لم يعد يؤمن بالله
قبل ١٢ عام وجدت ابني ( ٥ سنوات ) في كيس زبالة مقتولا و مشوها و مُغتصبا ، يومها قررت أن لا أؤمن بالله لأني لو آمنت به لكرهته لسماحه بحدوث هذا الشئ فقررت ان لا أعترف به أصلاً .
سؤالي : ما سبب إيمانك أنت وأهل فلسطين و سوريا بـ"رب" سمح لكل هذا أن يحدث لكم بدون التمسح بباب الابتلاء و الصبر على القضاء و القدر ؟
ثانيا : الابتلاء سنة كونية حدثت مع من هم أعظم منا ومنك ووقعت مع النبي صلى الله عليه وسلم في البداية .. واليقين الذي لدينا أن أشد الناس بلاءًا بعد الأنبياء هم الناس الأصلح والأفضل وأحسب بذلك أنك كنت على صلاح وخير .
ثالثا : ثم هل تبحث عن حياة مثالية أفلاطونية لا ضرر ولا بلاء فيها!؟ وهل تستوي حياة كهذه؟! وعلاما ستسحق الجنة في النهاية خالداً مخلداً فيها بعد عمر قصير لن يتعدى 60-70 عام ؟
اقسم لك بأن حياتك لو صورت في السينما فستكون مملة وستكون نقطة الإثارة فيها فقط وفاة ابنك رحمه الله .. ولله المثل الأعلى .. الحياة لدينا لا تستقيم بلا ابتلاء وتمحيص .. وقد كرر الله ذلك مرارا في القران .. قبل أن يموت ولدك وانت تقرأ قوله "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون" وغيرها من الآيات .. كنت تقرأ هذه الآية .. رسالة من رب العالمين أنك ستتعرض للابتلاء ولا تتوقع أن تكون بمنجى عن البلاء طالما ادعيت انك مؤمنة راضية بقضاء الله وقدره ، عظم البلاء مرتبط بعظم الجزاء .
رابعا : عقيدتنا تقول أن ابنك الان طير من طيور الجنة يسرح فيها حيث يشاء وأن غضب الله ولعنته على قاتله إلى يوم الدين وأن القاتل كما اغتصب وشوه فسيتعرض في دنياه لعقاب قبل عذاب الآخرة.. بينما عقيدتك بعد كفرك بالله تقول أن ابنك الان عبارة عن تراب بعد أن بليت عظامه .. وأن قاتله فر من العقوبة وأمن منها .. وأن لا جزاء للقاتل .
أيهما أفضل يا ترى!؟
كم تعرضوا قبل للفتن والمحن .. وكم ثبت الله أفئدة وخلع ثياب الإيمان عن أخرى .. وأسأل الله أن يدخل في قلبك السكينة واليقين والإيمان الراسخ بأن ابنك في الجنة خالداً فيها ابداً وأن ما جرى لك ابتلاء كما ابتلي الآلاف غيرك بفقد الولد والأحبة .. هناك نسوة ربت أولادها على أعينها .. لعشرين عام وأكثر .. ثم قضوا إلى الله شهداء مجاهدين مقبلين غير مدبرين ربما لو كان الأمر بيد أمهاتهم لما أرادوا لهم الموت .. لكنها مشيئة الله .. وفي النهاية الرضى بقضاء الله وقدره أهم من كل شيء ..
ولتتأمل لماذا نحمد الله عند كل مصيبة "الحمد لله الذي لم يجعل مصيبتي في ديني" .. بصراحة شديدة لأن مصيبتك في ولدك ارتدت لتجعل مصيبتك في دينك .. ووالله وتالله وبالله لا أشد خسرانا من مصيبة فقد الولد إلا مصيبة الفتنة في الدين.
أما عن الشام .. فعقيدتنا التي تدركها جيدا تقول أننا أهل رباط وجهاد .. نحن سوط الله في أرضه .. نحن خيرة بلاد الله التي ساق إليها خيرته من عباده .. لن تكون هناك خيرية بلا ابتلاء وتمحيص واختبار "ثم يجزاه الجزاء الأوفى".
يقينا لن تعيش أكثر مما عشت وأسأل الله أن يطيل في عمرك ويبارك فيه .. ادعو الله أن يجمعك بأبنك في مستقر رحمته .
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة