رمضان شهر الثورة والتغيير (حوار مع الأستاذ عبيد سليمان)
رمضان ثورة على كسل النفس؛ ففي الصحيحين من حديث عائشة: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر شدّ مئزره»... رمضان ثورة على إهمال الروح كما قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تُطهرهم وتُزكيهم بها)... شهر الثورة على حب الذات والأنانية كما روى الرسول صلى الله عليه وسلم: «من فطّر صائماً كان له مثل أجره لا ينقص من أجر الصائم شيء..».. هذا هو رمضان .
في هذا الحوار لنا لقاء مع الأستاذ عبيد سليمان: حول مفهوم الثورة والتغيير في شهر رمضان.
فإلى الحوار:
1. «منبر الداعيات»: كيف نجعل من شهر رمضان نقطة انطلاقة للتغيير؟
< يقول علماء التنمية البشرية إلى أيّ عادة جديدة تحتاج أن يمارسها الإنسان من ثلاثة أسابيع إلى شهر حتى يلتزم بها، وفترة رمضان (30 يوماً) فترة مثالية جداً للالتزام بأي عادة جديدة وترك أي عادة سيئة خاصة أنّ الظروف المحيطة مهيئة لذلك، فمثلاً سوف تجد الجميع يخصِّص وقتاً لقراءة القرآن، ولصلاة القيام، وأيضاً الجميع سوف يمتنع عن التدخين في هذا الشهر، على الأقل في نهاره.
الخطوة العملية:
- تبدأ الخطوة العملية بتحديد ما تريد فعله وما لا تريد فعله، عن نفسي سوف أبدأ بالكبائر وأجعل القضاء عليها هدفاً، وأبدأ بالواجبات وأجعل الالتزام بها هدفاً أيضاً.
- على أي أساس تحدد سقف الهدف؟ إن لم تكن قد قرأت القرآن في الشهور التي سبقت رمضان، فكم يفترض أن تقرأ منه في هذا الشهر؟ أعتقد أن أفضل معيار لتحديد ذلك يعتمد على ما أنجزتَه فعلياً في رمضان العام السابق ثم تضيف عليه نصف ذلك الإنجاز...
- وفّر الاحتياجات الخاصة من أجل تحقيق الأهداف: وأهمها أداة للتذكير بأوقات الصلوات، فقد يكون برنامجاً إلكترونياً في الهاتف المتحرك أو إمساكية الصائم في الجيب، وأيضاً مكتبة رمضان الثقافية وجدول البرامج الهادفة عبر القنوات الفضائية، وأقترح أن تختار برنامجاً واحداً أو برنامجين على الأكثر.
- الاستعانة بالله أولاً وأخيراً ثمّ بالرفقة الصالحة.
2. «منبر الداعيات»: هل من شروط معينة يجب أن تتوفّر في الفرد المسلم قبل قيامه بانتفاضة من هذا النوع في هذا الشهر الكريم؟
< المقصود من الانتفاضة هنا هو إحداث ذلك التغيير الكبير في حياة الإنسان، والتغيير يعتمد على أربع ركائز هامة أسردها على شكل أسئلة:
- أين أنا؟ ما هو مستوى عباداتي؟ وما هو واقع صحتي وعلاقاتي مع الآخرين؟
- إلى أين أريد أن أصل؟ ما هو سقف الإنجاز الذي أستطيع الوصول إليه؟
- وكيف أستطيع الوصول إليه؟
وما هي العقبات التي ستواجهني وكيف أتغلب عليها؟
إن معرفة إجابات هذه الأسئلة ستساعد على إحداث التغيير المنشود في شهر رمضان بالذات. فالسؤال الأول يحتاج إلى مكاشفة صادقة مع النفس، والسؤال الثاني يحتاج إلى معرفة الإنجاز السابق الذي تحدثنا عنه، والثالث يحتاج إلى اجتهاد، بينما السؤال الأخير يحتاج إلى رأي خبير.
ولعلّ أهم العقبات هي عقبة التراخي وبالذات بعد مضي النصف من الشهر مع أن كنوز رمضان تزداد بريقاً في الأيام الأخيرة؛ لذا فإني أنصح المسلم في رمضان بتخصيص أنشطة وعبادات معينة لكل أسبوع من الشهر، كأن يجعل زيارات الأرحام وتقديم الهدايا في الأسبوع الثاني، والاعتكاف في الثالث من الشهر، وهكذا...
3. «منبر الداعيات»: كيف تُنمّى الروح القيادية في شهر رمضان المبارك؟
< من الرائع أن تبدأ بنفسك وتحقّق الإنجاز المثالي وبنسبة 100%، ولكن إذا أردت مضاعفة الإنجاز وتحقيق نجاح 200% أو 500% أو 1000% فاسعَ إلى تشكيل فريق للطاعات في رمضان: احرص أولاً أن يكونوا من بيتك أو بيت عائلتك الكبير؛ أحدهم سوف يكون مسؤولاً عن جمع الصدقات كل يوم، والثاني مسؤول عن متابعة جدول القرآن اليومي، والثالث عن إرسال رسائل أذكار وأدعية للجميع، والرابع عن إدارة خواطر رمضانية... الأمر يحتاج إلى قيادة، ومن يقود يحتاج أن يعرف الأعمال التالية: كيف يخطط؟ كيف يحفِّز ويكافئ؟ وكيف يعالج المشاكل ويبتكر الحلول؟
4. «منبر الداعيات»: رمضان فرصة لنبذ الروتين وكسر الجمود؛ كيف نستطيع استغلال هذا الأمر في تنمية ذواتنا وتطوير مهاراتنا؟
< رمضان فرصة لاتخاذ القرار الصحيح والالتزام به، وفرصة لمشاهدة النفس على حقيقتها، وأيضاً فرصة لإدارة الوقت والأولويات. وعلى المستوى الجماعي فإن رمضان فرصة لتطوير قدرات الأفراد على إدارة وقيادة النشاط الجماعي: العائلي أو الشبابي، والاعتصام بحبل الله لتحقيق الأهداف الواعدة.. وهذه من أعظم غنائم هذا الشهر
***
وبعد، علينا أن ننتهز فرصة رمضان من أجل إيقاظ نفوسنا وشحذ هممنا حتى نقوم بالتغيير المطلوب الذي يشمل الفرد والأسرة والمجتمع والأمة، ويؤدي إلى تغيير جدّي يوقظ من جديد خير أمة أخرجت للناس.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة