِر الآخرة الباقية على الدنيا الفانية، نتعلم الشعور بالمسؤولية، ونتعلم الدعوة إلى الله والإسلام.
نحبكم... وحبكم فريضة، نحبكم كما أحَبـّكم وأوصى بكم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهَ اللهَ في أصحابي، لا تتخذوهم غَرَضاً بعدي، فمَن أَحَبَّهم، فبحبي أحَبَّهم، ومن أبغضهم فببُغضي أبغَضَهم، ومَن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه» رواه أحمد.
ونحبُّكم لأنكم جمّلتم التاريخ وأثريتموه بأفعالكم التي ستبقى خالدة كخالد بن الوليد البطل القائد الذكي، لأنّ قصصكم من أحلى ما يُروى لأبنائنا، فتمتلئ عقولهم وقلوبهم بكم وبصفاتكم وخصالكم، فيثورون على الظلم ويحرِّرون ما اغتُـصب ويملؤون الأرض عدلاً ونوراً كما فعلتم.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة