أديبة وكاتبة | المدينة المنورة
الأنس بالله
أمٌّ وأبٌ: شمس وقمر.. يضيئان حياتنا، ويلمعان في سمائها، ويملأانها خيراً وبركة ورزقاً وسعادة وأماناً وراحة ودفئاً وحُباً وسنداً، لكنهما ليسا دائمَين.
إخوة وأخوات: كواكب.. هبة الوالدَين وأُنس وحفظة أسرار ودعم وعون ورحِم، لكن! قد نبتعد عنهم أو يبتعدون، لطلب رزق أو هجرة أو لجوء أو نهاية حياة.
ولنا أهل وأقارب وأصدقاء وجيران، فيهم من الخير ما يسرنا ويدعمنا ويؤنسنا. لكن.. ومع وجود كل هؤلاء في حياتنا، ومهما بلغ الخير فيهم، تصيبنا حالة من الفراغ والملل والكآبة والحاجة المستمرة إلى ما يؤنسنا!
هي أعراض تظهر على مَن يطلب الأنس من غير الله.
قال إبراهيم بن أدهم عن الأُنس بالله:" أنْ تنقطعَ إلى ربِّك، وتستأنِسَ إليه بقلبِك وعقلك وجميع جوارحك، حتى لا ترجُو إلَّا ربَّك، ولا تخاف إلَّا ذنبكَ، وترسخ محبته في قلبك حتى لا تُؤْثِرَ عليها شيئاً".
السؤال الآن: كيف نستطيع ذلك؟ كيف نشعر بهذه الحالة من معية الله ووجوده ومراقبته؟ كيف نشتاق إليه ونكتفي به؟ كيف نرى أنه يرانا ولا ننسى ذلك؟
• عندما تُكثِر ألسنتنا من التسبيح والحمد والاستغفار والذِّكْر ونتأمل في سبحان الله والحمد لله والله أكبر...
• عندما نصلي في الجماعات وفي الوقت، ونخشع في الركوع والقيام، ونحسن السجود ونتذلل فيه، ونتفكر فيما نقول ونقرأ، ونشعر بشدة أن الله معنا يرانا ويسمعنا ويَقْبل منا ويؤجرنا..
• ثم ألم يعلمنا رسول الله [ أن نكون مع الله في كل أحوالنا، عند الدخول والخروج، وارتداء الملابس وخلعها؟ بهذا سنجد أننا دائماً مع الله طوال يومنا.. إنه الأُنس بالله!
• لي تجربة طويلة مع الأرق، ولم يقضِ عليه إلَّا أنْ أقرأ قرآناً قبل النوم مباشرة، فتغمرني حالة من السكون والرضا وأنام! لأنه أُنسٌ بالله وكلامه!
• إذا حزنَّا أو توجعنا أو غضبنا أو أصابنا الهَمُّ وأثقلنا الدَّين؛ نلجأ لله، ندعوه ونسترحمه ونستغفره، يسمعنا ويفرح بتوبتنا، ويجيب طلبنا ويسترنا، وفوق كل ذلك نشعر بالراحة والطمأنينة، بل ويرفع درجاتنا!
• وعندما نقوم ولو بركعتين، نسكب ذلّ حاجاتنا ونشكو آلامنا ونطلب رضاه عنا، ونسأله من أجل أحبابنا ومرضانا والمسلمين..
مَن يأنس بالله يستوحش بغيره.
مَن يأنس بالله يشعر بالقوة؛ لأنه يرى الله معه.
مَن يأنس بالله يشعر بالغنى؛ لأنه يفهم تماماً أنه عبدُ الغنيّ.
مَن يأنس بالله يشتاق إلى الله، وكلما اشتاق هرول إليه طاعةً وعبادة فزهد في الدنيا، وعرف أن الدنيا حياة؛ لكنها فانية؛ والآخرة هي الحياة الباقية.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة