باحث أكاديمي | فلسطين
شهر فلسطيني
تخطت "انتفاضة القدس" الـ (مئة وخمسين يومًا)، بخلاف كل التوقعات التي ذهبت إلى أنها مجرد موجة عابرة لن تتجاوز أسبوعًا واحدًا، بَيْدَ أنّ الظروف الموضوعية التي نشأت عنها انتفاضة القدس كانت تفيد بأنها حلقة متصلة من سلسلة نضالية بدأت منذ تموز (يوليو) 2014م؛ حينما أقدم مستوطنون صهاينة على حرق الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير، وذلك بعد أسر ثلاثة مستوطنين صهاينة، وقد تبع ذلك حملة اعتقالات استهدفت كامل الضفة الغربية، وبموازاتها كان العدوان الأخير على قطاع غزة (حرب العصف المأكول)، وقد واكب ذلك كله هبَّة جماهيرية بدأت من مدينة القدس، واستمرت حتى انفجرت انتفاضة القدس الحالية.
بدأت انتفاضة القدس بعملية مسلحة نفذتها مجموعة تابعة لحركة حماس، ثم جاءت عملية الطعن التي نفذها الشهيد مهند الحلبي في القدس، وأدّت إلى قتل مستوطِنَين وإصابة آخرين بجروح، لتأخذ الهبَّة طابعًا مختلفًا عن كل نضالات الفلسطينيين التاريخية اتسم بالعمليات الفردية المكثفة، ولا سيما عمليات الطعن والدعس، بالإضافة إلى عمليات إطلاق النار.
• الاعتقال الإداري في الواجهة
جاء إضراب الصحفي الفلسطيني محمد القيق - والمعتقل إداريًا في سجون العدو الصهيوني - عن الطعام في سياق انتفاضة القدس؛ ليمنحها بُعدًا إضافيًا يعزّز من الحضور الشعبي والجماهيري فيها، بعدما تراجعت الفعاليات الشعبية بسبب من سياسات السلطة الفلسطينية، التي منعت الجماهير من الاشتباك مع العدو، لتقتصر الانتفاضة على العمليات الفردية، التي عجزت إزاءها المنظومة الصهيونية أو أدوات الضبط والسيطرة التي تملكها السلطة الفلسطينية.
تميّز إضراب محمد القيق، بامتناعه عن أخذ المدعمات والعلاجات طوال إضرابه؛ والذي بلغ 94 يومًا، بَيْدَ أن السمات الأهم لهذا الإضراب تمثلت في تعلقه نضاليًا بالأحداث الجارية، وتجاوزه بهذا مطلب الحرية الشخصية، وإثارته لملف الاعتقال الإداري.
• اغتيال في بلغاريا
عمر النايف، مناضل فلسطيني، ينتمي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، نفّذ عملية طعن قتلت مستوطنًا صهيونيًا في أواسط ثمانينيات القرن الماضي، دفعته للعيش مطاردًا إلى أن اعتقل عام 1986م، وحُكم عليه بالمؤبد، وقد قضى من محكوميته أربع سنوات، قبل أن يخوض إضرابًا عن الطعام؛ نقل على إثره إلى إحدى مستشفيات الضفة الغربية، الأمر الذي سهّل له الهرب من السجن، ثم خروجه متخفيًا من فلسطين.
استقر النايف أخيرًا في بلغاريا، إلى أن اغتيل في ظروف غامضة داخل السفارة الفلسطينية التي لجأ إليها؛ بعدما أبدت السلطات البلغارية تجاوبًا مع مطالب العدو الصهيوني بتسليمه.
أثارت عملية الاغتيال اتهامات للسلطة الفلسطينية بالتواطؤ أو العجز عن حماية الفلسطينيين في الخارج، وفتحت باب الأسئلة عن جدوى فتح السفارات والإنفاق عليها، بينما أثارت أسئلة أخرى حول الفصائل الفلسطينية التاريخية، ولا سيما الجبهة الشعبية، التي تراجع دورها وحجمها، وبدت عاجزة عن حماية واحد من كوادرها، بالرغم من تزلفها لنظامي القتل في سوريا ومصر.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة