لـنـحـذر هـذا الـخـطـر الـقـاتـل!
من رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمّته وشفقته بكل مسلم من أفرادها ما ثبت عنه من هذا التحذير فيما يخصّ علاقاتهم الشخصية
فقد قال: ((إياكم والتمادُحَ، فإنّه الذَّبْح))!! رواه الإمام ابن ماجه في سننه (برقم 3743) في أبواب الأدب، باب المدح،
عن سيدنا معاوية رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:..
. وقد حَسّن إسنادَه الحافظُ البوصيري في "مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه" 254:2 (1308)،والشيخ محمد عوّامة
في تعليقه على "المصنَّف للحافظ ابن أبي شَيْبة " 394:13.
معنى الحديث وما يفيده
التمادُح: هو تبادل المدح والإطراء بين اثنين أو أكثر. والنبي صلى الله عليه وسلم يحذِّر من هذه الخصلة التي ربما أَفْضَتْ إلى إعجاب الممدوح بنفسه فيَهْلِك لقوله صلى الله عليه وسلم ـ كما في سنن الترمذي ـ
: "ثلاث من المُهلكات... وعدّ منها إعجاب المرء بنفسه"! وأخطر من الإعجاب عند سماع الثناء أن يطلب هو بنفسه الثناء وسماع المديح ويتعلّق قلبُه بذلك
... لذا حذّر الإمام الرباني الفقيه الأندلسي ابن الحدّاد من ذلك واعتبره من أعظم ما يصدّ عن الله عزّ وجلّ
لأن المسلم حينئذ تعظُمُ في قلبه شهوةُ سماع المديح والإعجاب وهي شهوةٌ تُظلم القلبَ وتُميته ـ حفظ الله قلوبنا من هذا الداء
ـ فقال: (ما صدّ عن الله عزّ وجلّ مثلُ طلب المحامد وطلب الرِّفعة) ـ أي أن يكون له منزلة ومكانة،
ولننتبه إلى أن المحذور هو الطلب والسعي لا حصول ذلك بتوفيق من الله مع زُهد القلب وعدم تعلُّقه بذلك!ـ.
وقولُه صلى الله عليه وسلم: ((فإنه الذبح)) قال العلاّمة المناوي في ((فيض القدير)) 129:3:
(لِمَا فيه من الآفة في دين المادح والممدوح، وسمّاه: ذبحاً، لأنه يُميت القلب فيخرُجُ من دينه،
وفيه ذبحٌ للممدوح فإنه يَغُرّه بأحواله ويُغريه بالعُجب والكِبْر... وهو مُهْلِكٌ كالذبح فلذلك شُبِّه به.
قال الغزاليّ: فمن صنع لك معروفاً فإنْ كان ممن يُحِب الشكر والثناء فلا تمدحه لأن قضاء حقّه أنْ لا تُقِرَّه على الظلم،
وطلبُه للشكر ظلم! وإلا فأظهِرْ شُكْره ليزداد رغبةً في الخير). انتهى كلامُه رحمه الله تعالى.
ومن أخطر وأخصب ميادين التمادح فيما أُلاحظ (الفايس بووك) في حق من يتعلق قلبه بتتبع إعجاب الآخرين به
وكتابة ذلك والتعليق على صفحته بمبالغات المديح، وهذا لا يعارض فوائدَه المهمة في الدعوة إلى الله
وفي التواصل والتعارف ونَقْل الأفكار
، في مقابل العديد من مخاطره الأمنيّة والاجتماعية بين الشباب والبنات والنفسية كهذه الآفة!
فعلى المسلم أن يراقب قلبَه ويحرص على عافيته وصحته، كما أنّ عليه أنْ لا يتسبَّب في إهلاك إخوانه وذَبْحهم وقصم ظهورهم؛
فقد سمع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أحد الناس يمدح آخر فقال له مؤنّباً: "ويحكَ! قطعتَ عُنُق صاحبك"
وفي رواية: "قصمتَ ظهرَ أخيك"،
وسمع الصحابي المشهور المقداد بن عمرو أحدَهم يمدَحُ سيدَنا عثمان ـ وعثمان هو عثمان رضي الله عنه ـ فجَثا وحثا في وجهه التراب وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ـ فيما رواه مسلم في صحيحه (برقم 2003) ـ: "
احْثُوا الترابَ في وجوه المدّاحين"!! قال الإمام النووي في ((شرح صحيح مسلم)) 126:18:
(النهيُ محمول على المجازفة في المدح والزيادة في الأوصاف، أو على من يُخَافُ عليه فتنةٌ من إعجابٍ ونحوِه إذا سمع المدح). فاللهمّ احفظ قلوبنا وقلوب أهالينا وأحبابنا يارب العالمين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن