طالب ثانوي مهتم بشؤون المسلمين | لبنان
عَوْلمة الإسلام
قضية العَوْلمة قضية باتت تجتاح كُتب المفكرين والكُتَّاب المعاصرين بشكل ملحوظ، وهي ظاهرة حديثة؛ عُنيتْ بمحاربة الإنسان والإنسانية بشكل عام، وبمحاربة الإسلام والروح الإسلامية بشكل خاص.
فالعولمة تهدف إلى تحويل الكون إلى قرية كونية صغيرة... تهدف إلى إتعاب الروح وإرهاق الحسِّ مقابل راحة الجسد!! ولستُ هنا بصدد تفصيل هذه الظاهرة على مستوى الإنسانية والبشرية، فإن موضوعنا يدور حول "عَوْلمة الإسلام"!! التي أفرزت بدعة كبرى اسمها "اللامذهبية" التي تحول الفقه إلى "فقْه الواقع" و"فقْه الموازنات" و"فقْه التنزيل" و"فقْه التدرُّج"، وتحض العقل الإسلامي ليبحث عن الآراء الشاذة أو المخالفة للإجماع بعيداً عن التأصيل العلمي، ليخلق فيما بعد "فقْهنة الواقع" في نظرة الدين والسياسة للمجتمع، والمتأمِّل في أحوال العلوم الإنسانية يدرك أن الدِّين والشريعة يتميزان عن سائر الأنظمة بعلم "أصول الفقه" التي وضعها سلفنا الصالح!! وهكذا صار الإسلاميُّ المتعلمن يشرْعِن الواقع فيحمل عقليةً لا تربط الجزئيات بالكليات، ولا تربط الفروع بالأصول...وباختصار أصبح ينظر نظرة قاصرة للسياسة والدين!! وهذا يخالف عقلية "أصحاب المشاريع والوعي" التي تعتمد على ربط الجزئيات بالكليات، وعلى المنهجية والمذهبية، وعلى عقلية مبنية على أصول.
وممَّا يؤكِّد هذه الظاهرة أن كثيراً من علمانيي المسلمين ينظرون إلى النص القرآني مفصولاً عن سياقه وعن سابقه ولاحقه، ولا ينظرون في سبب النزول والورود، ولا في الجانب اللغوي، ولا في العامِّ والخاصِّ والمطلق والمقيد، ولا في القواعد الأصولية والمناهج الاستنباطية؛ التي اشترط علماؤنا معرفتها ومعرفة الكثير غيرها لكي يصير العالِم مجتهداً!! وهذا ما لا يحيط به كل مَن ادَّعى الاجتهاد وحاول "فقْهَنة الواقع" في عصرنا... فالإسلاميُّ يكفيه أن تأتي بحديث صحيح لكي يقتنع معك!! بغض النظر عن قواعد التفسير والمعاني اللفظية واللغوية الدقيقة... وهذه الطريقة هي طريقة بعض صبيان الغرب الجدد أمثال عدنان إبراهيم الذي يدعو إلى مذهب اللامذهبية!! فهو وأضرابه لا يتبنَّون منهجاً واضحاً في الحديث ليعتمدوه في قبول الحديث من ردِّه... ولا في ضبط الفتاوى بالأصول والقواعد التي وضعها الأئمة الأربعة... وهذا حالهم في سائر العلوم الشرعية، حتى صار "الشيخ غوغل" و الرسائل الإعلامية عبر الواتسأب والفايسبوك بدائل عن عقل "الإسلاميين"!! فهي تفكر عنهم وتعطيهم الفتوى والفكرة مزيَّنة على طبق من ذهب!! وهذا يوضح بشِدَّة أن الإسلاميين قد تأثروا بعصر العولمة والسرعة التي خلقت مشاكل عديدة في عقلية الإسلاميين أبرزها: السطحية _ فقهنة الواقع _ فصل الكليات عن الجزئيات وغيرها الكثير...
أخيراً: إن التمسك بمذاهب الأئمة الأربعة وبأصولها مع الإقرار بأن باب الاجتهاد مفتوح بشروطه ولأهله هو عصر المسلم الذهبي، وما المحاولات التي ترمي إلى عولمة الإسلام باسم العلم إلا الخباثة التي تسعى لإفراغ كنوزه ونسف أصوله..
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة