قضايا المرأة... والمؤتمرات الدولية
القرارات والتوصيات التي تصدر عن المؤتمرات التي تعقدها الأمم المتحدة حول قضايا المرأة، وما يتم مناقشته في أروقة اجتماعاتها وورش أعمالها من مفاهيم تخريبية بعيدة كل البعد عن قيمنا الإسلامية تحتاج منا إلى وقفة قوية وصارمة للتصدي لها وتوعية الأمة بخطرها... وحول هذا الموضوع، وعن دور المراكز المتخصصة بقضايا المرأة باتخاذ خطوات فاعلة للتصدي لتلك المخططات المشبوهة التي تستهدف المرأة المسلمة.. كان لنا هذا الحوار مع الدكتور فؤاد العبد الكريم، المشرف العام على «مركز باحثات» لدراسات المرأة وعلى «ملتقى المرأة السعودية... ما لها وما عليها»، ومع الدكتورة نورة العمر مديرة الفرع النسائي في مركز باحثات وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود...
مع د. فؤاد العبد الكريم...
مركز باحثات.. تعريف وإنجازات
1. «منبر الداعيات»: بداية لو تعرِّف القراء بمركز باحثات وبطبيعة عمله.
مركز باحثات لدراسات المرأة هو مركز بحثي علمي متخصص في الدِّراسات والاستشارات العلمية لمختلف قضايا المرأة، تم افتتاحه - ولله الحمد - بمدينة الرياض، بتاريخ 25 رجب 1427هـ.أنشئ هذا المركز لمواكبة مستجدات الساحة الفكرية التي تعاني من شُح المراكز البحثية عموماً، والمتخصصة في قضايا المرأة الفكرية خصوصاً.
2. «منبر الداعيات»: ما أبرز الإنجازات التي حقّقتها المؤسسات البحثية المتخصِّصة بشؤون المرأة بشكل عام ومركز باحثات بشكل خاص؟ وهل لمركزكم من إنجازات عملية تتزامن مع الدراسات النظرية وتدعمها؟
هناك إنجازات عامة مشتركة، منها استصدار البحوث، والدراسات، والعمل على النواحي التوثيقية للعلوم والمعارف والأخبار الخاصة بواقع وقضايا المرأة - إقامة مؤتمرات وندوات وملتقيات وورش عمل وحلقات نقاشية تعنى بقضايا المرأة - إقامة العشرات من المحاضرات المتعلقة بقضية المرأة في المؤسسات النسائية والصالونات الثقافية داخل وخارج المملكة - طباعة وتوزيع عشرات الآلاف من الكتب المعنية بقضايا المرأة, وهي من إنتاج المركز, وكذلك الآلاف من الأشرطة والأقراص المدمجة المرئية والصوتية - الدراسات الميدانية واستطلاعات الرأي - إنشاء مكتبة متخصصة في قضايا المرأة - تسجيل موضوعات ماجستير ودكتوراه لطالبات الدراسات العليا - إطلاق خدمة «جوال صوتها».
الحركات النسوية.. والمرجعية الفكرية
3. «منبر الداعيات»: لو تحدثنا بشكل موجز عن المرجعية الفكرية التي تقوم عليها الحركات النسوية التي تروج وتدعم المؤتمرات الخاصة بالمرأة.
هي ليست مرجعية فكرية واحدة، بل هي مرجعيات فكرية، بحسب اتجاه كل حركة على حدة، وما يرتبط بها من أهداف وممارسات. وتتفق جميعاً في كونها مستقاة من فكر غربي، مناهض للشريعة بشكل عام.
ولعل أكثرها شيوعاً وخطراً: الحركة النسوية الراديكالية الغربية المتطرفة، التي تُعرف بأنها حركة فكرية سياسية اجتماعية متعددة الأفكار والتيارات، ظهرت في أواخر الستينيات، وتسعى للتغيير الاجتماعي والثقافي، وتغيير بناء العلاقات بين الجنسين، وصولاً إلى المساواة المطلقة باعتبارها هدفاً استراتيجياً، وتتسم أفكارها بالتطرف والشذوذ، وتتبنى مبدأ الصراع بين الجنسين، بحيث يكون مقياس النجاح إلغاءَ أحدهما كيان الآخر! كما تهدف إلى تقديم قراءات جديدة عن الدين واللغة والتاريخ والثقافة والعلاقة بين الجنسين، وما إلى ذلك.
تبنّي قضايا المرأة وتصحيح المفاهيم المغلوطة
4. «منبر الداعيات»: هل من إسهامات على الأرض في مجال تصحيح المفاهيم المغلوطة في العادات والتقاليد التي من شأنها أن ترفع الظلم والحيف عن المرأة؟
الواقع أننا بدأنا بالفعل بالقيام بمثل هذه المشاريع الفكرية الموجهة لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وذلك بعقد العديد من اللقاءات والمحاضرات والدورات التدريبية والملتقيات الثقافية، التي كان آخرها ملتقى (المرأة السعودية.. ما لها وما عليها) الذي عمل المركز على تنظيمه يومَي السبت والأحد 15 و16/1/1433هـ، الموافق 10-11/12/2011م، في فندق الإنتركونتننتال – الرياض، الذي هدف - في مجمل أنشطته ِ- إلى توعية المجتمع بالعديد من القضايا المتعلقة بشؤون المرأة، خاصة في جانبها الحقوقي المرتبط - في كثير من أمره - بالعادات والتقاليد المتوارثة في المجتمع.
قضايا المرأة.. والحملات الإعلامية والإعلانية
5. «منبر الداعيات»: ما الذي يعوق تنظيم حملات إعلانية وإعلامية على درجة عالية من الحرفية تقوم بنشر القيم الإسلامية وتتصدى لهذه المؤتمرات المناهضة لها؟
غالباً ما يكون العائق مادياً، إما من جهة المؤسسات ذات الصلة، أو من جهة الشخصيات النافذة التي يُطلب منها القيام بدور الرعاية، من رجال الأعمال وغيرهم. ولعل لذلك أيضاً دوراً في الضعف المعنوي الذي تعاني منه الساحة في تنفيذ مثل تلكم المشاريع الهامة، بل الهامة جداً. وهذا ما نسعى إليه في مركز باحثات لدراسات المرأة، أن نتجاوز هذا العائق الكبير حقيقة صوب الهدف التوعوي المرجو إحداثه في المجتمع.
مع د. نورة العمر...
مراكز الأبحاث والارتقاء بوعي المرأة
1. «منبر الداعيات»: كيف تُسهم مراكز الأبحاث والمؤسسات المتخصصة بقضايا المرأة بالارتقاء بوعي المرأة المسلمة؟
لو لاحظنا مجمل التوصيات والممارسات التي تنطلق منها تلكم القوانين المنبثقة عن المؤتمرات، سنجد أنها مندرجة تحت أجندة فكرية محددة بدقة وموجهة بعناية صوب تحقيق مرادها الغربي/ التغريبي. ومن المعلوم أن أنجع الأساليب للرد على الفكر هو استخدام الفكر أيضاً؛ لذا يجب على مراكز الأبحاث والمؤسسات المتخصصة بقضايا المرأة؛ القيام بكل ما هو متاح من أنشطة وفعاليات فكرية، تتماشى مع قيم المجتمع ودينه ومبادئه، لتكوين ما يمكننا أن نسميه بالحصانة الفكرية المجتمعية.
وذلك لأننا إذا ما أسّسنا قاعدة فكرية مجتمعية رصينة، فسيمكننا - من بعد - مقابلة السياسات المرفوضة والمفروضة علينا من الخارج بما يناسبها من الأخذ أو الرد.
2. «منبر الداعيات»: هل من تعاون بينكم وبين المراكز المتخصّصة بقضايا المرأة من جهة توحيد الرؤى وتنسيق جهود المتخصصين في قضايا المرأة والأسرة والمجتمع؟
إن التعاون مع المؤسسات والجهات ذات الصلة والاهتمام المشترك يُعد هدفاً جلياً من أهداف مركز باحثات لدراسات المرأة؛ أياً ما تراوح اتجاه تلكم المؤسسات ما بين تربوي، تعليمي، شرعي، وإعلامي، سواءً أفي الداخل، أم في الخارج.
الفتاوى غير المنضبطة.. وقضايا المرأة
3 . «منبر الداعيات»: إلى أي مدى تشكّل الفتاوى غير المنضبطة بيئة مناسبة لتطبيق قرارات المؤتمرات الخاصة بالمرأة في عالمنا الإسلامي؟
الفتاوى غير المنضبطة تعمل على زعزعة الفكرة، وتحويل الثابت إلى متغيّر ومُختلَف عليه، وهو الأمر الذي قد يتسبّب في إيجاد الثغرة المناسبة «لولوج» بعض تلك القرارات، بحسب درجة مساسها بثوابت الدين أو المجتمع، والله أعلم، وهو المستعان سبحانه.
التوظيف الإيجابي لقضايا المرأة
4. «منبر الداعيات»: ما دور المؤسسات الدعوية والأهلية والتربوية والحقوقية والإعلامية... في التوظيف الإيجابي لقضايا المرأة ومعالجتها؟
لهذه المؤسسات دور عظيم، إن لم يكن لها الدور الأكبر في التوظيف الإيجابي لقضايا المرأة، ولا سيما المؤسسات الإعلامية، كونها متصدِّرة لإذاعة الرأي وتسويقه إلى أبعد مدى ممكن، خاصة في ظل ما يمثله الإعلام من حلقة وصل بين كل المؤسسات وبين الجمهور، طبعاً من دون إغفال ولا إنقاص لدور سائر المؤسسات المذكورة، فلكلِّ رسالةٍ حاملٌ ومحمولٌ إليه، وهمّةٌ مِن شأنها إيصال أو تعطيل إيصال الرسالة إلى أصحابها.
5. «منبر الداعيات»: هل من طريقة تمكِّننا من توظيف القرارات والتوصيات والقوانين التي تسنّها المؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة - سواء الإيجابي منها أو السلبي- بما يحقّق الخير لمجتمعاتنا الإسلامية؟
لا شك في ذلك، وإذا ما أدركنا أن رفض أو قبول تلكم التوصيات مبني على مخالفتها للشرع من عدمه بالدرجة الأولى، وليس لأنها صدرت عن جهة بعينها.. فهناك من التوصيات ما يمكن توجيهه الوجهة المناسبة لنا، مثل مساواة الأجور بين المرأة والرجل إذا ما تماثلت ساعات وسبل العمل في قطاع التعليم أو الطب مثلاً. وهناك ما لا يمكننا إلا رفضه جملة وتفصيلاً، مثل تحديد النسل، المساواة التامة، تسويق الجندر، وما إلى ذلك.
ختاماً نقول:
إنّ استمساك المرأة المسلمة بدينها، وإدراكها لحقوقها التي منحها إياها الإسلام، ووعيها بما يُحاك ضدها كلها أدوات رئيسة تمكِّنها من التصدي للمخطَّطات المشبوهة التي تصدر عن المؤتمرات الخاصة بالمرأة. شاكرين لضيفَينا على ما أفادانا به من معلومات، سائلين الله تبارك وتعالى أن يقيَ مجتمعاتنا شرور ما يدبّر لها في الليل والنهار.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة