أمي.. اقتربي أكثر!
لعل علاقتنا بأمهاتنا في هذه المرحلة من العمر من أكثر القضايا التي نحتاج للدردشة حولها يا غاليات.. فما رأيكن أن نبدأ؟!
على بركة الله..
استطلعت آراء بعض الفتيات وأمهاتهن حول أسباب توتر علاقة الأم ببناتها والعكس؛ فأجابت إحدى الأمهات قائلة: «الفتيات في عمر الشباب يبدأن بالتغير تدريجياً.. يتحدثن على الهاتف كثيراً، لا يتقبلن النصح من أحد، ولا يساعدن أمهاتهن في أعمال المنزل.. إننا لا نريد من فتياتنا شيئاً سوى أن يكنّ الأفضل والأحسن خُلُقاً، وأن يعُدن كما كنّ وهن صغيرات.. يستمعن لنصائحنا بكل محبة واحترام!».
ردّت ابنتها بشيء من الحدّة: «أمهاتنا يرِدْننا أسيرات في البيوت! وعديمات رأي وتفكير، يُردن حتى أن يخترن لنا لباسنا على أذواقهن الخاصة، ويوبِّخننا على كل ما نفعله مما لا يروق لهن!».
سألت عن سبب هذه التصرفات التي تبدر من الأمهات في رأيها، فصمتت برهة ثم أردفت بنبرة أقل حدة من ذي قبل وأخفضت صوتها أيضاً كأنما قد فهمت المغزى من سؤالي: «أعرف أنهن يُحببننا كثيراً ويُردن لنا الخير، ونحن كذلك نحبّهن ونتمنى لو نستطيع إرضاءهنّ.. كم أتمنى أن أكون بارّة بأمي إلا أنني أريد المزيد من الحرية».
أريد المزيد من الحرية...
كلمة معبّرة جداً استخدمتها أختنا.. ولكن هل تعني الحرية أن أفعل ما أشاء دون الأخذ برأي أمي يا ترى؟
قمت بعمل استبيان وُزّع على ما يقارب 50 أمّاً، سألتهنّ فيها عن أكثر ما يتمنّين من بناتهن فعله حتى يسَعَدن بهن ويرضين عنهن.. فأجابت 41 منهن بأنهن يُردن من فتياتهن أن يستشرنهن في قراراتهن واختياراتهن!
هل ترَيْن أخواتي؟!
نسبة كبيرة من أمهاتنا يُردن منا أن نُشعرهن بتقديرنا لآرائهن وأذواقهن..
في الحقيقة عزيزاتي.. أمهاتنا لا يضطررن لتوجيه النصائح القاسية في بعض الأحيان وتوبيخنا في أحيان أخرى، إلا لأننا لم نستشرهن في البداية فيما نريد فعله، بل إننا بعدم استشارتهن واستئذانهن نكون قد أشعرناهن بعدم اكتراثنا بهن أو رغبتنا بإرضائهن، ولذا سيكون علينا حينها تنفيذ ما يطلبن من توجيهات دون مناقشتهن حتى أو التفاهم معهن! أما إن نحن بادرنا بالاستشارة فسيشعرن بتقديرنا لهن واحترامنا لرأيهن ويخفِّفن من حدة نصحهن ويعاملننا بحنان أكثر - وهو الحنان المتأصِّل في دواخلهن تجاهنا من الأساس - بل إنهن سيسمحن لنا بإبداء آرائنا أكثر والأخذ بها في الكثير من الأوقات.. ولنعلم أنّ حماسنا الجميل لتجربة كل جديد مع حكمة وتجربة أمهاتنا العزيزات سيوصلننا لأعلى الدرجات بإذن الله..
أمي لا تحب المكالمات الهاتفية، إنها تشكّ دائماً في صديقاتي!
في الاستبيان ذاته.. طرحتُ سؤالاً آخر على الأمهات مفاده: ما أكثر تصرف يزعجك من ابنتك؟! أجابت 33 منهن بأنه كثرة الحديث على الهاتف لساعات مطوّلة!
ثقي غاليتي: خلف تجاعيد وجهها وسنوات عمرها المبارك وكِبَرها الظاهري؛ تُخفي أمك الكثير من الحاجة للاهتمام من جانبكِ أنتِ! دعيني أسألك سؤالاً: لو جلستِ في البيت وحدك مرة يوماً كاملاً، أو يومين دون إنترنت أو مكالمات هاتفية.. كيف سيكون شعورك حينها؟!
ألن تَمَلّي وتنزعجي وتضيق نفسكِ؟!
كذا هي أمك! والدك يخرج يومياً للعمل مع ساعات الصباح الأولى.. تتبعينه أنتِ وإخوتك إلى المدارس والجامعات، وتعودون بعد الظهيرة ليجلس كل منكم في غرفته ويغلق بابه عليه للدراسة أو النوم أو الحديث على الهاتف أو غيره، ألا تعتقدين الآن أن أمك تُمضي جُلّ وقتها وحيدة؟! ما من أحد تحدثه؟! أليست هي الأخرى بحاجة - كما أنتِ - لأن تحادث أحداً تبثّ له أخبارها وما حصل معها منذ الصباح؟! لذا علينا أن نعلم – غالياتي- أن رفض أمهاتنا للمكالمات الطويلة أو النوم لساعات طوال ليس دائماً بسبب عدم ثقتهن بمن نتحدث إليهن أو رغبتهن بالاستئثار بنا.. إنهن بحق يحتجن للاهتمام من قِبلَنا والجلوس معهن بعضاً من الوقت..
ما رأيكن؟
ما رأيكن - عزيزاتي- أن نتفق على تخصيص ساعة من النهار نجلس فيها مع أمهاتنا؟! نحادثهن فيها عن أي شيء: مدرستنا، صديقاتنا، أكلاتنا المفضلة، برامجنا التي نحب.. ونسمع منهنّ أيضاً ذكرياتهن وتجاربهن! ثقي أن هذه الساعة ستكون من أفضل ساعات يومك وسيكون لها - بإذن الله - الأثر الأكبر في تحسّن علاقتكِ بأمك الغالية الحنون..
ماذا عن صديقاتنا؟! نرغب أن نزورهن ونخرج معهن؟!
جلستُ مع عدد من الفتيات أسألهن عن أكثر ما يضايقهن من أمهاتهن فأجابتني كثيرات منهن أن رفض أمهاتهن السماح لهن زيارة صديقاتهن يضايقهن جداً! سألتهن إن كانت أمهاتهن يرفضن أيضاً أن يستقبلن صديقاتهن في بيوتهن فأجبنني بالنفي، وأنهن يرحِّبن بقدوم صديقاتهن إلى منازلهن..
انطلقتُ أبحث عن السبب في ذلك لدى الأمهات، فأعجبتني إجابة إحداهن حين قالت لي: «بُنيتي.. نحن نثق ببناتنا كثيراً لكننا لا نثق بالآخرين، فنحن لا نعلم إن كانت هذه الفتاة جيدة أم لا، وحتى إن كنا نعرف أنها جيدة فنحن لا نعلم إن كان أهلها كذلك»، ثم أردفت: «إننا يا ابنتي نحب فتياتنا كثيراً ونخشى عليهن من نسمات الهواء إن هبّت عليهن!
فكرة أخرى...
ما رأيكن لو نعرّف أمهاتنا على أمهات صديقاتنا ونحاول أن نصحبهن معنا في زياراتنا؟! لا بد أنّ هذا سيغير من نظرتهن! جرّبن وستجدن الفرق بإذن الله..
أخيراً غالياتي:
صدقنني أمهاتنا أقرب الناس إلينا.. لن نجد مَن يحبنا أكثر منهن، فلنحاول أن نقترب منهن ونحدثهن ونستشيرهن في أفكارنا حتى وإن كنا غير مقتنعات بها في بعض الأحيان، ولنُشعرهن باهتمامنا ورغبتنا بإسعادهن وإرضائهن، ولنكن واثقات أنهن سيقتربن منا أيضاً ويسمعننا بحب وعطف وحنان..
المزيد من مناقشة الموضوع تُتابِعْنها على صفحتنا على الفايس بوك www.facebook.com/mdaeyat
فإلى الملتقى .
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن