بكالوريوس الطب والجراحة – كلية الطب – الجامعة الأردنية
شهادة الأكاديمية الأمريكية في طب الأعشاب
من خلال ممارستي للطب لأكثر من 38 عاما كطبيب ممارس عام ورعاية صحية، ومن خلال علاقتي الوثيقة والحميمة بالمرضى حيث ينبغي للأخلاق أن تسود في التعامل الطبي قبل العلم الصرف، ومن خلال اطلاعي على خبرات الشعوب في الحضر والبوادي ومن خلال اطلاعي على التراث الطبي الإسلامي والتراث الطبي للشعوب الأخرى، تبين لي أن الطب لن يكون حكراً على رأي واحد، فهو لن يكون حكراً على الطب الصيني فقط ، ولا الهندي، ولا النبوي، ولا العلاجات الحديثة أيضاً...
فمن تعصب لطريقة وهو يجيدها فلا بأس بذلك طالما انه يعمل بإخلاص ونصيحة للمرضى، وعاين الفائدة الواضحة للمرضى بعد الشرح الوافي لهم عن فوائد ومثالب طريقته في العلاج ليقرر المريض الواعي ما يريد ..
فالشفاء كله بيد الله سبحانه وما هذه الطرق إلا وسائل قد تصيب وقد تخيب ..
والطب شطران: شطر التشخيص بوسائله المخبرية والشعاعية المختلفة وهو الأساس قبل الشروع في العلاج .. وهذا الجانب لا اختلاف فيه بين جميع الأطباء في العالم.
أما الجزء الثاني وهو طريقة العلاج فهنا تكون الوسائل المختلفة المتنوعة التي علمها الله للبشرية ..
فلا يجوز لطبيب ولا باحث الزعم بأن طريقته التي تعلمها هي الأفضل على الإطلاق فهذا ضيق أفق وقلة وعي ..
ويستطيع كل ذي عقل حصيف إدراك أن لكل طريقة نسبة نجاح لا تصل أبدا الى 100% لماذا ؟؟
لأن الاختلاف الهائل في المؤثرات على الجسم من وراثة وبيئة وغذاء ونفسية وعادات وتقاليد وأمور خارجة عن إدراكنا في أحوال كثيرة ( فما أوتينا من العلم إلا قليلا) تجعل الاستجابات تتفاوت من طريقة لأخرى ..
وقد فطن لذلك الأطباء القدامى حيث وضعوا للمشكلة الصحية الواحدة أكثر من حل بعضها حلول نفسية وسلوكية وروحانية أيضاً .. جنباً الى جنب مع العلاجات المادية المتعارف عليها بين الأطباء.
ونحن في زمان هيمنت فيه شركات الدواء العالمية التي اعتمدت تركيب الأدوية الكيماوية في الغالب والقليل منها من أصل طبيعي ..
ومن وراء ذلك تجارة لا تخفى على اللبيب، والمشكلة هي أن هذه العلاجات لا تؤدي الى شفاء في الغالب.. بل تؤدي إلى جعل المريض يتعايش مع مرضه .. بحيث يطول عمره ولكن مع كيس من الدواء لا يفارقه ..
وغالب هذه الأدوية لها آثار سلبية واضحة تزداد مع مرور الزمن ومع تكرار الاستعمال، وتشير الدراسات إلى أن معظم حالات تسمم الكبد وتليفه هي من الأدوية الحديثة ( انظر موقع FDA الامريكية بعنوان Drug-induced liver toxicity) ومهما قام البعض بتغليف الدواء بغلاف جميل اسمه الدراسات العلمية الرصينة فإنه يبقى دواء له آثار سلبية عديدة .. ولا يؤدي في غالب الأحيان الى شفاء.
ويكفينا دراسة علمية محايدة نشرت في مجلة BMJ الطبية المعروفة عام 2000 م بعنوان Epidemiology of medical error.Weingart, SN. et al. BMJ 2000;320:774-777 ( 18 March ). تبين من خلالها أن العلاجات الحديثة في أمريكا وحدها تؤدي الى 116 مليون زيارة إضافية للمرضى و76 مليون وصفة جديدة، و17 مليون دخول طواريء، و 8 مليون دخول المستشفى، و3 مليون عناية دائمة ، و 200 الف حالة وفاة، بكلفة إجمالية تصل الى 76 مليار دولار.!!
كل ذلك مقابل 100 حالة وفاة جراء تناول الأعشاب بطريقة خاطئة !!
أي ان نسبة الموتى من الأدوية والطرق العلاجية الحديثة تصل الى 2000 ضعف ما يحدث من الأعشاب!!
فأين الأمان يا أصحاب الأدوية الكيماوية؟
ولو أردت الدخول في مضاعفات الأدوية الحديثة لأصاب القراء الكرام الملل فهناك الكثير الكثير منها، ولكن اكتفي بهذه الدراسة.
ومع ذلك فإنني أقوم بوصف بعضاً من هذه العلاجات الحديثة في أحيان عديدة للضرورة وللفائدة الواضحة لهذه الأدوية في حالات تتطلب العلاج القوي السريع مثل المضادات الحيوية والكورتيزون في أحوال الحساسية الشرسة، والمسكنات في أحوال الأوجاع الشديدة وهكذا..فالمهم هي مصلحة المريض وتخفيف معاناته بأسرع وأفضل الطرق.
والطبيب الحاذق الذي يلم بمعارف عديدة آمنة وغير مكلفة وبنفس الوقت ذات فعالية عالية اثبتتها التجارب البشرية وأكدتها الدراسات الحديثة التي تنشر في مجلات محكمة مثل مجلة Ethnopharmacology وغيرها من المجلات ومراكز البحث في جميع أنحاء العالم وليس (أمريكا وبريطانيا فقط) تكون لديه خيارات أوسع يقدمها للمريض الباحث عن الشفاء بأقل التكاليف وأسهل السبل، أما من يقول للمريض ليس لك حل سوى العملية الجراحية أو ليس لك علاج إلا المسكنات أو استعمال الكورتيزون طوال عمرك أو ليس لك علاج نهائي فهو في رأيي طب ناقص .. يعبر عن ضيق أفق وحصر للعلم في خانة واحدة استثمرتها شركات الدواء العالمية أيما استغلال.
ونحن أيضاً في زمان نشعر فيه بالدونية للأسف الشديد .. فلا اعتزاز بحضارتنا ولا ثقافتنا ولا لغتنا ولا حتى ديننا ... بل تحول الاعتزاز حين التحدث باللغات الأجنبية وتقليد الأجانب والسفر إلى بلادهم ولبس ملابسهم والتعري كعريهم .. والتخلص من موروثاتنا الحضارية والفكرية بشكل عام .. وهذا الأمر ينطبق على الطب أيضاً.
ومن المؤسف جداً ألا نرى دراسات في عالمنا العربي ( إلا القليل والنادر) عما ورد في تراثنا الإسلامي العظيم من كنوز وخبرات علمية رائعة ..
بل ذهب المستغربون إلى التشكيك فيها واتهامها بالتخلف والبدائية .. ولكنهم بنفس الوقت يرحبون ويصفقون حينما يأتي بروفسور أمريكي أو بريطاني للحديث عن تراثنا الإسلامي فيشعرون بالفخر والاعتزاز .. إنه شعور الدونية أيها القراء الكرام..
وأقول أخيراً لمن يرسل التهم ويفتري علينا بما ليس فينا .. أننا أمة (إقرأ) ولسنا أمة دروشة وخزعبلات ... فمن حاول استغلال الطب النبوي وطب الأعشاب في تجارة بخسة فهو خاسر تماماً كمن استخدم طبه وشهاداته الغربية في النصب والاحتيال أيضا.
وختاماً .. كانت لي محاضرة لطلبة الطب في الجامعة الهاشمية مؤخرا .. لم أستشر ولم أطلع على عنوان مزعج وضعه الطلبة بمعنى أنني اريد نسف الطب الحديث !!َ بل كانت محاضرتي هي دعوة للتفكير بعنوان: ( هل نستطيع الاستغناء بالأعشاب عن الأدوية الحديثة؟) أردت منها النظر والتفكير ونكشة مخ للطلبة .. لا أكثر ولا غير .. ولو حضر المحاضرة من قام بالتهجم عليّ بناء على معلومات مغلوطة وصلته لما قام بهجومه .. بل لعرف مقصود رسالتي .. سامح الله الجميع .
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
بكالوريوس الطب والجراحة – كلية الطب – الجامعة الأردنية
شهادة الأكاديمية الأمريكية في طب الأعشاب
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة