فوائد مدهشة للصيام
في أواخر آذار من العام 2008 وقبل التحاقي كطالب للدكتوراه في جامعة طوكيو للطب وطب الاسنان تلقيت دعوة من الجامعة لحضور حفل تخرج للطلاب الأجانب والذي سيقام في أحد فنادق العاصمة طوكيو القريبة من الجامعة وقد ألح علي صديقي الهندي (انوب كومارAnoop Kumar) للحضور الى الحفل بصحبة زوجتي وابني من باب الترويح عن النفس وتغيير الأجواء وقد استجبت لإلحاح صديقي عالرغم من معرفتي به كونه غير لحوح وفي العادة لايحب حضور مثل هذه المناسبات!
بعد وصولي الى الحفل وجدت صديقي الهندي وقد بدى عليه القلق وهو يبادرني بالسؤال عن سبب تأخري فأبلغته أسفي ووضحت له بأني قد غيرت سكني حديثاً وقمت بصعود القطار الخطأ وإضطراري للأنتظار 20 دقيقة لوصول القطار التالي!
بعدها غادرني صديقي الهندي مهرولاً بعد أن طلب مني عدم التحرك من مكاني وإذا به يعود بعد قليل ليسألني اذا كان بأمكاني التحدث الى أستاذه (البروفيسور ميزوشيما) وعلى الفور أبلغتهُ بسعادتي وإستغرابي بنفس الوقت وبعد دقائق عاد وبصحبته البروفيسور والذي بادر بالسؤال عني وعن عائلتي وبعد السلام والتحية أبلغني البروفيسور انه عرف عن طريق صديقي الهندي ,لما سأله عن أصدقائه في الجامعة, بأني من العراق وسألني البروفيسور إن كنت مسلماً؟ فأجبته بنعم! وأتبعه بسؤال ثاني عما إذا كنت أقوم بصيام شهر رمضان؟ وأجبته بنعم!! وسؤالهُ الأخير كان "لماذا تصوم رمضان وهل تعرف هناك أي فائدة من الصيام؟" وكان جوابي إن الصيام من الجانب الديني هو للأحساس بمعاناة الفقراء ولتهذيب النفس بتجنب الشهوات وأما من الجانب الصحي فهناك قول منقول عن النبي محمد (ص) "صوموا تَصِحوا" وهنا استوقفني البروفيسور سائلا "كيف؟ كيف تصبحون بصحة جيدة؟" فأجبته "لا أعرف!" فأبتسم البروفيسور وقال مستغرباً "كيف تكونون بهذا العدد وتقومون بالصيام وأنتم لاتعرفون لماذا هو مفيد للصحة!!!" وبعدها إعتذر البوفيسور عن مواصلة الحديث لأنشغاله بأعمال في الجامعة ومتمنياً لي ولأسرتي طيب الأقامة في بلده.
ذهب صديقي الهندي ليودع أستاذه وعاد إلي مهرولاً فوددت منه أن يبلغني ماهو المغزى من تلك المقابلة!؟ فأجابني مندهشاً "ألا تعرف من هو البروفيسور ميزوشيما!؟ وماهو تخصصه!؟" فقلت له "قطعاً لا أعرف!!!" (أكيد ما نعرف لأن ملتهين بالسنه والشيعة وهذا حلال وذاك حرام وگال الحجاب وحچه النقاب والخ...) فصعقني صديقي حين أخبرني بأن هذا البروفيسور هو واحد من أربعة في العالم, إثنان من أمريكا و إثنان من اليابان, يعملون في مجال الألتهام الذاتي للخلية (Autophagy) وأذا بصديقي يسأل كيف لي أن لا أعرف عن هذا الموضوع وعلاقته بالصيام!؟ وأرشدني بالبحث والأستقصاء عن الـ(Autophagy) على أن نلتقي بعد عطلة نهاية الأسبوع.
قمت بالبحث في (ScholarGoogle) مستفيداً من حسابي الجامعي الذي يسمح لي بتصفح وتحميل معظم الأبحاث المنشورة ولم أكمل صفحتين من أحد مراجعات البروفيسور ميزوشيما حتى عرفت علاقة الـ(Autophagy) بالصيام.
فالـ(Autophagy) يتحفز عن طريق الجوع (عن الغذاء والماء) ولمدة لاتقل عن 8 ساعات وذلك بشرط ان يكون الجسم في حالة نشاط (مو نايم الى ان يضرب الطوب) وعند التحفيز يقوم الجسم بتحديد الخلايا المريضة (سرطانية او غيرها) لكي تقوم بتحليل ذاتي لنفسها فيتم التخلص من تلك الخلايا وفي نفس الوقت توفير الغذاء للخلايا السليمة في الجسم! ولتحقيق اقصى فعل من هذه العملية يجب ان تكون متكررة (تراكمية) أي بمعنى أدق مستمرة لفتره من الزمن وايضاً ان لا يتخللها عملية إعادة بناء او تدعيم للخلايا المريضة عن طريق الأفراط في الطعام الذي يحتوي على الدهون والسكريات!
بعد إنقضاء عطلة نهاية الأسبوع التقيت بصديقي وأخبرته بماحصل واذا به يعطيني الضربة القاضية عندما أخبرني بأن أستاذهُ يصوم شهر رمضان و كذلك يومين الى ثلاثة أيام في الأسبوع! فأبلغته بأن يوصل رسالة الى أستاذه مفادها أن النبي محمد (ص) كان يصوم يومي الأثنين والخميس من كل إسبوع!
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن