الكاتبة الإسلامية عابدة العظم حفيدة العلامة الشيخ علي الطنطاوي
شجار الإخوة والأخوات
عندي مشكلة أن أولادي الاربعة متقاربون في العمر ومن طبعي أنني أحب المسايرة والجلوس معهم وعندما أهم بتطبيق ماقلتيه فلامجال لذلك لأنهم دائماً يتشاجرون وأقضي الوقت في فض الخصومات. هل لي من نصيحة؟
وهذا أول ما خطر في بالي لما قرأت سؤالك:
أعانك الله يا أختي الكريمة!
وسؤالك ذكرني بنفسي لما استوقفتني فجأة كاميرا التلفزيون العربي السوري وأنا أسير في طريق الصالحية في دمشق، وسألتني المذيعة هل توافقين على إجراء لقاء سريع؟
ابتسمت، وقلت: بالتأكيد، ولكن في أي موضوع؟
قالت: في موضوعات التربية، قلت لها: عظيم إنه موضوعي.
فسألتني: هل لديك أطفال صغار؟
قلت: نعم (هذا قبل عشر سنوات).
قالت: الموضوع خاص بالشجار فهل لديك تجربة، وهل أولادك ذكور؟ وهل يتشاجرون؟
قلت لها: نعم، تماماً، كل الشروط تنطبق عليّ؛ وصلتِ للأم المطلوبة!
فجَهَزت الكاميرا، وأعطتني الإشارة، وبدأ التسجيل ورحبت بي أمام المشاهدين، وسألتني: كم طفل لديك: فقلت ثلاثة صبية صغار.
فسألتني: وهل يتشاجرون؟
فقلت لها: لا يكفون عن الشجار لحظة! ويشاجرون بالكلام والأيدي والأرجل.
فابتسمت، وظنتني أبالغ، فأكدت لها أني أقول حقاً، فسألتني باهتمام: وماذا فعلتِ؟
قلت لها فعلت الكثير الكثير، ولم أترك وسيلة ولم أهمل نصيحة:
1- جربت أخذهم بالحب والعاطفة وجربت الضرب والحرمان.
2- ابتعدت مدة وتركتهم ليحلوا مشكلاتهم بنفسهم فزاد عنفهم وآذوا بعضهم بعضاً
3- أبعدتهم عن بعضهم بعضاً في الغرفة الواحدة، وخصصت لكل واحد زاوية. ومنعتهم من الكلام أو اللعب معاً في أوقات التوتر.
… (كنت أسرد والمذيعة والمصور يشجعاني على المضي ويبديان التفاعل والمتابعة).
4- اشتريت من كل شيء ثلاثة قطع متماثلة، لأقطع دابر الفتنة، وأحصر المشكلات. وإذا تنازعوا على غرض رفعته حتى يصطلحوا ويتفقوا.
كل هذه الإجراءات ولم أنجح!
ورغم ذلك لم أييأس!
استعنت بخبرة الأمهات الكبيرات وتجاربهن. واشتريت الكتب، ورأيت بعض البرامج التربوية… ولم أفلح في فض نزاعهم!
وجربت أن أقف في صف الظالم ظاهرياً، على أساس أنه يعاني نفسياً ويحتاج الدعم منا جميعاً، وأسررت بهذا لإخوته على حين غفلة منه وطلبت منهم المساندة، فتحملوه مدة ثم بدأت المعاناة تتسرب إليهم ولم يتحسن هو! فأصبح لدي ثلاثة يحتاجون للرعاية الفائقة… وأنا وحدي في تربيتهم، ومعالجة أحزانهم.
والخلاصة لم ينفع أي حل. فصرت إذا استيأست أحبس كل واحد بغرفة منفردة
فسألتني بكل دهشة: وعلى ماذا انتهى الموضوع؟
قلت لها: محاولاتي الجادة والمستمرة أثمرت بعد حين، لما تجاوزوا ال14 سنة عقلوا وهدؤوا، وأصبحوا أصدقاء، رغم اختلاف شخصياتهم وأهوائهم.
فاصبروا وصابروا ورابطوا، وإن التربية تثمر بعد حين؛ فوجهوا ولا تستعجلوا.
هذه قصتي سردتها على سبيل الطرافة والمواساة وإن كانت لا تخلو من فائدة.
أما نصيحتي الجادة فتجدونها على الرابط مع التعليقات
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن