الشيخ محمد الراوي داعية وحدة المسلمين
رحم الله الشيخ الدكتور محمد الراوي، العالم الأزهري الذي نفع الله بعلمه الكثير المسلمين في بقاع الأرض، والذي ساهم في إنشاء العديد من الكليات والمعاهد الدعوية في مصر والسعودية، ونشر الدعوة في أفريقية.
كان الشيخ ـ رحمه الله ـ يملك قلبا فتيا جسورا، لا يتردد في قول الحق، ورغم تقدمه في العمر، إلا أنه كان إلى وقت قريب مشاركا ومتفاعلا قويا في وسائل الإعلام، يبشر الناس بانتصار الإسلام، ويؤكد في نبرة صوته وتنغيمه المميز: أن الزمن والمستقبل لهذا الدين، مهما استطالت الظروف الصعبة التي تحدق بالأمة في الكثير من أوطانها، كما كان يؤكد على ضرورة وحدة المسلمين في مواجهة أعدائهم.
ولد الشيخ ـ رحمه الله ـ عام 1928م بقرية "ريفا" بمحافظة أسيوط بصعيد مصر، وحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة في القرية، وكانت المعاهد الأزهرية لا تقبل الطالب في السنة الأولى إلا بحفظ القرآن الكريم كاملا.
وبعد إتمامه المرحلة الثانوية، تقدم للالتحاق بكلية أصول الدين بالقاهرة، وحصل منها على الشهادة العالية عام 1954م، وحصل على الشهادة العالمية، مع تخصص التدريس من كلية اللغة العربية جامعة الأزهر عام 1956م.
بعد تخرجه عمل بقسم الدعوة في وزارة الأوقاف، وأصبح مفتشا عاما في مراقبة الشؤون الدينية، ونقل بعدها إلى مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، وعمل بالمكتب الفني بالمجمع، قبل أن يبتعث من قبل الأزهر الشريف إلى نيجيريا لتدريس اللغة العربية وعلوم القرآن. ولمكانة الشيخ العلمية وتنوع مؤلفاته: تم اختياره عضوا بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
تعلق الشيخ منذ صغره بالقرآن الكريم، وامتد شغفه بالقرآن دراسة وتدريسا، بالدرجة التي جعلته يسحب أوراقه من كلية اللغة العربية، ويتقدم في كلية أصول الدين، ويروى الشيخ ـ رحمه الله ـ هذه الواقعة في أحد حواراته السابقة فيقول: "أحببت أصول الدين بسبب القرآن الكريم، ودخلت بعد تفوقي في الثانوية الأزهرية كلية اللغة العربية، فقمت بسحب أوراقي منها لكي ألتحق بأصول الدين، فذهل الناس؛ لأن اللغة العربية كانت مطلوبة في ذلك الوقت، ولأن الدارسين بها يعملون في المدارس والمعاهد مباشرة بعد التخرج، لكن حبي الشديد للقرآن ودراسته، جعلني أؤثره على كل شيء، وأرى فيه متعتي غير العادية منذ الطفولة".
استطاع الشيخ ـ رحمه الله ـ التوفيق بين الشخصية الأكاديمية، والشخصية الجماهيرية المنتشرة بين الطلاب في المحاضرات وخطب الجمعة، بالإضافة إلى الحضور الإذاعي والتلفزيوني، وتقريب الإسلام بالدرجة التي تجعله واقعا معاشا في حياة الناس.
وعندما انتقل إلى السعودية، بدأ أول محاضرة عامة فيها في قاعة كلية الشريعة جامعة الإمام في أوائل السبعينيات الميلادية، وكان موضوع المحاضرة الإسلام في نيجيريا، وقد طلب ذلك منه بحكم إقامته فيها، وقدومه إلى الجامعة منها.
وحين ختم المحاضرة قال: لقد كنت أسمع صوت الإنجيل يدوي من وسائل الإعلام في أفريقيا. فهل من غيور على الإسلام يسمع الناس جميعا صوت القرآن؟
وما هي إلا أيام قلائل حتى أمر الملك فيصل ـ رحمه الله ـ بإنشاء إذاعة القرآن التي امتد نفعها في كل مكان، وخصوصا في إفريقيا. ولم تنقطع صلته بها وأحاديثه فيها مدة إقامته الطويلة في السعودية.
وكما كان حاضرا في الإذاعة السعودية، كان حاضرا أيضا في الإذاعة المصرية، عبر البرامج الدينية الصباحية التي تركز على موعظة مختزلة، ينتفع منها الناس حين يبدأون يومهم. بالإضافة إلى قيامه بتسجيل ما يقرب من 400 حلقة تذاع يوميا على محطة إذاعة القرآن الكريم بالقاهرة، حملت اسم "مقدمة التلاوة"، وهي تسبق كل التلاوات القرآنية.
كما أشرف ـ رحمه الله ـ على عمل مقدمة للمصحف الوثائقي الذي جمعته إذاعة القرآن بالقاهرة، فجمع بين القراء القدامى، ووصل بينهم في مصحف متكامل بلا انقطاع.
وللشيخ جهود دعوية وتربوية وأكاديمية ملموسة بالسعودية، بدأت منذ العام الدراسي 1390ـ 1391هـ، حين انضم لهيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، واستمر بها مدة تزيد على خمس وعشرين سنة عمل خلالها في:
كلية اللغة العربية ـ مدرسا للتفسير والحديث، وكلية العلوم الاجتماعية ـ من بداية إنشائها، كما ساهم في قيام كلية أصول الدين، وعمل بها أستاذا للقرآن وعلومه، ورئيسا لقسم القرآن أكثر من ثلاثة عشر عاما.
وساهم في إنشاء المعهد العالي للدعوة الإسلامية، وقام بإلقاء المحاضرات فيه، وأشرف على بعض رسائل الماجستير للذين أكملوا الدراسة فيه، كما أشرف على كثير من الرسائل العلمية، ما بين ماجستير ودكتوراه في كلية أصول الدين وغيرها من كليات الجامعة.
واشترك في مناقشة كثير من الرسائل العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود وجامعة أم القرى بمكة المكرمة، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة الملك سعود.
وللشيح العديد من المؤلفات منها: الدعوة الإسلامية دعوة عالمية، كلمة الحق في القرآن الكريم ـ موردها ودلالتها، وحديث القرآن عن القرآن، والقرآن الكريم والحضارة المعاصرة، القرآن والإنسان، الرسول في القرآن الكريم، وكتاب بعنوان الرضا، ومنهج الأنبياء في الدعوة إلى الله, كان خلقه القرآن، والمرأة في القرآن الكريم.
وفي يوم الجمعة السابع من شهر رمضان المبارك عام 1438هـ الموافق 2 يونيه 2017 توفي الشيخ ـ رحمه الله ـ عن عمر ناهز89 عاما، وأقيمت صلاة الجنازة عليه في الجامع الأزهر بالقاهرة. رحم الله الشيخ الراوي وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
ــــــــــــــــــــــ
المصادر:
ـ صوت الأمة.
ـ اليوم.
ـ موسوعة ويكيبديا.
المصدر : لها أون لاين
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة