ثبوت حديث: «أحبِبْ حبيبكَ هوناً ما..»
من إرشادات النبوّة الاجتماعية
ثبوت حديث: «أحبِبْ حبيبكَ هوناً ما..»
بقلم: حسن قاطرجي
سألني أحد الأطباء عن الحديث التالي وقد سمعه من أحد المُحاضِرين على الإذاعة:
«أحبِبْ حبيبكَ هوناً ما عسى أن يكون بغيضَك يوماً ما، وأبغِضْ بغيضَك هوناً ما عسى أن يكون حبيبَك يوماً ما».
هذا الحديث صحيح مرفوعاً وموقوفاً، أما المرفوع الصحيح فقد رواه الإمام الترمذي – في باب ما جاء في الاقتصاد في الحُبّ والبُغْض – من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وهو أيضاً عند الإمام البخاري في كتابه "الأدب المُفْرد" والإمام البَيْهقي في كتابه: " شُعَب الإيمان". وأما الموقوف فقد صحّ عن الإمام علي رضي الله عنه ناسباً له إلى الأول – أي حكمة الأوائل – رواه عنه الإمام البخاري والبيهقي أيضاً في كتابَيْهما المذكورَيْن كما صح عن سيدنا عمر رضي الله عنه أيضاً ولكن بمعناه وليس بنفس اللفظ كما في «الأدب المفرد» للبخاري.
وقد روى الحديثَ عددٌ من الصحابة الآخرين مخرَّجةً أحاديثُهم عند الطبراني والدارقطني وابن عَدِيّ، وأكتفي بهذه الإشارة دون التفصيل لأنها كلَّها معلولة ضعيفة إلا ما ثبت من أحد الوجوه عن سيّدنا علي أخرجه الضياء المقدسي في «المختارة» - نقلاً عن الشيخ الألباني في تخريج أحاديث الحلال والحرام "غاية المرام" رقم 472 – فيُضاف إلى حديث أبي هريرة.
أما حديث أبي هريرة فالراجح فيه الصحة وإنْ ضَعَّفه الترمذيُّ نفسُه، وابن حِبّان في «الضعفاء» وحَمَل على أحد رواته – سُوَيد بن عمرو الكلبي مع أنه من رجال مسلم – حَمَلةً شديدة، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» في ترجمة سويد: أفحش ابنُ حِبّان القولَ فيه ولم يأتِ بدليل. وقال الإمام النقّاد الذهبي في «الميزان»: وأما ابن حِبّان فأسرف واجترأ. وقال الحافظ العراقي في تخريجِِهِ لأحاديث «الإحياء»: (رواه الترمذي، قلت: رجاله رجال مسلم). ولذلك قال العلاّمة المُناوي في «فيض القدير»: وقد استدرك الحافظ العراقي على التِّرمذي دعواه غَرَابتَه وضعفَه.
ومعنى الحديث كما قال الإمام ابن الأثير في جامع الأصول 550:6 (طبعة الشيخ عبد القادر أرناؤوط):
اقتصِدْ إذا أحببتَ وإذا أبغضت، فعسى أن يصير الحبيبُ بغيضاً فلا تكون قد أسرفتَ في ُحبّه فتندمَ على فِعلك، وعسى أن يكون البغيضُ حبيباً فلا تكون قد أفرطتَ في بغضه فتستحييَ منه. والله أعلم.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة