جلسة غيرة
قالت : أغار من الجميلات.
وقالت الثانية : وأنا أغار ممن يسكنون القصور الفاخرات.
أما الثالثة فقالت : غيرتي ممن تملك الذهب والمجوهرات.
ورابعة قالت : أما أنا ، فأغار ممن يعيشون في وطن.
قالت لها إحداهن وعلامات التعجب على وجهها : ممن؟ يعيشون في وطن؟
أجابت رابعة : قد كانت لي طموحات وأحلام اكتشفت أنها لن تكون أبدا
ما دمت لا أعيش في وطن . .. تتصارع الأفكار في رأسي وتتقاتل
ثم ما تلبث أن تموت واحدة تلو الأخرى لأنني لا أعيش في وطن يساعدني في تحقيقها...
أظل أحلم وأتمنى وأكتب أحلامي على أوراق ثم أمزقها لتتمزق معها أحلامي
وأتخلص منهم جميعا في أقرب سلة مهملات ..
إذا سافرت لا أعود إلى وطن كالناس ، وإذا تألمت لا أجد وطنا يداوي وجعي ويمسح دمعتي ،
وإذا أردت الفرار من أي شيء فلا وطن لي يحتويني ويؤمّنني ..
قالت واحدة: وماذا استفاد من عاشوا في الوطن من الوطن؟ الفقر والبطالة والقمع والسجن
والقتل والتعذيب والذبح؟!
قالت رابعة: وسأثور ساعتها ضد من ظنوا أنهم امتلكوا الوطن فنهبوه، وظنوا أنْ لا قيامة
ولا حساب فطغوا وتجبروا وتجاوزوا، وضد من أمعنوا في إذلال العباد؛
لأنتصر للذي صرخ موجوعاً: أنا إنسان ولست حيوان!
سأنتصر له وأنصره وأمسح دمعته وأهدئ روعه .. سأنتقم لمن قتل وذبح وشرد،
ولمن حول الآمنين إلى لاجئين مشردين ..
سأهتف الله أكبر وسـ ...
قاطعتني إحداهن: أتغارين ممن يعيشون في وطن من أجل الهتافات والخروج في مظاهرات؟
من أجل أن تخوضي معركة؟ شيء مضحك!
قالت رابعة : بل من أجل أن أتذوق نشوة النصر عند المساهمة في القضاء على الظلم والفساد..
من أجل أن أكون عاملاً فعالاً في بناء الوطن الأجمل ..
من أجل أن أكون عنصراً مهما في اختيار من يحكم وطني ..
من أجل أن أعيش والملايين معي حياة كريمة .. من أجل أن أنتصر ..
من أجل أن أكتب أحلامي على ورقة ولا أمزقها ..
من أجل قضاء حاجات المساكين والمتحمسين والطامحين ..
من أجل أن ينشغل الناس في غير تأمين لقمة العيش وكفى ..
من أجل أن أحمل راية وطني القوي العزيز الذي تهابه أمريكا وترتعد فرائص إسرائيل منه ..
من أجل ...
ضحكت إحداهن وقاطعت : رويدك رويدك .. أي وطن هذا ؟ إنه في رأسك فقط ،
في أحلامك التي تكتبين وتمزقين!
قالت رابعة منزعجة من تهكمها: ومع ذلك، سأظل أحلم بالوطن ..
فمن كان يصدق أن رئيساً هرب بمظاهرات؟ وآخر تنحى بمظاهرات؟
وثالث قتل بمظاهرات؟ وذلك الذي سرق من الأسد اسمه في طريقه إلى النهاية،
وبمظاهرات أيضاً؟!
سيصبح لي وطن أعيش فيه بمشاركتي للمتظاهرين والثائرين من مكاني في منزلي
، سأهتف معهم وأكبر وأتألم لآلامهم وأفرح بانتصاراتهم ومن مكاني في منزلي ..
إن الدور لي، لي أنا، وفرجهم فرج لي ..
انصلاح أوطانهم يصب في مصلحتي لأعيش مثلهم في وطن فلا أغار منهم ..
قالت أي واحدة ضاحكة : ربما بعد ذلك تغارين ممن يملكون الذهب والمجوهرات والملابس الكثيرة؟
أجابت رابعة : ممكن، فـ " أنا إنسان ماني حيْوان " !
جميعهن ضحكن : لا فائدة! الشعب يريد إنهاء الحوار
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن