سورية: الاكتشاف الأهم!
لم يكن يخطر في بال الذين فجّروا ثورة الكرامة أنهم سيُحدثون زلزالاً يصيب الفضاء الإنساني السوري بأكمله، إنهم كانوا في البداية يطالبون النظام المجرم بشيء من الكرامة وشيء من الحرية والعدل، لكن الله بلطفه وكرمه أراد شيئاً آخر حيث إن الناس لم يحصلوا من النظام على ما كانوا يريدون، لأن النظام ببساطة كتلة متكلسة غير قابلة لأي تحوير، أو تشذيب فهو إمّا أن يبقى، وإمّا أن يزول على نحو نهائي وهو الذي سيتم قريباً بحول الله...
لكن ما تم إنجازه هو ذلك التحرير التاريخي لروح الإنسان السوري، وذلك التطهير لنفسه من عوالق وأوضار نصف قرن من الفساد والإفساد والاستبداد... أنا دائماً أقول: إن اكتشاف الذات أهم من اكتشاف العالم، وقد اكتشف ملايين السوريين أنفسهم خلال مدة قياسية فعلاً، قد اكتشفوا أنهم قادرون على التضحية بشكل مذهل، وأنهم يملكون روح التعاون والتضامن على عكس ما كانوا يظنونه، واكتشفوا أنهم قادرون على الالتفاف حول مصلحة وطنية عُليا على حساب مصالحهم الخاصة.. هذه امرأة أُمّية في الستين من عمرها يسألها مراسل فضائية مشهورة عن رأيها في الثورة، فتقول: روحي ومالي وأبنائي الأربعة فداء للثورة، لا يهم أن نموت، أوأن نحيا، المهم أن تنتصر الثورة! وهذا مثقف ميسور تداهم عصابات النظام قريته، ويبحثون عنه، فلا يجدونه، فما كان منهم إلا أن جاؤوا بشاحنات، فرّغوا فيها أثاث بيته، ثم أحرقوه، ومضوا.. وقد اتصل به أخوه من دولة مجاورة، وسأله عن حاله، فقال: أنا الآن ليس لدى سوى الثياب التي علي، وإن يوم الجمعة الماضي هو اليوم الوحيد الذي لم تخرج فيه قريتنا للتظاهر، وهذا أشد عليَّ من حرق بيتي! .
الشعب السوري عرف اليوم مكامن قوته، وقد أخذ قسطاً من حريته، وحين يصبح أي شعب كذلك، فإن استعباده، واحتلال أرضه بعد ذلك يصبح صعب المنال.
تحرير الإنسان هو الأساس، وهذا هو الذي يحدث اليوم في الشام، وهذا في اعتقادي هو التأسيس الصحيح للانطلاقة الحضارية القادمة .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة