كاتبة
إذاأحبّ الله عبداً
أنهت الأم تسريحة شعرها أمام المرآة، والتفتت لتجد صغيرتها التي لم تجاوز السابعة تتأملها ..
سألتها مداعبة : هل أعجبتُكِ ؟
هتفت الطفلة وهي تحضن أمها : ماما .. أنت حلوة، حلوة جدا
أجابت الأم : وأنت أحلى.. أحلى مني بكثير
انتزعت الصغيرة نفسها من حضن أمها واحتجت : لا .. أنا لست حلوة
أمسكت الأم بوجه الطفلة وقربته من وجهها، ثم أدارتها إلى المرآة قائلة : انظري .. أرأيت ؟ أنت أحلى مني
لمعت الدموع في عيني الصغيرة وعاودت قولها : لا .. أنا أعرف أني لست حلوة، لست حلوة أبدا
لبرهة.. جمدت الأم، فقد فاجأها انفعال الصغيرة وردها، ثم سألتها بهدوء : من قال أنك لست حلوة ؟
ردت الصغيرة وقد شابت صوتها رنة بكاء : معلمتي هاجر.. سمعتها تقول ذلك للمعلمة سارة
ضاق صدر الأم، وأحست بالألم الذي يملأ حنايا الطفلة، فاحتضنتها هامسة : وهل يهمك رأي معلمتك أكثر من رأيي؟ ألا يكفيك قولي أنك أحلى البنات ؟
ابتعدت الصغيرة عنها وهتفت : ولكن لأنك أمي تقولين ذلك ؟
- هل لأني أمك أراك حلوة ؟
- نعم .. لأنك تحبينني
ابتسمت الأم قائلة : إذا كان السبب الذي يجعلني أراك حلوة هو أني أحبك، فكل الناس سيرونك حلوة إذن .
رفعت الصغيرة رأسها متسائلة بدهشة مشوبة بالفرح : كيف ؟
- لأنك جميلة خَلقا وخُلقا فعلا .. والجمال الحقيقي يا حبيبتي هو جمال الأخلاق والروح، وهذا لا نراه بعيوننا لكننا نشعر به في قلوبنا .. هل تذكرين صاحبتك زينب ؟
- نعم نعم .. ما بها ؟
- هل تذكرين ما حكيته لي عنها أول يوم لها في المدرسة ؟ لقد أخبرتني أن هناك طالبة سمراء جديدة، نفرت منها كل الطالبات ورفضن الجلوس قربها...
قاطعتها الصغيرة معترضة : ولكننا جميعا نحبها الآن
- ولماذا تحبونها ؟
فوجئت الصغيرة بالسؤال .. فكرت قليلا ثم قالت : أظن .. لأنها مجدّة بدروسها
- فقط ؟
- أمم .. وهي طيبة ، تحب كل الطالبات وتساعدهن، والمعلمة تمدحها لأنها تحافظ على الصلاة، ولأن أخلاقها ممتازة
- إذن المعاملة الطيبة وحب الناس، هي ما تحبب الناس بنا..
وكأنما فطنت الصغيرة إلى المراد فهتفت بحماس : آه تذكرت.. عندنا طالبة شقراء تشبه الصور ( قصدها جميلة ) ولكن لا أحد يحبها .. دائما تتحدث عن نفسها.. عن شعرها وثيابها وألعابها.. وهي كسولة
- أرأيت يا صغيرتي .. الشكل ليس كل شيء، وما ترينه أنت جميلا قد يراه غيرك قبيحا، أما الأخلاق الحسنة والروح الطيبة، فالكل يشعر بها وينجذب إليها، ولكن هناك أمر مهم هو سبب محبة الناس للإنسان .. أتعرفينه ؟
تساءلت الصغيرة بفضول : ما هو يا أمي ؟ أخبريني أرجوك
- هو رضا الله سبحانه وتعالى عن المسلم، فالله إذا أحب عبدا جعل كل الناس يحبونه
لمعت الفرحة في عيون الصغيرة وهتفت : صحيح ؟
- نعم صحيح .. ولكن أتعرفين كيف نحظى بمحبة الله ؟
- إذا حافظنا على الصلاة .. وصدقنا ولم نكذب و ..
ضمتها الأم إلى صدرها وقالت : صحيح .. وباختصار إذا فعلنا كل ما أمرنا الله به وابتعدنا عن كل ما نهانا عنه .
المصدر : صفحة حروف تلوّن الحياة
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن