امرأة بلا ثمن!
زوجوا بنتاهن بلا مقابل، فدفعوهن إلى رجال يتقين الله كما ارتأوا، لعلهن أمتهرن القرآن أو أمتهرن خاتمًا من ذهب، أو لعله فضة لما رخص عندهم بريق الذهب وزهدوه، فظن المجتمع بأهلهن سوءًا، أبناتهن رخيصات! كيف يأمن أهلها على من لم يدفع ويكيل ويحضر حمل بعير؟! ويحمل لها الهدايا والعطايا ويُلبسها الذهب والحرير!
نساءٌ للبيع
فأسأل أنا كيف دفعتم بناتكن لمن ملك وأعطى وأجزل وأوفى؟ والمال نسبه وخلقه! ولولاه لا أصبح له قيمة ولا نال من الاحترام قسطًا، وتركتم الدين! فلما سُألتم، أجبتم: لعلها بخلقها تهديه!
والنسب؟ لأنه أفضل من جده وأبيه! والأسرة؟ لأنه لا ذنب له فيه! والثقافة؟ شيء يعنيه!
ولا يعيبه إلا ماله، والمال يكفيه!
ألهذا زوجتم البنات ولمتم أناس لم يعرضوا بناتهن في سوق الزواج إماء!
أما إن كان مبرر طلب المال.. أن من حصل السهل زهده وأهانه!
فأسألكم هل سمعنا عن زوج لئيم أكرم زوجته لما دفعه فيها؟! أو ترك إهانتها خوفًا من أبيها، لا والله فإنها متى أصبحت عنده كان أقدر عليها من قدرة أبيها عليه، ولم يبق حائلًا لظلمه لها إلا الله وكفى به رقيبًا لمن كان يخشاه ويراقبه ويرضى به حكمًا بينهما، أما إن كانت رقابة الله عليه هينة، فلا رقابة عليه وإن كان أمر الله عليه لا يقيده! فلا قيد عادات وأوامر ومنهيات من أهل الفتاة بمجدي نفعًا، ولا رادد عنها مظلمةً، ولكل متشكك انظر إلى من ظلمت وأوذيت من رجلٍ خبيثٍ لئيم، أستغل ضعفها وقدرته عليها، أكان أهلها مفرطين في المهر والشبكة وعقد الشقة؟! لا أظن.
وإنما أظن أنهم فرطوا في دينه وخلقه وتقواه، ومن باع التقوى اشترى الفجور!
فهل كانت هذه الفتاة غالية على أهلها حينما اشترطوا ما اشترطوا؟!
تبًا لهذا ثمن لبناتهن.
فهل أُعطي ابنتي بلا ثمن؟!
أبي هي ليست سلعة لترجو لها ثمنًا، ولكن تخير لها رجلًا، فإن وجدته رجلًا، فاجعل صعوبة المنال في اختبارات رجولة وأخلاق أحسنت إعدادها، لتتأكد من صدق محبته وقصده، فإن ضيقت عليه فصبر، وإن أغضبته فتهذب، وإن خالفته فتخلق الحلم، وإن صليت وراءه فأحسن الترتيل، وإن سألت عنه أهله فأجابوا الخير، وإن نظرت لصحبه فوجدتهم يجتمعون على الطاعات، وخطواتهم لله قربات، ونظراتهم عن المحرمات مصروفات، فماذا بقي لترضي وتمنح؟! ءأنت مساوٍ هذا ببضع وريقات ترسلها يديه يمينًا ويسارًا وهي أهون ما تكون عليه، ويعرف كيف يأتي بها إن نقصت؟!
أترى أن تبيت ابنتك وهي تأكل ما يسد جوعها ويقيم صلبها مع رجل يطعمها قبل مطعمه لأنها أمانة أخذها بكلمة الله، خير؟! أم تبيت وعندها من أصناف الطعام ما لم تنل ولم تقرب لهمٍّ أصابها وإهانة أُشربتها، وكل يوم هو أهون عليها من سابقه! فهي في قيد رجل لا يتقي الله؟!
لا والله، الله خير، وشرط رسول الله في الرجال خير من شروط بالية ليس فيها من الحكمة شيء.
أريده كاملًا «وماذا لو أتى رجل بكل هذه السمات؟»
«إن حدث، فوثقيه وخذي معه صورة عالية الجودة! لأن أحدًا لن يصدق أبدًا إن مثله موجود أصلًا».
إن الأمنيات الكثيرة قد تقطعنا عن الواقع، فإن أتى بكل المميزات، فهذا والله من عظيم النعم ولكن، هل ترفض صاحب الخلق والدين لتنتظر رجلًا قد لا يأتي إلى أبد الأبدين؟!
وهل تجعل قيمة فتاتك عنده بما يدفعه؟! فماذا يفعل الرجل إذا لم يملك ما يثبت به صدق مودته؟ ترده وتردعه!
ما هكذا أمر الله، ولا يرضى بهذا رسول الله.
التباس
فهل أدفع بابنتي بين رحي الحياة، وزوج لا يقوى على قضاء الحاجات فأدفعها إلى حياة قاسية لا قبل لها بها؟
لم أعن ذلك أبدًا، إن التكافؤ أمر لا بد منه، ولكن مال التكافؤ وما نشترطه اليوم من مهر ومقدم وبيت به الكماليات؟! لماذا نزوج الفتاة على بيت هو أعلى من بيت أبيها؟! نعم إن نظرنا إلى منازلهن الجديدة قد نجد فيها ما لم يوجد في بيت أبيها من كماليات، ومغالاة في تجهيز المنازل لا أعرف لها سببًا! فلتبدأ بالأقل، بما لا يعيق الحياة التي تطيقها -وكل قدر طاقته- لا شيء في تلفاز أصغر، وثلاجة أصغر، وغسالة أصغر، وغرفة نوم واحدة متوسطة الثمن بما يطيقه أهلها وزوجها وليغينيهما الله من فضله.
سعادة حقيقية
فليست سعادتك يا أختي بمنزل رحب جديد، وإن السعادة في زوج محبٍ قريب، يعرف الله أكثر مما يعرفك، إن أحبك أكرمك وإن زهدك لم يهنك، فرقابة الله تكفيه، وكلمة اتق الله تردعه وتهديه، ويرزقك الله منه بما يشبهه في خلقه ودينه، فيبرك الأولاد لما يروا من بر أبيهم.
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
حق المرأة
«ولكن هذا حق منحه الله للمراة».
وأما في أن هذا حقك فهو حقك لا ينازعك فيه أحد، وتزويج من ترضون دينه وخلقه حق الله، فوازني بين حق الله، وحقك ولا تطغي على حق الله، فهو المنفعة الكبرى وانظري لأفضل رجل أحب بنته لمن أعطاها وما مهرها؟
أيكون أبوك محبًا لك أكثر مما أحب رسول الله فاطمة! أيكون أبوك أغير عليك من رسول الله على فاطمة لقد أعطاها عليًّا بدرع، بدرع فقط أهداه قرة عينه، وأمه «أم أبيها»، وأحب بناته إليه، وهو والله ليس بدرع، وإنما أعطاه إياه برجولته، ومهرها دينه وخلقه.
نصيحة
ثم اعقلي الأمر يا أختي وانظري إلى كرامتك وقدرك، واخرجي من تقييمات مجتمع يكيل المرأة بأزهد ثمن، غارًا إياها إنها بهذا غالية الثمن، عالية المقام، وهي قيمتها من قيمة ما ثمنت به، أترضين بالأموال ثمنًا لك؟! اجعلي ثمن الزواج بك غاليًا تباهين به أهل السماء لا أهل الأرض، واعلمي أن امرأة قديمًا جعلت مهرها الإسلام، فمتن النساء وماتت، وتبعث هي ومهرها الإسلام، وتبعثن النساء ومهرن ميراثًا زهيدًا خلفّنه وراءهن، فمُهرت ومُهرن، ولكن بينها وبينهن كما بين فضل السماء العالية على الأرض المذللة للسائرين!
المصدر : ساسة بوست
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن