مترجم: 9 طرق لتأديب الأطفال بلا إهانة
تصرفات الأطفال الصغار ليست مدعاة للخجل، ولا سلوكًا يستحق العقاب، بل صرخة للفت الانتباه، أو صراخ استغاثة رغبةً في النوم، أو نداء ليتبع الأبوان طرقًا أكثر حزمًا، أو لفرض حدودٍ أكثر اتساقًا. إنه الشد والجذب الناتج من اختبار أطفالنا لمقدار نمو استقلاليتهم، فهم لديهم رغبة جامحة في تجاوز الحدود، بينما يكونون في أمس الحاجة أيضًا لأن يعرفوا أنهم مُسيطرٌ عليهم بأمان. بالتأكيد لا شك في أن الأطفال بحاجة إلى الانضباط، وكما تقول «ماجدة جربر» الخبيرة في تربية الأطفال، إن «قلة انضباط الأطفال ليس من قبيل العطف، بل الإهمال».
تقول «جانيت لانسبيري»، التي تعرف نفسها بأنها ممثلة منذ الطفولة عاشت حياتها بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، إلا أنها في العشرينيات من عمرها، ووسط حياة الحفلات لفت انتباهها فلسفة «ماجدة جربر» الخبيرة في تربية الأطفال الرضع، إن فلسفة «ماجدة جربر» المتفردة جذبتها، فهي قائمة على فكرة معاملة الطفل أنه «إنسان»، وبالتالي يحتاج الوضوح، وضوحًا في الوجهة، وضوحًا في القواعد، وضوحًا في ردود الأفعال. وربما يصدم بعض المربين من تلك الفلسفة إذ تعلي من الحزم مع الأطفال، حزم بلا قسوة.
تقول «جانيت» إن سلوك الآباء والأمهات هو العامل الأساسي للانضباط الصحي والفعَّال، إذ تعد فترة الطفولة الدارجة هي الوقت المثالي لصقل مهارات الأبوة، التي تُمد أطفالنا بالقيادة النزيهة والمباشرة والرحيمة، التي سيعتمدون عليها خلال سنوات حياتهم القادمة.
إليكم بعض هذه الإرشادات:
1. ابدأ ببيئةٍ سهلة التنبؤ وتطلعات واقعية
تقول «جانيت» إن الروتين اليومي السهل التنبؤ به يساعد الطفل على ترقب وتدارك ما يتوقع منه؛ وذلك هو بداية الانضباط. يعد المنزل المكان المثالي لقضاء الأطفال الصغار والرضع معظم أوقات يومهم. بالطبع يجب أن نصطحبهم معنا أثناء أداء بعض المهام أحيانًا، إلا أننا لا يمكن أن نتوقع السلوك الأمثل من الأطفال خلال حفلات العشاء، أو خلال الأوقات الطويلة بعد الظهيرة في الأسواق التجارية، أو عندما تمتلئ أيامهم ببعض الأنشطة المجدولة الواجب إنجازها.
2. لا تَخَفْ من السلوك السيء ولا تأخذه على محمل شخصي
عندما يسيء الأطفال السلوك داخل الفصل الدراسي، عادةً ما يقلق الآباء من احتمال أن يكون أطفالهم مشاكسين أو متنمرين أو عدوانيين. وعندما يبدأ الآباء في إبداء تلك المخاوف، قد يؤدي ذلك إلى إخفاء الطفل داخليًا سلبيات شخصيته، أو على الأقل سوف يلاحظ توتر والديه، ما قد يؤدي في أغلب الأحيان إلى تعاظم السلوك السيء. فبدلًا من توصيف وإبراز سلوك الطفل، تعلم كيفية وأد ذلك السلوك في مهده من خلال المنع بالتجاهل. فإذا قذف طفلك الكرة في وجهك، حاول ألا تنزعج. فهو لا يفعل ذلك لأنه لا يحبك، ولا لأنه طفل سيء، بل إنه يطلب منك بطريقته الطفولية، أن تعرفه حدوده التي يحتاجها وربما لم يتعلمها أو يفهمها.
3. أجب طفلك في التو وبهدوء كما لو كنت رئيسًا تنفيذيًّا
تقول «جانيت»إن إيجاد الأسلوب الصحيح لإرساء حدود تصرفات الطفل قد يتطلب من الأبوين بعض التدريب. وتذكر إحدى التجارب التي جربتها مع المربين مؤخرًا إذ شجعت مجموعة من الآباء محاولة تخيل أنفسهم رؤساء تنفيذيين ناجحين، وأن أطفالهم الصغار بمثابة موظفين متميزين ذوي شأن. عادةً ما يصحح الرئيس التنفيذي أخطاء الآخرين بثقة، ويوجههم بكفاءة، فهم لا يستخدمون أسلوبًا مترددًا أو متشككًا، ولا يغضبون أو يقحمون عواطفهم في الأمر. يجب أن يشعر أطفالنا أن سلوكهم لا يثير أعصابنا، أو يتسبب في ازدواجية تطبيق القواعد الموضوعة سلفًا. إذ يجد الطفل الراحة عندما نتولى المسؤولية بسلاسة.
وتضيف أن محاضرات التأنيب، وردود الفعل العاطفية، والتوبيخ، والعقاب، في الحقيقة لا يوفر لأطفالنا الوضوح الذي يحتاجونه، بل تتسبب في الشعور بالذنب والخزي. فأن نقول ببساطة وسلاسة «لن أسمح لك بفعل ذلك. إذا رميت الكرة مرة أخرى، فسأضطر إلى أخذها منك» مع منع ذلك السلوك بأيدينا، هو أفضل رد. ولكن يجب أن يكون الرد فوريًّا. فبمجرد مرور تلك اللحظة، يكون قد فات الأوان. وعليك انتظار تكرار الأمر مرة أخرى لتقوم بذلك.
4. تحدث معه مباشرةً
هناك عادة شائعة بين الآباء والأمهات، إذ يدعون أنفسهم «ماما» و«بابا» أو بعبارة أخرى يتحدثون عن أنفسهم بضمير الغائب. تعد فترة الطفولة الدارجة هي الوقت المناسب لتغيير طريقة الحوار إلى المتحدث والمخاطب لتحقيق التواصل المباشر الأكثر صدقًا قدر الإمكان. يُقدم الأطفال الصغار على تخطي الحدود لتبين القواعد؛ فعندما تقول الأم «ماما لا تريد من إيما أن تضرب الكلب»، فهي لم تمنح طفلتها التفاعل المباشر (أنا وأنت) الذي تحتاجه.
5. لا وقت للراحة
تقول «جانيت» إنها دائمًا ما تفكر في «ماجدة جربر» حين تتساءل بلهجتها المجرية المفعمة باستنكار الجدات، «استراحة مِن ماذا؟ استراحة مِن الحياة؟».
كانت «ماجدة» مؤمنة بلغة الوضوح والصراحة بين الوالدين والطفل. لم تقتنع أبدًا بالحيل مثل «الوقت المستقطع»، خاصةً في السيطرة على سلوكيات الطفل أو عقابه. فإذا ما أساء الطفل السلوك في مكان عام، فهو عادة يعطي مؤشرًا على أنه مرهق، ويفقد السيطرة، وبحاجة إلى المغادرة. وحينها يكون حمل الطفل للسيارة والتوجه إلى المنزل، حتى وإن بدأ بالركل وبالصراخ، فهو أكثر أسلوب محترم لعلاج مثل هذه السلوكيات. يصاب الطفل في بعض الأحيان بنوبة غضب في المنزل، ويحتاج أن يؤخذ إلى غرفته لكي يثور ويبكي أمامنا، حتى يستعيد سيطرته على نفسه. وهذا لا يعد عقابًا، ولكنها استجابة بها اهتمام ورعاية.
6. العواقب
يتعلم الطفل الدارج الانضباط بشكلٍ أفضل عندما يختبر العواقب الطبيعية لسلوكه، بدلًا من عقوبة «الوقت المستقطع». فإذا ألقى الطفل الطعام، ينتهي وقت تناول الطعام له أو لها. وإذا رفض الطفل ارتداء ملابسه، فلن يذهب إلى الحديقة اليوم. يحفز رد فعل الآباء بهذه الطريقة شعور الطفل بالعدل. قد يستمر الطفل في التعامل بشكل سلبي إزاء عواقب أفعاله. إلا أنه لا يشعر بالمناورة أو بالخجل.
7. لا تؤنب طفلًا على بكائه
يحتاج الأطفال قواعد لتنظيم سلوكهم، لكن يجب أن يُسمح لهم بالتعبير عن ردود أفعالهم العاطفية الناتجة عن الحدود التي يرسيها الوالدان، بل وتشجيعهم على ذلك. قد يختلج بصدور الأطفال الدارجين مشاعر متضاربة كثيرة في بعض الأوقات. وربما يحتاج الأطفال إلى التعبير عن غضبهم، وإحباطهم، وارتباكهم، وإرهاقهم، وخيبة أملهم، خاصة إذا لم يحصلوا على ما يريدون بسبب بعض القواعد التي وضعناها. يحتاج الطفل إلى حرية التعبير عن مشاعره بأمان، بعيدًا عن إطلاق الآباء الأحكام عليه. فقد يحتاجون إلى التنفيس عن غضبهم، فإذا أراد الطفل وسادة ليضربها تنفيسًا عن غضبه، فلتمنحوهم ذلك.
8. الحب غير المشروط
تقول «جانيت» إن التخلي عن محبتنا كشكل من أشكال التأديب، يعلم الطفل أن الحب والدعم الذي نقدمه له قد تحول إلى شيء رخيص يتلاشى بسبب سوء سلوكه في لحظة ما. وتستنكر، كيف لذلك أن يعزز شعوره بالأمان؟ يكشف «ألفي كوهن» في مقالته المنشورة في صحيفة نيويورك تايمز تحت عنوان «عندما يقول الوالدان أنا أحبك، يعنيان افعل كما أقول»، أن الضرر الناتج عن هذا النوع من «الأبوة أو الأمومة المشروطة» الذي ينصح به بعض الخبراء مثل مقدم البرنامج الحواري «فيل ماكجرو»، و«جو فروست» مقدمة برنامج سوبر ناني – يسبب استياء الطفل وانعدام ثقته وبغضه لأبويه كلما كبر، بالإضافة إلى الشعور بالذنب، والخجل، وانعدام الاعتزاز بالذات.
9. لا تعاقب بالصفع أبدًا
أكثر ما يفسد كافة أنواع العلاقات المبنية على الثقة هو الصفع، كما أن الصفع هو مؤشر للسلوك العنيف. وقد أشارت مقالة في مجلة التايم، تحت عنوان «الآثار بعيدة المدى للصفع» للكاتبة «أليس بارك»، إلى ما توصلت إليه دراسة حديثة، أن «أقوى دليل حتى الآن على أن رد فعل الأطفال على الصفع، قد يجعلهم أكثر عصبيةً على المدى البعيد. ما يقرب من 2500 شاب يافع شملتهم الدراسة، كانوا يتعرضون للصفع بشكل متكرر في عمر الثالثة، أصبحوا أكثر عدوانية في عمر الخامسة».
لا يمكن أن يكون التسبب في الألم للطفل عمدًا بدافع الحب. ولكن للأسف، غالبًا ما يتعلم الطفل الربط بين الاثنين معًا.
لا يعني حبنا لأطفالنا وإبقائهم سعداء طوال الوقت، وتجنب معاناة السيطرة عليهم. فغالبًا التربية هي أن نضطر إلى فعل ما لا نرغب أو الشيء الأصعب وهو أن نقول «لا»، ونعني ذلك حقًا.
وتختتم «جانيت» مقالها قائلة إن أطفالنا يستحقون منا الاستجابة المباشرة والصريحة، حتى يتمكنوا من التمييز داخليًا بين «الصواب» و«الخطأ»، ويستطيعوا بناء انضباط ذاتي متين أصلي، ضروري لاحترام الآخرين، وكذلك يستحقون به احترام الآخرين إياهم. وكما كتبت «ماجدة جربر» في كتابها «أعزائي الآباء.. ربوا أطفالكم الرضع باحترام»، إن «الهدف هو الانضباط الداخلي، والثقة بالنفس، والاستمتاع بالتعاون».
المصدر : ساسة بوست
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة