رمضان يا تاج الشهور
الأرض تسأل و الســمــــــــــــاءُ تـجيــبُ
وبعيــــــدُ آمال الفـــــــــــــــؤادِ قـــــريبُ
ولكلِّ ســــــاعٍ في الـحيــــــــــاةِ نصيـبـهُ
ولـــــكلِّ قـــــلبٍ من هـــــواه نصــــــيبُ
أملي بــرب العــــــــالـميـــــنَ وصلْـــــتهُ
ولهُ رفــــــــــــــــعتْ يدي ، فكيف أخيــبُ
أيـخيــب ظــــــــن الـمستجـــير بـمن له
تعنــو الوجوهُ ، ومن إليــــــــهِ نـــؤوبُ
هذي مواســمنا ســـــــــحائب رحـمــــةٍ
في كلِّ وجـــــــــــــدانٍ ، لها شؤبـــوبُ
هــذي مواســـــــــمنا تضيء نفـــــوسنا
وبـها يزول عن الوجــــــــــوه شــــحوبُ
هذا هو الشهر الكريــــم ، أما تـــــــرى
كيف ازدهى ثـمـــــرٌ ، ودرَّ حلــــــــــيب
رمضان يا تاج الشهور ، قصــــــــائدي
شوقٌ إليـــــــكَ ، ولـحنـــــــــها ترحيبُ
هربت إليك من انكـــــــــسـار حـروفها
ولربَّمـا كشـــــــــف البــــــــلاء هــروبُ
شذَّبتــــــــــــها حتَّى أتتـــكَ مليـــــــحةً
إنَّ الغصـــــــــونَ يَزِينـها التشـــــــذيبُ
من مـهبــــط الوحي الـمبينِ بعثتُـــــها
كبــــــلابل يـحـــــلو لها التـــــــــطريبُ
حـمــلتكَ يا رمـــضانُ في وجــدانـــها
حــــــــبَّاً يطيــــــب لها بــــــه التشبيبُ
ما أنتَ إلاَّ نبــــــــعُ خيـــــــرٍ تـرتـوي
من مائهِ العذب النـمـــــير قــــــــلوبُ
أحييـــتَ بـــدْراً في مشــــاعـــــر أمَّتي
فالـخيل تصــــــهل و الثرى مـخضوبُ
ونبيــــــــــنا فتـــــح الـمدى بدعــــائِهِ
ووقـــــوفهُ تـحـــت العريـــش مـــهيبُ
ومن العريش يفـــــــوح مسك دعــائِهِ
يا ربِّ نـــــــصركَ فالـمــــقامُ رهــــيب
أحييـت ذكرى النصـر فيــها بعــــــدما
ضـمَّ الطُّـــــــغاة الـجـــائـرينَ قلــــيبُ
بكَ أيُّـــها الشهــر الكريم ، حيـــــاتنا
تصـــفو برغـم جراحــــنا، وتطيــــــبُ
أقبلتَ كالغيث الذي هـــــــشَّ الثـــرى
فرحاً بهِ ، فالــــرَّوض منــــه خصيبُ
أقبلـــتَ كالنبـــع الذي يـهــــــــفو له
شـــجرُ ، وتلثــــمُ راحتــيهِ سُــهُوبُ
ما أنت إلاَّ واحــــــــةُ من دينــــــنــا
فيـــــها مـجال للعـــــــــــطاءِ رحيبُ
هو ديننـــا تـرقى شــــعائره بنـــــا
وبه يســـــرُّ الـخــــــائف الـمكروبُ
يسري الأذانُ إلى القلــــوب كمـا سرى
حلـــم إلى نفس الـمحــــــــــبِّ عـجيبُ
وصلاتنــا تســـــــــــمو بـها أرواحنــــا
وبـتــها إلى رشـــد الـحيـــــــــــاة نثوبُ
رمضانُ ، يا تاج الشهـــــور ، عيوننـا
تـرنو إليــــكَ ودمعــــــــــــــهنَّ صبيب
وخنادق الـمأســـــــاةِ تـحــــــفـر حولنا
و الـحافــران الظـــلـم و التخـــــــــــريبُ
أقبــــلتَ يا رمضـــــــان ، والأقصى بلا
أمـــــــنٍ ، وقــدس الفاتـحــــينَ سليـبُ
و معـــــــاول التـــــهويد لم يـهـــــدأ لها
بالٌ ، وراويـــــــــة اليـهـــــــــودِ كذوبُ
مازال يـــروي كلَّ يــــــــــــومٍ قصَّـــــةً
وجـــه الـحقيقة عنــــــــدها مقــــــلوبُ
رمـــضانُ جئتَ و لليـــــــــهـــودِ حكايةٌ
تاريـخـــــــــــــها بدمــــائنــا مكتــــوبُ
هــــــذي مدافعــــهم تلــــــــــوك بيوتنا
و الـموت في طَلَــــــــقاتـها مســـــكوبُ
وتـمـــــــــرُّ فوق الطــــــفل دبَّـــاباتـــهم
تـمشي على أشــــــلائـــــــهِ وتـجـــوبُ
ما هبَّ إعصار الضــــــــــلال بساحِــــهِ
إلاَّ وكانَ لـهــــــم إليــــــــــهِ هبــــــــوب
فالغـــــدر مكـــــــــتوب على أوراقــــهم
و الصــــدق من أوراقــــــــــهم مشطـوبُ
هـم والسلامُ مُنـــــــاقضٌ ونقــــــــــيضهُ
فسلامُ شُـــــذَّاذ اليــــهودِ حُــــــــــــروبُ
أقبلتَ يا تاج الشـــــــهور وأمَّتـــــــــــي
في وجـهـــــــها مـــــــمَّا رأتهُ نُـــــدوبُ
سُرقــــتْ عبـــــاءتـها و مُــــزق ثوبـها
وجــــــدار منـزلها الـحـــــزين ثــــقــوبُ
نامتْ وما نامتْ على وهـــــــــــج الأسى
و النـــــوم في وهـج الأسى تعـــــــــــذيبُ
كـم أسـرة في القدس لوَّعــها الأســـــــى
و الـجـمــــر بين ضلوعــــها مشـــــــبوب
كـم طفــــــــلةٍ لعب الرصاص بوجـهـــها
فـجبـــــــــينـها بدمــــــــائـها مـخضــــوبُ
كـم في ربى الشـــــــــــــيشان من طفل بلا
أمٍّ ، وأمٍّ رأســــــــــــــــــــــها معـــــــصوبُ
كـم مـنــــــــــــزلٍ يبكي عــــلى أنقـــــاضهِ
للريــــــــــــحِ فــــــــوق ركامــهِ تطـــــنيبُ
يــــــــــــبكي وآلاف القــــــذائف حـــــولهُ
وقد احتوى نــــــــــبع الـحيــــاة نضــــوبُ
كـم مســـجد أضـحى ركــــــــــاما وانتـهى
صوت الـمــؤذن فـــــــــــــيه و التثــــويبُ
و العالـم الغـــــــــــربي مقـــــــلوب الرؤى
يســــري لنــــــــا بـوعـــــودهِ عـــــرقوبُ
أبــــــــــواقهُ كذبتْ فـمـا نـصرتْ لـــــــنا
حقَّاً ، وهل يـــــرعى الـحــقوق كــــذوبُ
أوَّاهُ يا رمــــــضـــــان من قـــومٍ ، لـهــم
خُلُـــقٌ ، يليـــق بـمثــــــــــله التأديـــــــبُ
شربـوا كؤوس الوهـــــــــــم حتَّى ملــــهم
كأسٌ ، وضـــــــــــاق بكأسه الـمشــــروبُ
أوَّاهُ يا رمضــــــان يا شهـــــــر الهـــــدى
كـم نشـــــــتــــكي مـمـَّا جـنـى التغـــــريبُ
كـم نشتكي مـمَّن يبـيــــــع يقـــــــينــــــهُ
وبه تشــــــــــذُّ عن النــجــــــــــــاة دُرُوبُ
أبـــــــــناء جـــــــــلدتنا وأهــــــل لساننـا
كتبـــوا حــــــروفاً ما لـــــــــها تصــــويبُ
حـملوا وبئس الحـملُ فـــــــــكر عدوِّهــــم
فأتى كطـــــــــــــــفلٍ ضـمَّـهُ أنبـــــــــــوبُ
باعــوا عيونـهم البصيــــــرة ، مثـــــلمـا
باع البصيــــــــرة بالعــــــــمى الـحُـــلْبوبُ
إنِّي أقـــــــــــولُ لـمـــن يـحــــــدِّث نفسهُ
وحديث بعـــض الواهـمـــــــــــين مُريبُ :
يا سائـل الـمجـــــــــد التليـــــد عن الذي
يـجــــــري وكيف أصـــــــــابك التـــذويبُ
سلْ نفسكَ العـطـــــــشى إلى أوهــــامـها
ما بالها حـــــــول الضـــــــــــلال تلُـــوبُ
أنا لا ألـــــــوم الـمعــــتــدين ، وإنَّــــمـا
لومي علــــــــيـــــك لأنك الـمطـــــــلوبُ
ألقيت كنزكَ خلف ظــــهرك فالتـــــــقى
لصٌّ عليـــــــــهِ ونـجـــــمةٌ وصلــــــيبُ
أتلوم من يـحــــظى بكـــــــنزكَ ، بعدما
فرطـــــتْ فيه وتشتــــــــكي و تعيـــــبُ
كلٌّ يـريـــــــــدُ لنفــــسهِ ما تشــــــتـهي
و الـخاســر الـمتــــذبــــــــــذب الـمغلوبُ
رمضان يا تاج الشـهور ، يدي على
قلمي ، وحولي من نـــــداه هضيبُ
انظر إلى الطفل الذي رسم الـمدى
حـجراً ، بجذوتهِ الصقـــــيع يــذوبُ
انظــــــــر إلى عينيه و اقـرأ فيـهمـا
عــــزماً ، به سهــــم الإبـــاءِ يصيـبُ
هذا الفــــدائيُّ الصغـــير ، بطــــولةٌ
تـمشــي ، وفــارسُ أمَّتي الـموهوبُ
إنِّي أقول له ، ووجــــــــه قصيدتي
طلقٌ ، ووجــــه الحاقدين عـضوبُ
صبراً أخا الإسلام سوف ترى غداً
رفع البـــــــلاء ، كـمـا رأى أيـــوبُ
ولسوف تمحو الحزن عنك،كمـا محا
بلــــــقاء يوســـــف حــــزنهُ يعقوبُ
لا تبتئس فالشمس تشـــــرق بعدما
يلقي الزمــــام إلى الظلامِ غُــــــروبُ
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن