رحلة الغوص في الأعماق
«يجب أن يكون لك هدف في الحياة.. هل توجد حياة بلا هدف؟... الهدف يجعلك تسمو فوق تفاهات الحياة»... كلام لطالما سمعناه حتى شبعت عقولنا منه واعترضت: هل من مزيد؟ فالإنسان لا يحتاج للشعارات ليتقدم وإنما لخطوة عملية يستطيع تطبيقها على أرض الواقع.
فنحن نسلك طريق الحياة وكأنها معبدة بكل الوسائل التي توصلنا إلى ما نتمناه، ونغفل أننا قد نواجه عوائق لم تكن في الحسبان لأنها تلبس زينة تخفيها عنا.. إنها المُغْرِيات.. فعلى قدر ما تحتاط النفس من المزالق تغفل عن المغريات مع أنها هي سبب المهالك، مما يذكرني بقصة الغواص عاشق البحار، الذي ذهب في رحلة مميزة تحمل الجميع إلى اللآلىء الثمينة.. عالم جديد.. كل شيء مبهر.. مرت الساعة تلو الأخرى وعالم البحار يثير المزيد من الفضول عنده. ولكن إشارة الصعود إلى سطح المياه أُطلقت... رجع كل غواص ومعه ما جمعه في رحلته الشائقة من أجمل اللآلىء. ولكن لم يجد الغواص المحترف بين يديه إلا أصدافاً مختلفة!! أين اللآلىء؟!!
والعبرة في هذه القصة جلية، فهي تصور حالنا على طريق الهدف. ومما لا شك فيه أنّ لكل هدف وسائلهَ، ولكن حين تطغى الوسيلة على الهدف فإنها إما تقزّمه وإما تضيّعه، وهاكم هذا المثال العملي: هدفي رضا الله عز وجل، وهو هدف راقٍ يجعلني أنظر إلى كل ما هو دونه سبحانه على أنه وسيلة إما دافعة لبلوغ الهدف وإما معوّقة وحتى مانعة.. فأهلي وسيلة وأولادي وسيلة وزوجي وسيلة وعلمي وسيلة وعملي وسيلة.. فإذا أصبح عملي هدفاً فقد وجهت اهتمامي لنجاح العمل من مقياس رباني إلى مقياس بشري.. كم ضاق المقياس وكم أصبح محدوداً!! من الأعلى إلى الأسفل ومن الثبات إلى التزعزع!! وكذلك العلم إذا تحوّل لهدف بحد ذاته: غالبــاً ما يدعــو للتفاخـر، فتختـلّ الرؤية ويُنسى أن الدنيا بما فيها لا تساوي جناح بعوضة عند الله!... فكلٌّ منّا يحتاج لهدف ثابت وعظيم، ولا ثابت إلا وجود الله ولا عظيم أعظم من رضا الله. ونحن بحاجة إلى من يذكرنا أو أن نذكر أنفسنا بالهدف في كل خطوة على طريق الحياة، عبر إتقان (فن التوقف) - كما ذكر الدكتور عبد الرحمن ذاكر - حتى لا يختلط الهدف بوسائله فنخسر الوسائل ونخسر الهدف ونخسر الحياة والسعادة.. فأبقِ عينك على مرضاة الله - هدفك - ولا تعطِ الوسائل أكثر من حجمها لأنها إن زالت فستأتي وسائل أخرى والهدف باقٍ وثابت.. فلا تتوقف عن المسير.. فالثابت معك وسيثبتك: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ) (ابراهيم:72) فغص في أعماق البحار ولا تنس اللآلىء.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة