مبدأ ورأي
كتب بواسطة أماني جازية
التاريخ:
فى : المقالات العامة
1907 مشاهدة
يوجد تشويش كبير عند الكثيرين بين مفهومَي المبدأ والرأي، وكذلك بين الفكرة وتطبيقها، فنرى أنَّهم يرفضون فكرةً بالكامل لأنهم لا يستطيعون تطبيقها بشكلٍ ما، أو لأنَّ أحدَهم طبَّقها بشكل خاطئ. وهذا الخلط بين المفهومَين قد حرمهم من خير كثير، وجعل البعض منهم يقع في مغالطة كبيرة، إذ إنه عندما لا يتقبَّل مَن يتبنى فكرةً صائبة؛ فإنه لا يتقبَّل الفكرة نفسها، وقد يُسيء فهمه أيضاً.
يمكننا أن نشبِّه الفكرة بجذع الشجرة، والتطبيق بأغصانها، فإنْ أُصيبت إحدى هذه الأغصان بعطب أو نخر؛ فما نفعله عادة هو أن نقطع هذا الغصن فقط. أمَّا قطعُنا للجذع _لأنَّ أحد الأغصان غير صالح_ يجعلنا نخسر خيراً كثيراً.
إنَّ إعطاء أنفسنا الفرصة كي نفكِّر بالفكرة ونقلِّبها في عقلنا؛ يجعلنا نراها بعمق أكثر، وقد يؤدي ذلك إلى إيجاد وسائل جديدة لتطبيقها، أو وضعها على جدول الأعمال والأهداف المستقبلية..
والعكس صحيح، إن كانت الفكرة صحيحة وقمتم بتبنِّيها؛ فهذا لا يعني أنه بإمكانكم تطبيقها بأي طريقة كانت، بغض النظر إن كانت هذه الطريقة أخلاقية أو لا أخلاقية، ولسان حالكم يقول: الغاية تبرر الوسيلة، بل لا بدَّ من تطبيقها بشكل أخلاقي صحيح.. وهذا ما يمكننا أن نطلق عليه اسم المبدأ.
والمبادئ هي القيم التي يتصرف الإنسان على أساسها تلقائياً.. وهي التي يقيِّم الإنسان من خلالها تصرفات الآخرين، وعلى أساسها تكون ردة فعله. والمبادئ ثابتة لا تتغير، منها ما هو مرتبط بالفطرة الإنسانية السليمة مثل الصدق والعدل، فكل البشر متفقون على أهمية هذه المبادئ التي يجب أن نطبِّقها على الجميع وفي كل الظروف، وهناك مبادئ شخصية مرتبطة بكلِّ إنسان على حده.
وبشكل مشابه نجد الأهداف التي تتنوع حسب ميول الفرد أو المؤسسة أو الجماعة وتكون مرتبطة بشكل ما بالمبادئ. أمَّا الآراء فهي نتيجة التفكير والاستنتاج الذاتي وفق المعطيات والظُّروف الحالية، لذا ممكن جداً أن تتغير إذا ظهرت ظروف أو معطيات جديدة، أو جيء بدليل أقوى وأكثر شمولية، حيث لا يوجد من هو ذو رأي صائب دوماً.
من الممكن جداً أن يتفق ويجتمع الكثيرون على هدف واحد، لكن يكون لكلٍّ منهم رأي مختلف لتنفيذ هذا الهدف، عليهم في هذه الحالة أن لا يُقلِّلوا من رأي غيرهم، وأن لا يجعلوه سبباً للاختلاف بينهم، بل أن تكون قوة الهدف الواحد وتأثيره عليهم أكبر من قوَّة اختلاف الآراء.
خلاصة القول: عند اتخاذنا موقفاً، أو إطلاقنا حكماً، أو إسدائنا نُصحاً حيال سلوك أو وضع ما؛ فعلينا تحليله إلى فكرته القائم عليها، وكيفية تطبيقها ضمنه، ومن ثم نحكم على الفكرة والتطبيق بشكل منفصل.
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن