طاقة الكذب عند الرجال

من وجهة نظري لا أجد أن أي طاقة قادرة على تسيير الحياة الزوجية تعدل طاقة الكذب عند الرجل، المذكورة في الحديث الشريف << لاَ يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلاَّ فِى ثَلاَثٍ يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا وَالْكَذِبُ فِى الْحَرْبِ وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ >>

.

.

يتقدم الفتى لخطبة من يرضاها ويجد نفسه تلقائيا يغمرها بالوعود الكاذبة: أنت أجمل إنسانة في الكون – يومي لا يحلو إلا برؤيتك وسماع صوتك – كل شيء سيكون على ما يرام لا تقلقي – أنا قادر على تدبر أموري كلها.. الخ الخ

ثم يخرج من عندها وقد شعر أن عليه دينا هو تنفيذ هذه الكذبات كي لا تكتشف! وبالفعل يبدأ في بذل الجهد والوسع لتحقيقها، مع أنه عندما تفوه بها لم يكن يعنيها حقا.. إلا أنه لا يريد أن يفقد بريق نظراتها وهي ترمقه بحب عندما كان (يهذرف) بهذا كله!

.

.

مع الوقت تقل قدرة الرجل على اختراع الكذبات المشابهة، ويلقي بالحقيقة المرة في وجه زوجته صباحا ومساء كي لا يضطر هو إلى أي عمل إضافي مترتب على ما قاله؛ فهو غير قادر على تدبير أموره، والحياة صعبة، ولا تعجبه أثوابها التي لم يشتري لها غيرها منذ عدة سنوات!

.

.

لا بأس، هذا ما يسمى بالنضج، إنما النضج أيضا أن لا تتخلى تماما عن الكذب المتعلق بالتفاؤل. لا داعي لأن تكذب بخصوص الواقع الحالي كي لا تعلق هي عليه آمالا قريبة زائفة، وتحملك ما لاتستطيع أن تحمل، إنما تحدث لها عن المستقبل السعيد الذي تعتقد في قرارة نفسك أنه لن يأتي أبدا!! دع اعتقادك لك أنت، وأخبرها كم أن الحياة ستكون اجمل بعد سنوات التعب والعناء. أخبرها عن الثياب التي ستشتريها لها وعن الذهب الذي ستعطيه لها بدلا من ذلك الذي باعته من أجل أن تسد ديونك، وعن البيت الجميل الذي ستسكنان معا فيه. صف لها الأشجار ونوعها التي ستزرعانها معا في حديقة ذلك البيت، واجعلها تسمع شقشقة العصافير في خيالها. هناك كذب عملي أيضا: أنت لا تحب أعمال المنزل والموت عندك أهون من اسكات طفلك الرضيع الذي لا يكف عن الصراخ والاستفراغ أو مسح الأرضية، لكن تظاهر بأنك تحب هذا كله وتفعله من أجلها؛ لاحظ أنه لا وعود في الموضوع يمكن أن تترتب عليها أي اعمال مستقبلية، فقط أنت تفعله كاذبا من أجلها.

.

.

قد تتساءل – وهذا حقك – ماذا ستستفيد من هذا كله.

طبعا لأن زوجتك لن تستطيع فعل شيء لمعظم مشاكلك؛ أي أنك عندما تأتي لتخبرها كم أن رئيسك بالعمل يظلمك، لن تذهب وتتشاجر معه وتحلف عليك أمامه أن تترك العمل وتجلس في البيت وستتولى هي الصرف على أمور البيت ولا تريدان هذا الذل (أي ما كنت ستفعله أنت من أجلها لو جاءت هي لتشكو لك)، فإن كل ما تحصل عليه من شكواك هو الجلوس مهمومة، وقد فقدت الرغبة في معظم أعمال البيت.

لن يكون الطعام لذيذا ولن تجد طبق الحلوى وستبقى هي على ثياب المنزل لم تغيرها من أسبوع لأنها لا تعرف أن مزاجك متعكر إذا لا داعي للعب دور البطولة هنا..

وستجدها انفجرت على أقل الأسباب وتلومك على أخطاء قمت بها قبل عدة سنوات أدت بكما إلى هذا الحال..

.

.

وهذا ما يحدث حقيقة في بيوت المتزوجين وشيئا فشيئا يعدل الرجل قدرته على الكذب لينتزع وقتا سعيدا خاصا به دون أن يشرك الأسرة كلها فيه،

فيقول أنه متعب ويريد أن يأوي إلى الفراش فقط ليجد وقتا أطول في متابعة وسائل التواصل الاجتماعي

وتتأزم الحال أكثر فأكثر..

وتشعر المرأة أنها التي تحصل على النصيب الأكبر من تعب الحياة وأنه لا أحد يقدر جهودها، وأن صبرها على حال زوجها المتعسرة لا يأتي لها بأي نتيجة، فتزداد شراسة خارجيا وانكسارا داخليا..

وكل هذا الحال يمكن تجاوزه إذا أنت بقيت لديك طاقة الكذب..

قل لها أنها جميلة وأن الأحوال ستتحسن،

وأنك ستشتري لها البيت الذي وعدتها فيه يوما وعدد لها الأشجار التي ستزرعانها

ستعود إلى البيت لتجدها العروس التي تزوجتها منذ خمسة عشر عاما لم تتغير، بروحها وشبابها وابتسامتها وبريق عينيها عندما تنظر إليك، تنتظر عودتك بترحاب وقد أعدت البيت ونفسها لك

قم وساعدها في أعمال البيت ستجد أنك ستحصل على الكثير من الوقت الجميل والسعادة الصافية معها

باختصار سعادتها الكاذبة ستنعكس عليك سعادة حقيقية

صغيرة ربما لكنها موجودة ومركزة.

.

أيها الرجل أنت بحاجة إلى هذه الطاقة دائما، كن ذكيا وحافظ عليها متجددة، من أجلك أنت أولا، قبل أي شخص آخر!