هــذا لـــي!!
ذكر الله تعالى مرضاً قلبياً منتشراً، يصيب الكفار في أقوى صوره، لكنه أيضا موجود لدى كثير من المسلمين بدرجات متفاوتة! إنه مرض: "هذا لي".
قال تعالى: (ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي).
"هذا لي": أي هذا ما أستحقه، التكريم والإنعام، هذا الذي يليق بي لكرامتي ورفعة منزلتي.
"هذا لي"، فأنا "ابن ناس" ولست "وجه بهدلة".
"هذا لي"، وإنما كانت الضراء التي مررت بها سحابة صيف قد تليق بمن دوني من الناس منزلةً ولكن لا تليق بي.
"هذا لي"، فأنا صاحب الذكاء والنسب والمال والجمال. ولستُ أهلاً للفقر أو الحبس أو الإهانة.
المفتش لخبايا نفسه يجد فيها هذا المرض.
هذا مع أن هذا الإنسان المغرور لو تفكر في نفسه جيدا لوجد أنه ليست لديه أية مقومات ذاتية يستحق عليها التكريم مع سوء عمله وانعدام يقينه!
الحسب والنسب؟ كلنا من تراب و ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم)).
الجمال؟ منحة ربانية لا كسب فيها وسيأكلها الدود يوما!
الذكاء؟ بئس الذكاء الذي لم يوصل الإنسان إلى اليقين بربه تعالى!
فما الذي يجعلك تقول: "هذا لي"، وتظن أنه لا يليق بك إلا الإكرام بعد هذا؟
أما الكافر، فيتفاقم عنده هذا المرض حتى يظن أنه يستحق التكريم من الله في الآخرة إن كان هناك آخرة!! تتابع الآية فتقول:
((ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى)). على فرض أن هناك يوم قيامة فأنا لا أستحق فيه إلا التكريم أيضا.
أما نحن، فدعونا نصارح بعضنا: نحن الذين لم تصبنا نكبة، عندما نرى حال إخوتنا في سوريا والعراق وغيرهما من البلاد المنكوبة، قد نميل إلى الاعتبار واللجوء إلى الله ليرحمنا ولا يحل بنا كما حل بهم... ثم ما يلبث أن يقول بعضنا في نفسه: "لا! مستحيل! أنا أتعرض للإهانة والحبس والتعذيب؟ أولادي الجميلون المرفهون الأذكياء يُقتلون فجأة ببرميل أو صاروخ؟!" هذا كله "ليس لي"، إنما أنا لي التكريم والتنعيم"، فأنا "مش وجه بهدلة"! بل وقد يقول بعض المرفهين داخل البلد المنكوب ذلك في أنفسهم مع أنهم يرون نكبة إخوانهم في القرية المجاورة!
لا تغتر بنفسك يا صديقي! ودعك من مرض "هذا لي"، فالكل عرضة للابتلاء. فأيقن بضعفك وحاجتك إلى ربك، وهوانِكَ عليه إن عصيته، وأن ليس لك إلا رحمته تعالى.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن