الدافعية
المعلمون، الأهل، المسؤولون، دائماً نسمع منهم هذه الصرخات الأليمة:
غالباً ما يصيبنا الإحباط وخيبة الأمل، ويمتلكنا إحساس عميق بأن مجهوداتنا مع الطلاب تضيع سُدًى، ولا تسهم في نجاحهم، لا على مقاعد الدراسة، ولا في خضم الحياة.
وبالرغم من العمل الجاد وتفاني الجميع في أداء مهامهم؛ إلا أن هذه الصرخات باتت معروفة وبشدة في البيئات المدرسية ولا يسعنا هنا إلا أن نتذكّر الآية الكريمة: (إِنَّ الله لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ).
ولكن كيف سيغيِّر الطالب نفسه؟ وكيف سيحصل على هذه القوة الخفية التي ستحركه في اتجاه النجاح وتحقيق الأهداف؟
لم يعد هناك طلاب يهتمون بالدراسة أو التحصيل العلمي، وهذا ما يدفعهم بطريقة لا إرادية إلى عدم الاهتمام أو التركيز في الصف أو إلى الإهمال المستمر في الواجبات اليومية. وأمام هذه المعضلة لا بد لنا أن نطرح بعض الأسئلة: ما هو السبب الذي أوصل الطلاب إلى هذه المرحلة من الاستهتار والملل وقلة الدافعية؟
وبحسب الإحصاءات والدراسات الميدانية؛ تبيَّن أن نقص الدافعية عند الطلاب سبَبه الأهل بنسبة كبيرة جداً، هؤلاء الأهل في الوقت نفسه هم الذين يهتمون بأبنائهم ويبذلون قصارى جهدهم في تأمين كلِّ ما يحتاجه ولدهم من مأكل خاضع لمواصفات الإعلام بكافة أنواعه. وكماليات خاضعة لمعايير الماركات العالمية. وترفيه وكماليات وخدمات شخصية لا تُعدُّ ولا تُحصى، ولا ننسى تأمين المعلمين الخصوصيين بعد الظهر.
لقد وقع الأهل في مأزق كبير أودى بهم إلى الهاوية مع أولادهم، فالأب هو البنك بغض النظر عن معدّل كسْبه. والأم هي الخادمة التي عليها تقديم كل الخدمات والطلبات. فلماذا يُتعب الطالب نفسه ما دامت كل الأمور تمشي على ما يُرام؟ كل ما يشتهيه يستطيع أن يشتريه. وعندما يشعر بالملل في الصف وعدم الرغبة في التركيز مع الأستاذ سوف يأتيه الفرج بعد الظهر بشتى الوسائل. وفي بيته يرمي ثيابه في الهواء فتأتيه نظيفة مكوية، ويشير بأصبعه على لائحة المطاعم فيأتيه (الدليفري).
الحلّ هو أن يُفلس البنك المموِّل، وتتوقف الخادمة عن عملها. فيسعى الأبناء يخدمون أنفسهم بأنفسهم، أمِّنوا لهم فقط ما يُشبع بطونهم ويُدفئ أجسادهم، ودَعوهم يسعَون بأنفسهم لنَيل المعرفة. عندما يحتاجون، سوف يتحركون، ويسعَون بأنفسهم وتتحرك دوافعهم لإشباع حاجاتهم. كفانا تدليلاً، وكفانا تهميشاً لقدرات أولادنا التي وهبهم الله إياها. فالدافعية تولد من الحاجة، والحاجة هي أم الاختراع والإبداع.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة