إجازة في الإعلام من جامعة بيروت العربية...دبلوم في الإدارة... مديرة تحرير مجلة منبر الداعيات... مشرفة على قسم الطالبات في جمعية المنتدى الطلابي المنبثقة عن جمعية الاتحاد الإسلامي... عضو إدارة القسم النسائي في جمعية الاتحاد الإسلامي... المسؤولة الإعلامية لتجمع اللجان والجمعيات النسائية اللبنانية للدفاع عن الأسرة ممثلة جمعية الاتحاد الإسلامي.
فـلـسـطـيـن... الـثــابـت فـي زمـن الـمـتـغـيـرات
كشفت وثيقة - بمثابة قُنبلة - من "أرشيف الحكومة الإسرائيلية" عن رسالة بعث بها "الزعيم" المصري الراحل جمال عبد الناصر إلى رئيس الحكومة "الإسرائيلية" موشيه شاريت، بعد شهر واحد من وصول الأول إلى منصب الرئاسة في عام 1954م...
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت": إنه في ديسمبر 1954 تلقَّى موشيه شاريت رئيس الحكومة الإسرائيلية حينئذ دعوة مفاجئة من جمال عبد الناصرالحاكم الجديد لمصر وقتذاك طلب فيها حل الخلافات بين الدولتين بالطرق السلمية.
وأضافت: إنه بعد مرور 60 عامًا تقريبًا على الأمر، تم الكشف عن رد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق الذي شكّل أيضًا مفاجأة، وجاء فيه: "الكثير منا معجب بمثاليتك الجريئة وتمسكك وتفانيك في المهمة، ونتمنى لك نجاحًا تامًا في تحرير أرض النيل من بقايا نظام الحكم الأجنبي، والتقدم بجماهير الشعب المصري لمرحلة التطور الاجتماعي والازدهار الاقتصادي... رسالتك التي جاءت عبر مندوب خاص موجود الآن في باريس جذبت انتباهي، وبارتياح شديد دونتُ ملاحظة أمامي أنك تريد التوصل لحل المشاكل العالقة بين مصر وإسرائيل بطريق سلمية، نحن واثقون ومتأكدون أنك تسعى لتحقيق السلام والتقدم، وندرك جيداً أن كلاًّ منا يعتمد على الآخر، ولهذا السبب نتمنى المزيد من الأدلة الملموسة على أنك أنت وزملاؤك تمهِّدون الطريق لتسوية ممكنة مع إسرائيل؛ عبر إعداد الرأي العام عندكم للنظر بإيجابية للأهمية الشديدة للسلام في الشرق الأوسط"(1).
هذه الوثيقة تضعنا أمام مشهدين:
- مشهد "الزعيم العربي" الذي خُدعت به الأمة (إلا قليلَها) طوال سنوات حكمه... كيف خانها وغدر بها (من تحت الطاولة) منذ بدايات اغتصابه للسلطة في مصر؛ إذ كان عليه أن يقدم "المزيد من الأدلة الملموسة" لسيده؛ تلك التي سيأتي بها من خلال القضاء على الإسلاميين مصدر قلق الصهاينة وحلفائهم! وهو المشهد الذي سيقودنا لفَهم أسباب هزيمة العرب عام 1948...
- ثم مشهد "الزعيم الصهيوني" الحريص على مصالح شعبه رغم أنهم "شِرذمة قليلون" قد أضاعوا التاريخ والجغرافيا وجاؤوا للبحث عنهما في بلاد "السمن والعسل" التي وُعدوا بها! "الزعيم" الذي يخاطب خصمه كما لو كان عبده المطيع... فيكلمه من "فوق" ويشترط ويُملي وهو المغتصِب... وهنا، فإننا سنفهم سرّ انتصارِهم مع ما أحاط بهم من أسباب الهزيمة في بادئ حرب الـ 47 – 48...
إن السياسة الدَّولية تدخلت وحسمت المعركة عبر الزعماء العرب بسحب جيوشهم وحَل حركة الإخوان المسلمين الذين استبسلوا في جهادهم مع إخوانهم من مختلف البلدان في فلسطين... يقول الأستاذ علي مصطفى نعمان في كتابه "شاهد على جهاد الإخوان المسلمين في حرب فلسطين 1948": لقد قال لنا الإمام (وهم متّجهون للجهاد في فلسطين): "أنتم تمثلون بَعثاً جديداً للإسلام، فاحرصوا على أن تكونوا مثل أسلافكم من الصحابة والمجاهدين الذين ثبتوا في القتال ولم يَفِرّوا، والذين بنَوا دولة الإسلام ولم يضنّوا بمال أو دماء حتى بلّغوا أمر هذا الدين للعالمين"، ثم صافحَنا فرداً فرداً، ثم غادر الباخرة(2)...
يقول مفتي فلسطين وزعيمها الأسبق الحاج أمين الحسيني: "بينما كان اليهود يعملون بقوة وتصميم بوحيٍ من مصالحهم العامة وتنفيذاً لبرنامجهم الصهيوني الخطير، كان بعض المسؤولين في بعض الدول العربية يعملون إما بوحي الاستعمار الأجنبي أو بتأثير مصالحهم الخاصة. وقد نتج عن تضارب الأهواء والمصالح، وتباين الغايات والأهداف والتخاذل بين دول الجامعة، وقوع هذه الكارثة الأليمة"!!
لقد بلغ الصهاينة من الاستخفاف بالعرب مبلغاً زوّروا فيه التاريخ ولمّا تجِفّ دماء الأبرياء بعد، حيث قدّموا روايتهم التاريخية حول أحداث قيام كيانهم الغاصب، وتتلخص في:
1- بينما رفض العرب خطة التقسيم لسنة 1947 المبنية على توصيات لجنة بيل، قَبِلها اليهود.
2- إن حرب "الاستقلال" الإسرائيلية جرت بين داود الضعيف، المتمثل في العصابات الصهيونية، وجالوت الجبار، المتمثل في القوات العربية.
3- إن مشكلة اللجوء الفلسطيني لم تنشأ عن فعل القوة والمذابح الصهيونية، وإنما نتيجة دعوات القادة العرب إلى الفسطينيين بالرحيل للتمكن من رمي اليهود في البحر.
4- إنّ العرب هم من رفضوا مقترحات السلام كلها بعد الحرب، بينما قبلتها إسرائيل.
5- إن السياسات التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين المواطنين فيها، وأولئك الذين في الضفة والقطاع والقدس، إنما هي للحفاظ على إسرائيل من الزوال في مواجهة أعمال الإرهاب التي يقصد منها الفلسطينيون إزالة دولة إسرائيل عن الخريطة(3).
ورغم كل ذلك... استمر الجهاد في فلسطين إلى يومنا هذا... ولئن احتكر العلمانيون القضية الفلسطينية لعقود حتى كادت تضيع، فإن فلسطين قد عاد إليها وَهَجُها ووجهها الحقيقي بعد إضفاء البُعد الإسلامي على القضية سواء في غزة والضفة مع حركة حماس بقيادة القائد الشيخ أحمد ياسين رحمه الله وإخوانه، أو في القدس وأراضي الـ 48 مع الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح.
وبذلك أصبح للقضية منحىً مختلف؛ حيث قاد أهل فلسطين الانتفاضات، وواجهوا من جديد الخيانات الداخلية والمؤامرات الإقليمية والدولية... إلى أن افتتحت الشعوب العربية صفحة جديدة من التاريخ... ذلك هو الربيع العربي الذي أَمِل الجميع أن يُزهر في فلسطين بعد تهيئة الظروف له... ذلك الربيع الذي هزّ عرش الكيان الغاصب، وأربك الصهاينة، ودفعهم للعمل مع حلفائهم على قَدَمٍ وساق لتفادي انعكاسات الثورات المرعبة المهدِّدة لوجودهم خاصة في مصر وسوريا؛ فقد وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك أثرَ الثورات العربية على "إسرائيل" قائلاً: "إن إسرائيل تواجه تسونامي سياسي"!
وكل ذلك دليل على أن هذا الكيان يفقد مقوِّمات وجوده بمجرد أن تبدأ دعاماته بالتهاوي: فالأنظمة العربية العميلة إحدى دعاماته وقد بدأت بالسقوط المدوّي واحدة تلو الأخرى... كما أنّ دعم أمريكا اللامتناهي لهذا الكيان أصبح مهدّداً؛ فهناك مطالبات من داخل النظام الأمريكي بتخفيضه؛ حيث طالب السيناتور راند بول بتقليص حجم المساعدات الأميركية للكيان الصهيوني، متسائلاً: "كيف بإمكان الولايات المتحدة أن تواصل تقديم الدعم المالي لإسرائيل على هذا النحو، في الوقت الذي تقترض فيه 50 ألف دولار كل ثانية من الصين لسد العجز في موازنتها"؟
وهكذا، فإن الإرهاصات الإقليمية والدَّولية، وكذا التحليلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كلها تشير إلى أنّ العهد الذهبي لدولة الصهاينة قد بدأ بالأفول؛ فقد تنبأت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بزوال "إسرائيل" مؤكِّدة: "إن انهيار إسرائيل خلال عشرين عاماً المقبلة أمر محتوم ولا مفر منه"؛ وهذا الانهيار يحتاج لإعداد وفق سنن الله؛ من تجنيدٍ لطاقات الشباب، وتسلّحٍ بالوعي السياسي، وتفوّقٍ بالاختصاصات على تنوّعها، واجتماعٍ لكلمة المسلمين بالخروج من دائرة التفكير الحزبي الضيِّق إلى فضاءات أرحب وأوسع تشمل مصلحة الأمة بأسرها... يكلّل كل ذلك الإخلاص لله عزّ وجل: {ويقولون متى هُو؟ قُلْ عسى أن يكونَ قريباً}
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة