ابتدأ طلب العلم الشرعي أواخر السبعينيات بعد دراسة سنتين للطبّ في الجامعة الأمريكية في بيروت. وكان طلبه للعلم آنذاك على بعض شيوخ بيروت. ثم انتسب إلى كلية الشريعة في جامعة دمشق وأنهى سنتين فيها. ثم في عام 1404هـ (= 1984) أكمل دراسته في كلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض والتحق بقسم السُّنّة وعلومها، ودَرَس فيها 3 سنوات تخرّج بعدها حائزاً على شهادة الليسانس. وقد قرأ أثناء إقامته في السعودية على عدد من كبار علماء العالم الإسلامي من بلاد الشام ومصر والمغرب وكان ذلك فضلاً عميماً من الله سبحانه وتعالى، وحصّل على إجازات نفيسة بالرواية والدراية من مُسنِد العصر الشيخ محمد ياسين الفاداني الأندونيسي ثم المكي رحمه الله تعالى، ومن غيره من شيوخ العصر. وفي عام 1406هـ عاد إلى لبنان، ليدرِّس 7 سنوات في كلية الشريعة الإسلامية ببيروت مادَّتَيْ (مصطلح الحديث و أحاديث الأحكام)، كما درّسهما سنةً واحدة في كلية الدعوة الإسلامية. ومنذ عام 1416هـ (=1996م) تفرَّغ بعون الله لدروس العلم والتدريب الدعوي ولإدارة (جمعية الاتحاد الإسلامي)، التي تنتشر أنشطتها الدعوية والعلمية في معظم المدن اللبنانية، وقد جعلت أولى أولويّاتها وشغلها الشاغل الدعوة إلى الله وتربية جيل يحمل راية الإسلام، ومن مؤسساتها: أربعة دُور للقرآن الكريم، ومركز ثقافي لدعوة غير المسلمين إلى الإسلام، وصُندوق التكافل الإسلامي، وتصدر مجلة منبر الداعيات للمرأة والأسرة، ودار الدعوة. وشارك في برنامج (فتاوى) على الإسلام أون لاين. وبرنامج (للسائلين) على فضائية القدس. وبرنامج (من حكم الربانيين) على إذاعة الفجر). وهو عضو في رابطة أدباء الشام.
عِظَم مُصاب من خَسِر رمضان!
اللهم نضرع إليك أن لا تحرمنا أجر رمضان ... وإنْ قصّرنا فرجاؤنا أن تعامِلنا بالغفران.
فما أحرانا أن نخاف مما أخبرنا عنه الصادقُ المصدوق رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((رَغِمَ أنفُ امرئ أدرك رمضان ثم انسلخ قبل أن يُغفَرَ له)) وهو حديث حسنُ الإسناد صحيح بشواهده،فقد رواه بهذا اللفظ – من جملة حديثٍ – الإمام الترمذي في سننه: في أبواب الدعوات، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، ثم قال: وهذا حديث حسن، غريبٌ من هذا الوجه. وصححه ابن حِبّان وابن خُزيمة.
وله شواهد عن الصحابة السادة: أنس بن مالك أخرجه البزّار في مسنده ، وكعب بن عُجْرة أخرجه الحاكم في "المستدرك"، وجابر بن عبد الله أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، ومالك بن الحُوَيْرت أخرجه ابن حِبّان، وعمّار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وجابر بن سَمُرة وعبد الله بن الحارث بن جَزْء أخرج أحاديثَهم البزار في مسنده، وابن عباس أخرجه الطبراني (قال المنذري: بإسناد ليّن).
فهؤلاء عَشَرة صحابة ـرضي الله عنهم ـ وفي بعض رواياتهم جاء الحديث من كلام أمين الوحي جبرائيل وأمّن سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليه، مثل رواية كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن جبريل عَرَض لي فقال: بَعُدَ مَنْ أدرك رمضان فلم يُغْفَرْ له، فقلت: آمين))، ورواية مالك بن الحُوَيْرت: ((أتاني جبريل فقال: يا محمد، من أدرك رمضان فلم يُغْفَر له فأًبْعَدَهُ الله، فقلت: آمين)).
فوائد
الأولى: لغوية في معنى رَغِمَ أنفُه: قال العلامة الإمام المنذري: أَيْ لَصَقَ في الرَّغام وهو التراب ذُلاًّ وهواناً، كما في "الترغيب والترهيب".
الثانية: أنّ عدداً من أهل العلم عدّ الحديث من المتواتر، منهم الحافظ محمد بن جعفر الكَتّاني في "نظم المتناثرة في الخبر المتواتر".
الثالثة: هي أن الحديث فيه رجاء وتخويف: رجاءٌ في أن الصائم إذا أخلص في صيامه وعَظُم رجاؤه بربِّه في رمضان واستفاد من فرصته وتنوّع عباداته وخيراته فأقبل بهمّةٍ واجتَهَدَ في العمل لا ينسلخ رمضان إلا وقد غفر الله له وأعتقه من النار، وتخويفٌ من خسارة الفرصة وانسلاخ رمضان وقد تمعّر الذُّلّ لأنه وقع في أعظم مُصاب لخسارته الغُفران.
وقد ترجم الإمام الحافظ الفقيه ابن خُزَيمة للحديث في صحيحه بقوله: (باب استحباب الاجتهاد في العبادة في رمضان لعل الربّ عزّ وجلّ برأفته ورحمته يغفر للمجتهد قبل أن ينقضيَ الشهر ولا يُرْغَم بأنف العبد بمُضيّ رمضان قبل الغفران).
فاللهم نرجوك -وأنت ربُّنا المتفضّل بالإنعام علينا والإحسان إلينا- أن تكون قَبِلتَ منا رمضان، وغفرتَ لنا فيه يا منّان، ومننتَ علينا بالعِتْق من النيران. آمين.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن