مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارت
قواسم مشتركة بين المشروعين الصهيوني والفارسي في لبنان والشرق الأوسط
يظن البعض ان منطق الصوت المرتفع وعبارات التهديد والتهويل وعملية حشد الجمهور في مناسبات دينية، ورفع وتيرة التحريض والتعبئة باستعمال عناوين وشعارات دينية تاريخية او مصطلحات سياسية حديثة قد يخفي طبيعة المشروع السياسي وأدبياته ومواصفاته وعناوينه.. وإذا كانت إسرائيل لم تخف طبيعة مشروعها في المنطقة، إلا ان إيران سعت منذ البداية إلى إخفاء طبيعة مشروعها خلف عناوين سياسية وشعارات دينية، ظاهرها الوحدة وباطنها التفرقة وزرع الشقاق..وبث الفتنة.
ونظرة بسيطة للخلف أي إلى ما قبل وصول القوى الدينية الإيرانية إلى السلطة في إيران نرى أنه لم يشهد العالم العربي والإسلامي صراعات طائفية ومذهبية إطلاقاً على الأقل خلال القرن العشرين المنصرم واندلاعها اليوم في معظم دول العالم الإسلامي والعربي مرجعه السياسة الإيرانية التحريضية التي تريد ان تحمي مشروعها بإشعال حرائق خلف حدودها... على طريقة الإتحاد السوفياتي السابق... لذا هنا لا بد من قراءة أوجه الشبه بين المشروعين بل تطابقهما.. ولا يمكن تجاهل أن "حزب الله" بأدائه وسلوكه ومنهجيته وسياساته يشكل رأس حربة نظام إيران لتنفيذ هذا المشروع ويمثل نموذجاً يحاول ان يقتدي به حلفاء إيران في البحرين واليمن وشرق السعودية والعراق والباكستان.. وما نشهده في سوريا اليوم يعتبر خير دليل ومؤشر..
1- تطالب إسرائيل العالم بالاعتراف بها كدولة يهودية.. فقد طالب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو مجددا، الفلسطينيين بالاعتراف بحق الشعب اليهودي في وجود دولة قومية خاصة به، والتخلي عن جميع مطالبهم في اطار التسوية الدائمة التي سيتم التوصل اليها بما في ذلك مطالبتهم بـ"حق العودة". فيما أن إيران ومنذ العام 1979، تعتبر أن الدين الإسلامي هو دين الدولة ولكنها تحدّد المذهب الشيعي كمذهب رسمي للدولة، وهو ما يجعلها باستمرار تبدو وكأنها المدافع والحامي عن الشيعة حول العالم بالرغم من أن بعض المرجعيات الشيعية لا كما أن عدداً من المواقع السياسية نص الدستور فيها واضح على حصرها بيد أبناء المذهب الشيعي، فينص الدستور الإيراني على أن القائد يجب أن يكون شيعي المذهب.. ورئيس الجمهورية وفقاً للمادة المادة الخامسة عشرة بعد المائة، تنص على أن: "ينتخب رئيس الجمهورية من بين الرجال المتدينين السياسيين الذي يجب أن يكون مؤمناً ومعتقداً بمبادئ جمهورية إيران الإسلامية والمذهب الرسمي للبلاد". كما أن المادة المادة الحادية والعشرين بعد المائة والتي تنص على قسم رئيس الجمهورية، فإنه ينص على أنه عليه أن يكون "حامياً للمذهب الرسمي، ولنظام الجمهورية الإسلامية، وللدستور...".
2- إسرائيل تقوم على فكرة أنها شعبها هو شعب الله المختار... وحزب الله يخاطب جمهوره واصفاً إياه بأشرف الناس..؟؟
3- إسرائيل تعتبر ان احتلالها لفلسطين هو حق ديني بناءً على استشهادات ووقائع وآثار تاريخية.... وحزب الله وراعيه الإيراني يقول بأن من حقه الإستيلاء بالقوة على السلطة في العالم العربي الإسلامي باعتباره خسرها يوم واقعة كربلاء في يوم عاشوراء خلال القرن الأول للهجرة.....وعلى هذا الأساس تقام الذكرى كل عام ..؟
4- إسرائيل تتهم كل من يعادي مشروعها بأنه معادٍ للسامية... وكذلك إيران وحزب الله يتهمون كل من يرفض مشروعهم بأنه تكفيري...؟
5- تتميز إسرائيل بممارسة سياسة الإستيطان والبناء غير القانوني وغير الشرعي على أراضي الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة.... وهذا ما يمارسه جمهور حزب الله في لبنان من تجاوزٍ للقوانين والبناء على أراضٍ عامة وحتى خاصة.. وقد سبق أن ورد أنه قد قامت دوريات تابعة لقوى الامن الداخلي بمؤازرة الجيش بقمع مخالفات البناء على الاملاك العامة على مختلف الأراضي اللبنانية لا سيما منها في صور والضاحية الجنوبية وفي التفاصيل، أنه وأثناء قيام دوريات تابعة لقوى الأمن بازالة المخالفات في المساكن الشعبية شرق صور، تجمهر الاهالي واعترضوا القوى الامنية لمنعها من القيام بمهامها، وعمدوا الى احراق آليتين عسكريتين تابعتين لقوى الامن الداخلي في منتصف الطريق التي قطعت بالاطارات المطاطية المشتعلة. وتلافيا للتداعيات، عقد اجتماع طارىء في ثكنة صور العسكرية ضم: مدير استخبارات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور، قائد منطقة جنوب الليطاني في الجيش العميد صادق طليس، مسؤول المخابرات في صور العقيد مدحت حميد، عضو قيادة حركة "امل" محمد زراقط وعن "حزب الله" جهاد شري. وبحث المجتمعون في الإشكال الذي حصل، في الأوزاعي الصورة نفسها تتكرر حيث سادت حال من التوتر في المنطقة بعدما عمد الاهالي الى قطع الطريق ومحاصرة سيارة القوى الامنية على خلفية ازالة مخالفات البناء. وفي هذا السياق، عقدت قيادتا حركة "امل" و"حزب الله" في منطقة بيروت ورؤساء بلديات الضاحية اجتماعا خاصا في مقر بلدية الغبيري بحثا في خلاله قضية مخالفات البناء..ولكن ما جرى هو استقرار بناء ما مجموعه 5000 بناء مخالف للقوانين مع ما يشكله هذا العمل من خسارة فادحة للخزينة العامة.. كما أصدر أهالي بلدة ياطر قضاء بنت جبيل بيانا دعوا فيه المسؤولين إلى التدخل من اجل وقف الاعتداءات الحاصلة على مشاعات البلدة من قبل «البعض» للحفاظ على المشاعات والبيئة فيها. وناشدت اللجنة، الجهات المعنية ووزارات البيئة والزراعة والداخلية الإسراع في إرسال لجنة للكشف على المشاعات التي وضعت عليها اليد من قبل بعض المواطنين وذلك قبل أن تصبح المشاعات ملكا لهم وأمراً واقعا». ولفت الأهالي في بيانهم إلى «أن المشاعات بمثابة محميات طبيعية تساهم في تحسين البيئة والحفاظ على المناخ ويقصدها المرضى بالحساسية والربو وهي حدائق حرجية تعطي للبلدة والمنطقة طابعها البيئي النظيف، وتقدر مساحاتها بمئات الدونمات». كذلك تعاني منطقة جبيل وأملاك الوقف الماروني من المشكلة عينها..والصورة نفسها تتكرر في دولة البحرين حيث يقوم الجمهور المؤيد لإيران بالبناء على الأراضي العامة والمشاعات ثم تقوم مرجعياته باتهام السلطات بهدم الأبنية ولكنه لا تذكر انها مخالفة...
6- تقوم إسرائيل ببناء مجمعات استيطانية في محاولة لتغيير الواقع الديموغرافي في مناطق معينة..وهذا ما يقفوم به "حزب الله" من بناء مجمعات سكنية خاصة بجمهوره.. ولكن في مناطق تتميز بكثافتها السكانية من أبناء طوائف ومذاهب معينة..بهدف تغيير ديموغرافيتها ودفعهم لمغادرتها نتيجة المضايقات والتعديات وحالة الإزعاج غير المقبولة التي يمارسها فريق "حزب الله" في مناسباته الكثيرة...
7- تعتدي إسرائيل على املاك الاوقاف الدينية في فلسطين المحتلة.. ومحاولة تهويد المسجد الأقصى هي حديث كل مواطن عربي.. وهذه عينة عن ممارسات سلطات الاحتلال... مقام النبي صمويل (شموئيل)... يقع على أحد جبال القدس في الناحية الشمالية الغربية وكان القبر في مغارة منفردة على الجبل الى ان قام الشيخ محمد الخليلي مفتي الشافعية بالقدس قبل عام 1143هـ – 1730م بقليل وعمر على القبر والمغارة مسجدا وزاوية للصوفية، واستصدر فرمانا سلطانيا يمنع بموجبه اليهود من الدخول الى المقام. وبعد حرب حزيران 1967 استولى الاسرائيليون على جزء من المسجد وحوّلوه الى كنيس يهودي، كما قاموا باعادة فتح المغارة وانشاء قبر فيها جعلوه مزارا لهم. وأدى هدم بيوت قرية النبي صمويل العربية في 22/1/1971 وتشريد سكانها الى تعطيل الصلاة فيه... وكذلك في لبنان حيث قام حزب الله باحتلال مسجد الظاهر بيبرس في مدينة بعلبك التابع للأوقاف الإسلامية السنية مانعاً ترميمه... ثم بدا بإقامة احتفالاته الدينية فيه مطلقاً عليه اسم مسجد رأس الحسين... وكذلك الحال في منطقة جبيل حيث وقع نزاع على ملكية كنيسة لاسا... وهناك اعتداءات كثيرة على اوقاف الطائفة السنية في لبنان يتخاذل مفتي الجمهورية اللبنانية عن فتح ملفاتها..
8- احتلت إسرائيل جنوب لبنان لسنوات طويلة بحجة الدفاع عن المواطنين المسيحيين في جنوب لبنان ولحماية شمالها من هجمات المقاومة الفلسطينية....وهذا ما يقوم به حزب الله حين يتدخل في سوريا إلى جانب النظام السوري.. حيث كانت البداية أن أعلن حزب الله أنه يريد ان يحمي المواطنين الشيعة القاطنين في قرى لبنانية واقعة في الداخل السوري، ثم تطور الامر إلى أن أصبح الهدف هو حماية المشروع المقاوم في سوريا وإيران....وفلسطين يا للعجب...؟
9- تزرع إسرائيل حالة من الرعب في قلوب مواطنيها من الإرهاب والإرهابيين بهدف عزلهم عن محيطهم وتقبل سياسات القتل والترهيب والإستيلاء التي تمارسها بحق العرب الفلسطينيين.. وكذلك "حزب الله" يزرع الخوف في قلوب جمهوره من احتمال حدوث حالات تفجير واستهداف... مما يزيد من عزلتهم وتمسكهم بحماية "حزب الله" لهم...
10- تقوم إسرائيل بتسليح المستوطنين اليهود.. كذراع عسكري إضافي إلى جانب الجيش الإسرائيلي وكذلك يفعل حزب الله الذي يقوم بتسليح جمهوره وبشكل عشوائي مع ما يتسببه هذا من مشاكل وخلافات وصدامات وسقوط قتلى وجرحى...
11- تزرع إسرائيل العملاء في صفوف المواطنين العرب لضرب وحدتهم ولحمتهم... وقامت بإنشاء وحدة المستعربين أيضاً إلى جانبهم... وحزب الله قام بإنشاء سرايا المقاومة في المناطق التي لا يسيطر عليها بهدف جمع المعلومات من بعض المعممين ضعاف النفوس ومن استخدامه لعنصر المال لتجنيد بعض الشباب برعاية رسمية مخابراتية مع الأسف.. لإثارة القلاقل والنزاعات وإعطاء نفسه حق التدخل عبر بعض الرسميين أو مباشرةً بزج ميليشياته الجاهزة للعدوان.. وهذا ما حدث في منطقة عبرا في مدينة صيدا...
12- تعطّل إسرائيل عمل السلطة الفلسطينية بين الحين والآخر لزيادة معاناة الشعب الفلسطيني ودفعه للاستسلام... وتفاقم معاناة أبناء غزة برفع وتيرة الحصار الإقتصادي على القطاع للتخلي عن المقاومة.. و"حزب الله" يعطل عمل البرلمان والحكومة بين الحين والأخر لتنفيذ وتحقيق جملة مطالب تعطيه قدرة الهيمنة على الدولة اللبنانية ومؤسساتها.....
التطابق والمتطابقات بين المشروعين كثيرة بل ومتناغمة... والشعارات التي ترفعها إيران حول الوحدة وتحرير فلسطين هي مجرد عناوين سياسية للاستهلاك، وللتعمية على المشروع الحقيقي الهادف للسيطرة على الأمة العربية والإسلامية والإمساك بمقدراتها... والمفاوضات بين إيران والغرب هي على تفصيل المصالح وتسوية الخلافات... وتهديد نصرالله الأخير بأن على العالم ان يتفاهم مع إيران قبل اندلاع حرب في الخليج... هو خير دليل على ان المشروع الإيراني هو فارسي يلتحف الغطاء الديني والقوى المحلية في لبنان وغيره المؤيدة لهذا المشروع هي أدوات لا شركاء...
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة