زوجتي متعالية!
مضى على زواجي سبع سنوات حاولتُ خلالها أن أعدّل من بعض طباع زوجتي فلم أستطع. أنا لا أطلب الكثير فلست بمعصوم، ولكن هناك بعض الطباع أو سمِّها إن شئت الأخلاق تنغِّص عليّ عيشي...لا أنكر، هي متديِّنة متفانية في رعاية أبنائنا، ولكنها عصبية من ناحية، ومتعالية عليّ من ناحية أخرى بذكائها وشهاداتها ومكانتها الاجتماعية. ولطالما حَدَثَتْ مشادّات أمام أبنائنا أكون المبادر دائماً بالانسحاب منها حرصاً على أولادي الذين يضطربون ويبدؤون بالبكاء والصراخ، ولا أجد منها أي استعداد للتراجع وهكذا... مرت هذه السنوات وحياتنا على فوّهة بركان، والمشكلة تكمن في أنها تعتقد بأنها المحقة دائماً... فكيف لي أن أتصرف حيال هذه المعاناة؟ أوَ ليس من حقي والحال كذلك أن أتزوج عليها لأنعم بحياة هانئة هادئة وبزوجة خَلوقة متواضعة تقدِّرني؟
المعالجة: يقترح الأستاذ محمد رشيد العوِّيد عليك الحل:
(لا أنكر، هي متدينة، متفانية في رعاية أبنائنا) هاتان صفتان عظيمتان ذكرتَهما لها، وهما تشملان كثيراً مما تتمتع به زوجتك من محافظة على الصلاة والصيام والخمار وطاعات أخرى كثيرة لم تستثن منها شيئاً، إضافة إلى رعايتها أبناءكما رعاية فيها تفانٍ.
ورضاك - جزاك الله خيراً - بهذين الأمرَيْن الإيجابيَّين فيها يجعلك، أو ينبغي أن يجعلك، راضياً عنها غير مبغض لها، انطلاقاً من حديثه -صلى الله عليه وسلم-: «لا يَفْرَك مؤمن مؤمنةً، إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر» متفق عليه.
وهذا نَهْيٌ عن كُرْه الزوجة وبُغضها لخُلُق أو طبع يشتكيه زوجها فيها مادام يرضى منها أخلاقاً أخرى، مع وجوب الاهتمام بنصحها وإصلاحها.
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يدعونا في حديث آخر إلى اختيار المرأة لدينها دون غيره من صفات تُرغِّب الرجل في الزواج منها مثل المال والجمال والنسب، مع ملاحظةٍ لطيفة أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يقل: «لخُلُقها ودينها» كما قال في الرجل: «إذا جاءكم من ترضَوْن خُلُقه ودينه فزوِّجوه» فجعل الخُلُق مع الدين لضرورة تحلّي الرجل بالاثنين معاً، بينما لم يذكر سوى الدين في المرأة حتى يصبر الرجل عليها، وهذا ما تؤيِّده وصيته -صلى الله عليه وسلم- بها: «استوصوا بالنساء خيراً، فإنّ المرأة خُلِقت من ضِلع أعوج وإن أعوَج ما في الضلع أعلاه فإنْ ذهبتَ تُقيِّمه كسرته وكسره طلاقها» وفي رواية لمسلم ولن تستقيم لك على طريقة ، وفي هذا دعوة للرجل حتى يصبر على زوجته فلا يرجو كثيراً في تغيير ما جُبلت عليه.
ولو نظرت إلى معاناة رجال من زوجات غير متدينات، أو مُهْمِلات لأولادهن، وهو ما لا تعانيه في زوجتك، لوجدت أنّ معاناتك أهون، وخاصة أنها معاناة كثير من الرجال!
لهذا كله لا أؤيدك في ما رأيته من علاج - لما تعانيه من زوجتك - بالزواج من امرأة أخرى (هادئة، خَلوق، متواضعة، تقدِّرني)، وذلك لأنك لا تضمن أن تتوافر هذه الأخلاق في امرأة واحدة، إضافة إلى ما ذكرته لك من أن ما اشتكيته في زوجتك موجود في أكثر النساء، فإن لم تفخر عليك الزوجة الأخرى بشهاداتها، فقد تفخر بجمالها أو نسبها أو مالها!!
نعم لك أن تتزوج فهذا أمر لا يمنعك منه الشرع، لكني لم أؤيدك في اعتباره علاجاً لما تعانيه في زوجتك، لأن هذا قد يُغضبها أكثر، ويجعلها تزيد في افتخارها عليك وعلى زوجتك الأخرى.
ولعلك تسألني: إذن ماذا أفعل؟
المرأة تحتاج للثناء والتقدير - ولكن باعتدال - وتحتاج للكلام الطيِّب مع نصح ببيان ضرر التعصيب وخطر العُجب والتعالي، وكونها متدينةً سببٌ لتثني على تديُّنها وأنت تقول لها: أحمد الله على تدينك الذي يفتقده كثيرون في زوجاتهم، وتذكِّرها بما يقتضيه الدين من الابتعاد عن النرفزة والغضب، ووجوب التواضع والابتعاد عن العُجبِ والتعالي، لأنه خُلُق مُهلك كما أخبر المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.
وكذلك تفانيها في رعاية أبنائها وتربيتهم سبب لتُسمعها ثناءً تقول لها فيه: أشهد بأنك تحملين عني عبئاً كبيراً في حملك مسؤولياتي تجاههم مع مسؤولياتك نحوهم... وهكذا..
ولعلي لو استطعت سؤالها عما تشتكيه هي فيك لذكرتْ أموراً منها: عدم تقديرك لما تقوم هي به، وخاصة أنك أشرت إلى ذلك إشارة عاجلة (فلستُ بمعصوم).
وأشير عليك بأن تجلس معها جلسة مصارحة وأنت تحيطها بحنانك وعطفك، ثم تدعوها لتقترح عليك ما يمكن أن تفعلاه معاً لوضع حد لهذه الخلافات والنزاعات التي أتعبتكما معاً.
ولا يفوتني أن أُثني على مبادرتك الدائمة في الانسحاب من أمامها حين تحدث نزاعات بينكما أمام أطفالكما الذين يضطربون ويبكون ويصرخون، فهذا تصرف حكيم سديد، بل هو خُلُق رجل حليم رشيد.
وأرى أن تدعوها لتتفقا معاً على عدم إثارة النزاعات بينكما أمام أطفالكما، وأحسبها ستوافق على ذلك وخاصة أنها - كما ذكرت في رسالتك - تتفانى في رعايتهم.
ولا تنس الدعاء بأن يُصلحها الله لك، ويصلحك لها، ويصلح بينكما.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة