إفراغ مؤسسة الزواج من مضمونها
نحن في العالم العربي نسير بخطىً واثقة نحو إفراغ مؤسسة الزواج من مضمونها واختزالها في فكرة "الحرية الشخصية". عندي قناعة أن الزواج هو واجب مجتمعي وحقّ وليس سبب للتفاخر والفشخرة، أو مدعاة للحسد، أو كما يُعرض حالياً مشروع فاشل سلبياته أكثر من إيجابياته.
الزواج والإنجاب في طبيعته الأساسية هو مساهمة في تشكيل صورة المجتمع، في بناء الروابط بين فئاته المختلفة، في تدعيم الجماعات الوسيطة. وليست الفكرة أن نقوم بذلك فرداً فرداً.. الفردانية هي حالة الإنسان عند الحساب أما حاله في الحياة الدنيا فهي المزاوجة (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها) من آياته!!! لذلك لا أفهم لماذا هذا الهجوم المتواصل على فكرة الزواج والعائلة، هناك فرق كبير بين الدعوة لإصلاح مؤسسة الأسرة والدعوة إلى التخلي عنها بحجة فسادها أو وقوفها في وجه السعادة الشخصية.
المشكلة في أننا نتعامل بنفس المنطق المادي الذي يحسب كل شيء بالورقة والقلم وتقرير البنك، لو أن هذه المؤسسة الأسرية تتجلى في صورة عائد مادي سواءً للأب أو للأم لاختلفت الآراء حولها. ولكن لأن مردودها قيمي بالدرجة الأولى وليس قصير الأمد فنحن لا نرى فيها سوى مفسدة للوقت والمال وتكدير لصفو رغباتنا الشخصية.
لا تحدثوني عن الذين لا يتزوجون ويسخرون حياتهم لخدمة البشرية، بل عن من يرفض أن يعلب دوراً في مؤسسة المجتمع هذه ويسخّر موارده ووقته ليعيش حياة تتمحور حول طعامه وشرابه وثيابه وسياراته وسفرياته وما يريد أن يحصل عليه!
لا تحدثوني عن الذين لا يقدر لهم أن يكونوا جزءاً من مؤسسة مجتمعية كالزواج ولكنهم يتبنون دوراً مقابلاً في مؤسسات أخرى تعمل بميكانزم مختلف. لكن حدثوني عن الذي يرفض الزواج أو يعزف عنه ثم هو ليس جزءاً فعالاً في أي مجموعة وسيطة داخل بيئته وعلاقاته الاجتماعية تتمحور حول التجمعات الترفيهية مع الأصدقاء وخلافه.
لا تحدثوني عن الزواجات الفاشلة ولا عدم قدرة الآباء على التربية فهذا موضوع آخر، ولكن حدثني عن من يستخدم هذه الحجة حتى يعفي نفسه من المحاولة.
الموضوع متشعب والحديث فيه يطول.. ولكنها كلمات جاءت كرد فعل على آخر موضة اجتماعية نعيشها.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة