لا تجعلني إرهابيًا
عندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا، وجد المشركين من قومه وعشيرته من أهل مكة، فقال لهم: ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
هذا هو الهدي النبوي مع مخالفيه ومع المشركين من أبناء جلدته هذا هو الحس العسكري والسياسي الذي تمثل في أرقى وأنبل صورته، لم يتعامل معهم بالقسوة ولا بالتشهير لأنه أراد أن يخلق جيلا عظيما، وأراد كذلك أن يوصل رسالة أنه لم يبعث قاتلًا ولا مدمرًا ولكن بعث لرفعة الإنسانية وانتشالها من الجهل والضياع، مما لا شك فيه أن تصرف النبي الكريم هو تصرف القائد الحكيم، لأنه لا يريد خلق جيل حاقد وكاره لهم، ولو كان عكس ذلك -حاشاه صلى الله عليه وسلم- لبطش بهم، وأدخلهم السجون ونكل بهم.
ومع أنهم مشركون وقتها وناصبوه العداء وآذوه في عرضه وطردوه من داره، وعندما عاد إليهم منتصرًا قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء، إذا لماذا الكثير من القادة والحكومات لا تحذو حذو نبي الأمة، لماذا تصر بعض هذه الأنظمة على خلق جيل "إرهابي"، إن الاستبداد السياسي هو أحد الوسائل التي تنشئ مجتمع يحمل فكرًا إرهابيًا ومتطرفًا.
صناعة الإرهابي والمتطرف، تقدم عليها بعض الدول من حيث لا تعلم، فإن السخط الذي يحدث في المجتمعات تجاه تصرفات وسياسات دولهم وإن كانت تعيش في رفاه ووفرة مالية، فإن كل هذا لا يمنع من نشوء أفكار متطرفة نتيجة سياسيات خاطئة من قبل الدولة، فعندما يتم التعسف مع مجموعة وفئة معينة من الشعب دون الباقي، لا شك أنها بداية زراعة التطرف، لأنك أنشأت هذا المجتمع على الكره والحقد، عندما يطبق القانون وبظلم على فئة، وتجدهم يتساهلون مع غيرهم فهنا يخرج من يكفر بكل الأنظمة والقوانين في الدولة، من يشهر به ويعرض على وسائل الإعلام لمجرد تعبيره عن رأي وإن أخطأ في الوسيلة، وبالمقابل نجد التعتيم على مجرمين ومخربين حكم القضاء عليهم بقلب نظام الحكم، وهنا تجد السلطة تقوم بحمايتهم من التشهير، أعتقد أن انفصامًا في الشخصية موجود لدى هذه السلطة، وأظن أنه من الصعب أن تقنع هذا الجيل الذي شاهد الظلم بأن يحب السلطة، فمن الطبيعي أن يكفر بها وبعملها وبإدارتها.
مما لا شك فيه أن الاستمرار بالانتقائية في ضرب المجتمع بهذه الطريقة، سيأتي يومًا ينفجر هذا الجزء المتعرض لظلم، ويصرخ بأعلى صوته " كفى ظلمًا".
المصدر : بوابة الشرق الإلكترونية
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن