بكالوريُس كيمياء
إخوة أم همجية
كتب بواسطة سندس الحاج
التاريخ:
فى : المقالات العامة
2039 مشاهدة
أختي وأخي؛ كلمتان لطيفتان وَدودتان، بل راقيتان بكلِّ ما تحملان من محبة وأُلفة في البيت الواحد، وكذا الاحترام الفائق والتقدير بين الأفراد على وجه العموم، فهُما لامعتان بقدر ما تعكسان الإنماء والإصلاح على الذات والمجتمع، إذ تُنعشان القلب وتُكسبانه حبَّ الحياة وإحياءها، فتُنقِّيان الفؤاد من الحسد والبغض والفتن، وتقوِّمان كلَّ اعوجاج أخلاقيٍّ كان أم ماديٍّ، وتسُدَّان كلَّ خللٍ إن أحسنَّا فهمهما وعملنا بمقتضى مضمونهما. وإنَّ التلفظ بهما لا يَنُمُّ إلا عن تربية أصيلة ذات قواعد سلوكية حميدة وأخلاق رفيعة، وعن تنشئة مثالية رائدة تستحق الحياة، وجديرة بإحياء قلوب ميِّتة مُنْهَكَة من الضَّلال واليأس.
ويبقى التساؤل قائماً في أذهاننا عمَّا إذا بات التلفظ بهما عادة، بل وسيلة للوصول إلى القلوب واستيطانها، وإفراغ كل شهوات النفس البشرية الهمجية فيها.
وإني لا أقصد تلك الحرب التي لا تزال تُشن على مخلوق أحبَّ الحياة، بل حرب على إنسان صارعه الانحلال الأخلاقي؛ غير أنه متستِّر بغطاء الدِّين فحسب.
وإني أردتُ مشاركتكم لقراءة هذه الدردشات الواقعية التي ليست من دهاء خيالي ولا من فيض محبتي للقصص والأساطير؛ بل من كيد نفوس لا تخاف الله:
• أختي في الله.. أنت ترتدين ثياباً تصِف جسدك. وبدأ بالوصف المفصِّل؛ وكأنه مصمِّمة أزياء تتحدَّث مع زبوناتها كيف يظهرن. وإني لأغار عليك كغيرتي على أختي، لذا فإني أنصحك بستر جمالك الأخَّاذ، وانتبهي لنفسك يا رعاكِ الله.
ونحن بدورنا ننصحك يا أخي الكريم بتوجيه النصيحة الصريحة عبر حديث نبوي أو آية كريمة من القرآن الكريم، أو قولٍ مأثور لأحد العلماء والفقهاء، ونرشدك لعدم الفضول في الكلام متذرِّعاً بكلمة أختي في الله، بل مستظلّاً بها، طالبين من الله أن يحفظ عليكَ دينكَ وأن يهبكَ التقوى في الكلام، لتكون داعية لا تكون النصيحة منه أو الدعوة لله أول خطوة من خطوات الشيطان، فتَهلكَ وتُهلك.
ونحيطكَ علماً _إن كنت جاهلاً أم متجاهلاً_ أن كلماتك المنتقاة مع أختك لا تمسُّ بالأخوَّة بشيء، إنما هذا غزَلٌ بيِّنٌ ليِّنٌ، قد وقع في قلبها أوَّلاً، ولربما استلذت به بتزيين الشيطان، واتخذت عرض جسدها كاستراتيجية متينة للَفت الأنظار وفتْن الشباب وانحراف الشابَّات. ولئن عهدت على أختك الحقيقية كلاماً كالنصح شكلاً لظننتَ بها ظنَّ السوء ولثارت حَمِيّتك.
• أخي في الله.. وجهك الوضّاء الذي يبشِّر بالخير تشع منه أنوار إيمانية، فلحيتك تنمُّ عن إلمامك بالسُّنة الشريفة ومحبتك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فوهبك الله الهيبة والوقار والرجولة الكاملة، وإني لأنصحك بحفِّ الشارب ليكتمل النور، وتكون عندها قد أتممت اقتداءك بأمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
هي تستدرك نصيحتها بجميل الكلام، ربَّما ليس حبّاً إنما لطفاً، كيلا تشعره بأنها تأمره أو تنتقده.
ونحن ننصحكِ باختصار الصفات والنعوت، وبثِّ رسالة فورية لعقل الشاب، ولا داعي لجبر الخواطر واستدراك النصيحة بأعذب الكلام، فلو أنَّ لذلك ضرورة لكانت الأحاديث النبوية قد تضمنت في نَصِّها ذلك.
• أختي لأني أحبك _ ليس أحبك في الله! _ ولك مكانة عالية في قلبي فصلّي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم صلاة ليصلي الله بها علينا عشراً...
وأودُّ أنْ أذكر أنَّ هذه الرسالة قد جاءت من رجل متزوج لامرأة متزوجة، غير أن زوجها عندما قرأها غضب منها ووبخها، وطالبها بتفسير كلمة أحبك، وظن أنه لو لم يكن هناك حديث مطول لما تجرأ على نصحها بهذا الأسلوب. والحقيقة هي أنَّ هذه الرسالة هي من ضمن آلاف الرسائل المرسلة للنصح لا أكثر، غير أنها الفريدة في هذه الصياغة.
لذا فيا إخوتي في الله لا تدنِّسوا كلمتَي (أخي وأختي) بسيء نياتكم وأقوالكم، فالدِّين النصيحة. عبِّروا عن إرشادكم وحرقتكم لسبيل الهداية بتراكيب تسدُّ كلَّ فجوة يستطيع الشيطان أن يتسلَّل منها، فكيف نحن ننصحهم وفي الوقت عينه نهوي بهم في مشاكل لا تُحمد عُقباها، فليكن التوجيه صريحاً وموثَّقاً من الكتاب والسنة التَّامتين الكاملتين، إذ قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).
ولنتذكَّر تصرف الرسول صلى الله عليه وسلم لمَّا جاءته امرأة تستفتيه في أمر في باب الطهارة عند النساء، فأفتاها، فلمَّا أرادت أن تستوضح أكثر في التفاصيل فهمت زوجته الكريمة حياء النبي صلى الله عليه وسلم الذي ارتسم في ملامحه وتقاسيم وجهه، وقامت هي بتفهيمها.
وحبذا لو أننا الفتيات الناشطات في ميدان الدعوة نصِل لقلوب أخواتنا ونكسب أرواحهن فيستسغن نصائحنا، وهكذا نكون قد حفظنا دور الشباب في نصح بعضهم البعض دون أن يتطرّقوا لأمورنا الخاصة، ونحن بدَورنا نكون تلقائياً قد انشغلنا بأنفسنا عن تتبُّع أوضاعهم ومشاكلهم الشخصية.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة