الإسراء وبيت المقدس
تمر بالأمة الإسلامية هذه الأيام - ٢٧ من رجب - ذكرى حادثة الإسراء والمعراج، هذه الحادثة التي أُسري فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عُرِج به إلى السماوات العلا إلى أن وصل إلى سدرة المنتهى.
لن أتحدث عنها بتفاصيلها، فكتب السيرة مليئة بالحديث عن ذلك، لكن من وجهة نظري أرى أن من الواجب أن نقف على أهم الدروس والعبر التي تضمنتها.
نلمح من حادثة الإسراء إحدى سنن الله في الكون وهي تعرض أصحاب الدعوات الصادقة إلى المعارضة من الأوساط التي يسعون لإصلاحها، وقد ينتقل المعارضون للإصلاحات من التعدي اللفظي إلى الأذى النفسي والمادي، وقد سبق حادثة الإسراء تعرض الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الأذى من أهل الطائف الذين كذّبوا دعوته وأدموا قدميه الشريفتين، والواجب على المصلحين الصبر والثبات.
ومن دروس الحادثة أهمية الثقة بنصرة الله لأهل الحق، والتي تمثلت بإرسال الله تعالى ملك الجبال كي يُهلك القرية التي آذت النبي صلى الله عليه وسلم إن هو أراد ذلك، ثم نصرة الله تعالى لنبيه بعد العودة من رحلة الإسراء حينما طلب المشركون من الرسول أن يصف لهم بيت المقدس حتى يثبت صدق رحلته، فجلّى الله تعالى بيت المقدس أمام نبينا عليه الصلاة والسلام فوصفه بأدق التفاصيل.
من أبرز الأمور التي تلفت الانتباه بحادثة الإسراء هي حكمة الانتقال إلى المسجد الأقصى ثم العروج إلى السماوات العلا، ولماذا لم يكن المعراج مباشرة من مكة.
ولعل من الأسباب والحكم هي بيان سيادة هذه الأمة على غيرها من الأمم، حيث صلّى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في بيت المقدس إماما بالأنبياء.
ولعل فيها لفت انتباه المسلمين إلى مكانة الأقصى، والذي هو أولى القبلتين وثالث مسجد تشد له الرحال، وهو ملتقى الصراع بين المسلمين وغيرهم من الديانات حيث خاض المسلمون بعض حروبهم مع اليهود والنصارى من أجل السيطرة على هذه البقعة المباركة.
ولعل من الحكم التأكيد على أهمية نصرة أهل هذه الأرض المباركة، التي أخبر رسولنا عليه الصلاة والسلام عن وجود الطائفة المنصورة فيها بقوله: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" فقالوا: أين هم يا رسول الله؟ قال: "في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس".
ومن هنا كان لابد على المسلمين قاطبة - كل بحسب موقعه واستطاعته - أن يمد يد العون لأهل فلسطين والذين هم رأس الحربة في مقارعة اليهود.
وأن ينصروهم بجميع السبل - المادية والمعنوية - حتى يحقق الله نصره، ويتم طرد الصهاينة من كل أرض فلسطين.
لقد ناصر "مطعم بن عدي" - وهو كافر - النبي عليه الصلاة والسلام وأدخله في جواره وجعله في حمايته، بعد عودته من الطائف، حتى يتمكن من دخول مكة دون أن يؤذيه أحدٌ من المشركين - وكان هذا قبل حادثة الإسراء - فإذا كان هذا فعل الكافر، أليس من الأولى أن يقوم المسلمون بواجب النصرة تجاه إخوانهم في الدين والعقيدة؟
حادثة الإسراء والمعراج مليئة بالدروس والعبر، فلنتأملها ولنسعى في نشرها
المصدر : بوابة الشرق الإلكترونية
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن