إن كان مظلوماً فلينصره
«إنْ كان مظلوماً فلينصُرْه»
هو حديث صحيح، أخرجه مسلم في صحيحه (2584)، كما رواه الإمام أحمد بن حنبل في المسند (14467) عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وهو جزء من حديث فيه قصة تقاتُل غلامين واستنصار كل واحد منهما بقومه: أحدهما بالمهاجرين، وثانيهما بالأنصار، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم مستنكراً مُغْضَباً وهو يقول: «أدعوى الجاهلية»؟!! ومن طريق أخرى أخرجها الإمام أحمد عن جابر أيضاً - المسند (14632) - وهي في الصحيحين (البخاري: 3519، ومسلم: 2584) وفيها قوله صلى الله عليه وسلّم: «دَعُوها فإنها مُنتنة»!! وللحديث شواهد عن عدد من الصحابة منهم أنس وابن عمر رضي الله عنهم.
دلالة الحديث
هذا الحديث العظيم بكلماته القليلة يوجب على المسلم أن ينصر أخاه المسلم الذي وقع عليه ظلم، ولا يجوز له أن يتفرّج عليه أو يتظاهر بأنّ الأمر لا يعنيه إن كان قادراً على نصرته بأي لون من ألوان النصرة.
ذلك أن المسلم نصيرٌ لأخيه المسلم كما قال الله عزّ وجلّ: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياءُ بعض}، ثم هو إيجابيٌّ وعمليٌّ وخيِّر فلا يجوز له إلا أن يتقدّم وينصر أخاه المظلوم خاصة إذا ثار أخوه على الظالم ليرفع الظلم عن نفسه وأهله وإخوانه المؤمنين وهذا هو شأن المؤمنين وصِفَتُهم الملازمة لهم التي سجّلها القرآن العظيم في قول الله سبحانه: {والذين إذا أصابهم البغيُ هم ينتصرون} ثم قال: {ولَمَنْ انتصَرَ بعد ظُلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} أي ليس عليهم مؤاخذة وإثم {إنما السبيل على الذين يَظْلمون الناس ويَبْغُون في الأرض بغير الحق}. فعَجَبٌ ممن يلوم الشعوب الثائرة على الظالمين ويتغافل عن الظالمين المجرمين المدانين مرتين: مرة بظلمهم الشديد وتنكيلهم بشعوبهم وعدائهم للإسلام، وأخرى بإجرامهم ووحشيتهم عندما يقمعون انتفاضة شعوبهم المطالبين بحقوقهم!
أما ألوان النصرة للمظلوم - كيما يتحقّقَ التكليف النبوي الوارد في هذا التوجيه - فهي متعددة خاصّة في عصرنا لتنوّع وسائط التواصل والتأثير على الرأي العام وعلى الظالم - خاصّة إذا كان حاكماً - لضرورة أن تكون النصرة حينئذ قوية: إعلامياً وسياسياً وإغاثياً ومالياً، وحتى جهادياً إذا اقتضى الأمر ذلك وتطلّبه الشرعُ، مثل نصرة المسلمين لإخوانهم في فلسطين ضد اليهود وللشعب السوري ضد النظام المستبدّ المجرم الذي قلّ نظيره تاريخياً في وحشيته... فاللهم انصر الثائرين المؤمنين الصادقين، وفرّج كروب المظلومين، وأغِث المعذّبين والفقراء والمجروحين، واشف يا ربّ مرضى المسلمين... آمين آمين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن