مزيداً من الوعي.. أيها الشباب
يظل الرجل في العلاقة يحوم حول الجسد .. وسلم اللمسات المتدرج تصاعديا
يراوغ ويستخدم الحيل الذكورية المشتركة حتى يصل ..
وكأننا جميعا نحفظ ذات الكتاب .. كتاب الكذب والتبرير ..
.
ويقف على عرش الحيل دوما .. (الدخول من بوابة الإحتضان)
فالحضن لدى المرأة ممارسة قدسية لا تملك شيطنتها أو نسبتها للجنس ..
.
- دي دلالة الحب .. وانتي لو بتحبيني كنتي اشتقتي زيي ..
يصيبها بفقدان اتزان مؤقت .. فداخل الفتاة تتصارع الأفكار حول تعفف تربت عليه .. وأعراف اجتماعية ودينية لا تمنح سماحات بلقاء الجسد برخصة الحب المجردة ..
وربما دعوة قلبية من الشفقة .. والتوجس .. ومخافة فقده ..
فكأنها ترى مساومة ضمنية على الرحيل والبقاء .. أو تشكيك في دلالات الهوى داخلها .
.
وأحيانا يستخدم الرجل حيلة أشد مكرا وأعظم أثرا .. وكأنه يبعث رسالة ضمنية غير منطوقة للتشكيك في أنوثتها .. ووصمها (بالبرود) .. فيزيد داخلها أحيانا مخافة الفقد .. فتخشى أن يخلط بين تعففها وبين البرود فيظن أن ما ينتظره منها بعد الزواج لا يستحق البقاء !
.
بل كثيرا ما توضع الفتاة تحت ضغط أعظم وهزة أعمق .. حين يكون هذا الرجل متدينا .. ظاهر التعفف .. كثير الإلتزام بالسمت الديني .. بل ويفوقها علما وهديا ..
.
- أنا لولا الظروف عمري ما كنت عملت كده .. ولو كان بإيدي أكيد ما كنتش اتأخرت عن سكة الجواز ! (وغيرها من التقسيمات على ذات الوتر)
.
التعلل بالظروف .. وسيلتنا الذكورية المستهلكة والمفضوحة بشدة ..
والعجيب أنها تفلح كل مرة ..
ذلك المرهم العجيب الذي يبرأ ساحتنا ويسكن تأهبات الحمقاوات على الدوام .. (الظروف) !
.
تتنوع ملامح الظروف التي يرفعها الرجل في إلتماسه البقاء المجاني ..
فما بين إلتزام عائلي .. وما بين فقر وقلة حيلة .. وما بين دراسة وانعدام فرص العمل .. بل قد دخلت الظروف السياسية حيز الإساغات ببراعة ..
.
وهنا نحن لا نقول بأن الظروف بحق لا تعاند أو لا تعيق الشباب عن جميل الإقتران .. ولكننا نقول أن استخدام كارت الظروف بإفراط طمعا في تبرير (التفخيد) و(التواري) والحصول على مفتاح مكفول لبوابة الارتشاف المجاني من العلاقة حد الاستغلال هو أساس معظم مشكلات العلاقات .. وبوابة الخديعة والخذلان الذي تشربه الفتاة في كل مرة طوعا وتظن أن علاقتها استثنائية ومتفردة !
.
- أنا من حقي أشوفك واعبر عن حبي .. انتي تقريبا (مراتي) وعمري ما حسيبك .. والوقت اللي فاضل تحصيل حاصل ! (قد تختلف السيناريوهات وتتنوع الاضافات والجوهر مشترك)
.
تفاحة الوعود التي تقضمها الأميرة الحالمة وكل السموم تسري داخلها ..
.
فكل فتاة في بلادنا تحمل حفنة لا بأس بها من انعدام الأمان وخوف الهجر والفقد والمجهول .. وتحتاج أية ضمانات للطمأنة والتسكين .. لذا فإن سكرة الخوف قد تعمينا عن ضبابية الطمأنة المنطوقة الفارغة من الحقيقة ..
.
كل وعد بالبقاء الأبدي .. وكل إعلان بالهوى .. يدخل على قلبها المرتجف فيداعبه ويربت عليه فيهدأ ويسقط دفاعاته ويزيح أسواره الأمنية .. بل ويخرس صوت العقل والمنطق .. واحتمال الفراق !
.
- أنا عارف إنك عمرك ما كنتي حتعملي كده غير معايا .. وما تخافيش نظرتي ليكي ما تغيرتش .. ولا أخلاقك أبدا محل شك جوايا . (وغيرها من التعديلات على النص الأصلي في كتاب الذكورة)
.
وتلك هي الكذبة الأعظم في بلداننا ..
فالرجل قد تم تنشئته على حماقة قد صارت وكأنها (سوفت وير ) مشترك .. ربما لا نعلنه ولكن يقل بشدة من لا يؤمن به ..
وهو التوجس والتخوف ممن منحتك الجسد أو بضعة منه مجانا !
التشكك فيما بقى من العمر فيمن اسقطت الوازع التربوي والديني لأجلك !
.
يظل الرجل يحوم حول الجسد ويبرر ويتعلل ويمضي الساعات في الإقناع .. بل يتضايق ويغضب ويخاصم ويصيبه إحباط ويتهمها بالرفض إن لم تقبل ..
.
حتى إذا قبلت .. حينها يبدأ تشكك داخلي في أخلاقها وأهليتها لصون حرمه المستقبلي !
تهتز صورتها داخله بفعل تلك المؤثرات الإجتماعية حتى وإن اقسم لها على غير ذلك ..
.
ثم بعد بعض الوقت تبدأ العلاقة تتمحور حول الجسد .
فكل مكالمة مسائية .. يرق فيها صوته .. ثم ينعطف على أزقة الجنس الهاتفي ..
وكل محادثة (شات) ينتظر فيها صورة جديدة ..
وكل لقاء حي تستكشف فيه أنامله مساحات أخرى ..
.
والفتاة تقبع في الإنتظار .. لتحسن الظروف والوقت المناسب ..
تتعالى داخلها مشاعر الذنب والخزي .. وأحاسيس العار ..
تتأرجح علاقتها بالله .. وصورتها عن ذاتها .. وتحتلها مخاوف أعمق وأكثر تجذرا .. تخدرها بوعوده أو تغطيها بمزيد من اللذة الممنوعة التي تتصاعد بالتدريج !
.
العجيب كل العجب .. أنه أحيانا هنا .. وهنا بالذات .. يرحل !
فقد انتهت المطاردة .. وفقدت العلاقة المراهقة والإعتمادية جوهر أغراضها المستورة
يتعلل .. ويبرر .. ويتصيد أحيانا ..
الآن فقط يكتشف الرجل أن (الظروف أقوى منه)
وأنه (مش عايز اظلمك معايا)
أو يكتشف (إن اللي بنعمله ده حرام ومحسسني بالذنب ) !
او إننا (محتاجين نبعد شوية !! )
أو ببساطة يكتشف أنه (مش مرتاح .. وحاجات كتير ناقصاني ! )
.
لأن ببساطة في دستور النفسية الذكورية .. كل متاح مزهود .. وكل ممنوع مشتهى ..
والحب لديه مقرون بالمطاردة .. والمباح بدءا لا يغريه بالتناول !
والرجل لا يغريه الأمر ليدفع كلفة شيء قد حصل عليه مجانا !
.
وكل رجل إلا فيما ندر .. يهرب من الإلتزام بكافة المبررات .. ولكنه لا يتورع أبدا في طلب علاقة مجانية .. أو لذة بعد المطاردة بلا ثمن !
.
وتخرج الأنثى من العلاقة لا تحمل فقد جرح الفقد .. وإنما حزمة ضخمة من المشاعر السلبية تجاه الذات .. وجرعة مركزة من الأسرار .. وأحاسيس الذنب ..
بل ربما حتى شعورها بالاستناد على الله والروحانية قبل العلاقة .. لم يعد فعالا فقد صنعت تلك المخالفة لاعتقادها حاجزا نفسيا مع سندها القديم !
.
حينها تصبح الوحدة والوحشة والغربة أشد وأعظم ..
ولا شيء سوى مرارة مذاقات التمزق بين اللهفة وبين الوجع ... بين الشوق وبين الحسرة .
بل ربما تخرج أحيانا من خذلانها .. وقد فقدت في ذوبانها القديم .. توصيفها لنفسها ..
ناهيك عن شعور غير محبب بالدنس وفقدان عذرية القلب أولا قبل اللحم !
.
وإني هنا لست بصدد الحديث عن حكم أخلاقي أو شرعي .. فليس هذا من شأني ..
ولست بصدد بيان وصمات لا يمكن أن يوصم بها أحد الطرفين .. فلا جاني ولا ضحية .. فالموافقة والرضا هي سيدة الحكم !
وإنما فقط أحببت الإشارة باختصار الآن .. أن في بلدان القمع والكبت والأحكام المعلبة فإننا نذوب في العلاقات حتى ننسي أن نعتني بذاتنا ..
ننسى في الحب أين تنتهي ذواتنا وأين يبدأ الآخرون ..
.
حماقتنا أننا لا نعرف مفهوم (وضع الحدود ) داخل العلاقات .. ونتغافل عن مفهوم (الضمانات) ..
ولا نفطن لحقيقة ان (الاعتناء بالذات ليس أنانية ) ..
.
مزيدا من الوعي .. وقليلا من المثالية .
مزيدا من الحدود .. قليلا من الإنجراف .
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة