عن مصلحة الفرد أتحدث
رغم أن الإسلام أوجد صيغة توفيقية متوازنة بين الفرد والجماعة؛ ثمة جدلية قائمة حول مصلحة كل منهما: هل تقدّم إحداهما على الأخرى مطلقاً؟ أم الأمر متعلق بظروف وملابسات وضرورات تقدّر بقدرها فتقدّم المصلحة أو تؤخر بحسب الأولويات؟
الأصل أن لا تعارض بينهما؛ فمصلحة الفرد تصب في مصلحة الجماعة؛ وهل هي إلا مجموعة أفراد أحرار أسوياء آمنوا بمنهجها وانطلقوا لتثبيته من خلال عملهم الحركي؟ وهل تُبنى الدعوات إلا على هؤلاء؟ فكيف يستقيم أمرها إن لم توازن أي جماعة بين المصالح؟
وهنا كلام في منتهى الأهمية أسوقه: "الإسلام قدّم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة عند تساويهما في الرتبة، وأما عند عدم تساويهما في الرتبة فإنه يقدم الأَوْلى منهما مراعياً المصالح والمفاسد المترتبة على ذلك، فيقدّم فعل الأعلى مصلحة منهما ويدفع الأعظم مفسدة منهما؛ فحقق بذلك التوازن والانسجام بين حق الفرد وحق الجماعة على قاعدة عظيمة من العدل" (الموسوعة العقدية 8/ 195، الفرع الثاني: ذكر ضوابط المصلحة الشرعية).
وقبل أن أكمل أنبه إلى مسألة مهمة: عندما أسلّط الضوء على أمور تخدش نقاء "العمل الجماعي"، لا يعني أن العمل كله هكذا.. إنما "الجماعة" كالثوب الأبيض سرعان ما تظهر عليه النقطة السوداء.. ومطلوب منا أن نعجّل في تنقيته منها.. أما الخير فهو الغالب الأعم.. ولعل توضيحي لمنهجيتي منذ البداية فيه الكفاية.
وإنما الاختلاف ينشأ من سوء تقديرنا للمصلحة وأولوياتها؛ فإذا فهمنا في عملنا التنظيمي أن "مصلحة الدعوة" والمقصود هنا "جماعة ما" مقدّمة بشكل دائم غالباً؛ فقد يؤدي إلى تأثّر النفوس وفَقْد أصحابِها الدافعية للعمل تبعاً لهذا المفهوم؟! وكم خُرقت قوانين وآليات عمل وأنظمة للاعتبار نفسه؟ وكم عملنا بمبدأ "الاستنساب" القائم على "اللاقاعدة" والواقف على أرض "متحركة" بهدف تحقيق "مصلحة الجماعة"؟!
هناك اعتبارات هامة ينبغي أخذها بالاعتبار عند التعامل مع الفرد بمختلف أبعاده.. وقياساً على قاعدة: "كَسْبُ النفوس أولى من كسب المواقف" أيضاً الجماعات في العمل الحركي عليها الأخذ بهذا المبدأ شرط عدم الإضرار المحقَّق بمصلحة الجماعة؛ فإن ما نعتبره "مصلحة دعوية" ونقدمه على "مصلحة فردية" أحياناً يعود بطريقة أو بأخرى بالضرر على الجماعة.. فعندما نهمل هذا المبدأ في التعامل مع الأفراد، ثم نجد منهم بعد مرور مدة الفتورَ وعدم الانسجام والتراجع وفقدان الدافعية للعمل.. فهذا يرتدّ سلباً على الجماعة، وتفقد بذلك دعائمها ورصيدها الحقيقي، وتكون قد خسرت المصلحتين معاً!
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة