حاصلة على شهادة ليسانس في الدراسات الإسلامية - لبنان
هذا أمر عادي!!!
ابنة أختي التي كانت في الخامسة من عمرها أصبح لها اليوم من العمر عشرة أعوام ... أمضتها في مشاهدة الرسوم المتحركة كسائر اﻷطفال .... كنت جالسة معها ومع أختها الصغيرة التي هي في الرابعة من عمرها نشاهد مسلسلا من مسلسلات الكرتون ... وأثناء المشاهدة ظننت بطل المسلسل بنتا من خلال شكله ... وإذ بي أفاجأ بأنه صبي ... فقلت معلقة على ذلك : " لقد ظننته بنتا فكيف يكون صبي !!! شعره كالبنت ويربط شعره بربطة رأس للبنات!!! " ... فأجابتني ابنة أختي التي في العاشرة :" أمر عادي يا خالتي!!! في حياتنا الواقعية هنالك شباب ذكور شعرهم طويل ويربطون شعرهم ... هذا أمر عادي !!! " ...
شعرت بالأسى ... المنكر أصبح أمرا عاديا في عيون أطفالنا !!!
تابعت المشاهدة مع البنات ... وانتقلنا بعد أن انتهى المسلسل السابق لمشاهدة مسلسل غيره على شاشة قناة فضائية غير اﻷولى ... وإذبي أنظر إلى بطل المسلسل معتقدة أنه بطل ذكر في الشعر والزي .... وإذ بأصحابه ينادونه باسم أنثى فأدركت أنه كان بطلة أنثى لا بطلا ذكر !!!
فزاد استنكاري .... وابنة أختي تضحك ساخرة وهي تردد :" عادي عادي يا خالتي !!!"
فهمست في سريرةنفسي قائلة:" كل هذا المنكر يراه أطفالنا في مسلسلات الكرتون وعلى عدة قنوات فضائية وفي وقت متتابع ... حتى بات المنكر أمرا عاديا بالنسبة لهم !!! يا لهول ما نحن فيه من تزيين للمنكر في عيون أطفالنا !!
ولكن لماذا تحتوي مسلسلات الكرتون على مثل هذه اﻷمور ؟؟؟
وما دخل أطفالنا بها؟؟؟
مؤتمرات السكان تحت المجهر !!!
انعقد مؤتمر السكان في القاهرة عام 1994 وهو مؤتمر شهير تقيمه اﻷمم المتحدة بشكل دوري ... ولم تكن هذه المرة التي عقد فيها يتيمة بل توالى انعقاده بشكل متتال حتى بعد دخولنا إلى اﻷلفية الثالثة ... ومما جاء من مقررات هذا المؤتمر ما يلي:
1- الدعوة إلى الحرية والمساواة بين المرأة والرجل والقضاء التام على أي فوارق بينهما حتى فيما قررته الشرائع السماوية واقتضته الفطرة وحتمته طبيعة كل من الرجل والمرأة وتكوينهما النفسي والجسدي.
2- الدعوة إلى فتح باب العلاقات الجنسية المحرمة شرعا وذلك عن طريق السماح بحرية الجنس حتى ولو كان الشذوذ الجنسي وعن طريق الاقتران من غير طريق الزواج كالمساكنة وغيرها ...
3- التركيز على الاختلاط بين الجنسين خاصة خلال التعليم وذلك ﻹزالة الفوارق بينهما....
كل هذه الدعوات وغيرها قد تمت صياغتها بشكل اتفاقية تحفظت عن التوقيع عليها العديد من الدول العربية واﻹسلامية ... ﻷن ما تدعو إليه هذه الاتفاقية مخالف لشريعة الإسلام ومدمر للأسرة المسلمة ومفكك للمجتمع ...
وأمام الرفض الحاصل لمثل هذه الاتفاقية من أبناء المجتمعات المسلمة والتي شكلت ضغطا على حكوماتها كي ترفض التوقيع على الاتفاقية ... وجدت الدول الغربية أن أفضل طريقة للوصول إلى ما تريد هي تغيير قناعات أبناء المسلمين للوصول بعد جيل أو جيلين إلى ما تريد ... ولن يتسنى لها فعل ذلك إلا بالدخول خلسة إلى كل بيت وإلى عقل كل طفل ... فجاءت كل إنتاجات الرسوم المتحركة بعد عام 1994 تكرس كل المفاهيم التي دعى إليها مؤتمر السكان وتزرع كل قيم هذا المؤتمر في نفوس وعقول أطفالنا منذ نعومة أظفارهم ... فها هي مسلسلات الكرتون تكرس فكرة المساكنة عندما تقدم فرق أبطال مسلسلاتها مكونة من مجموعة من الذكور بينهم أنثى واحدة ... وهاهي تكرس تقبل الشاذين جنسيا عندما تقدم فتاة بطلة مسلسل صوتها وحركاتها كالذكر تماما ... هذا فضلا عن نموذج اﻷنثى المتشبهة بالذكر أو الذكر المتشبه باﻷنثى في الشعر والزي والحركات والمواقف ... كل هذه الانتاجات من المسلسلات الكرتونية والتي لم أسمي منها مسلسلا معينا ﻷنها جميعها تحمل قيم مؤتمرات السكان ...كلها تجعل قيم هذا المؤتمر مألوفة لدى أطفالنا حتى بعد أن يكبروا ... فتعرض الطفل بشكل دائم لهذه المواد الرديئة وعلى المدى الطويل- وخاصة أن الشخصيات التي تحمل تلك القيم تكون محببة إلى الطفل- سيجعلها تتراكم وتترسب في ذاته حتى يصبح الغريب لديه مألوفا والضار محببا والشاذ طبيعيا وتصبح هذه الصور والسلوكيات والمفاهيم معتقدات راسخة لديه ... وعندها لن يجدي الكلام في تصحيح مفاهيمه ومعتقداته وضبط سلوكه وتقويم مشاعره ليستشعر بشاعة أي منكر يراه ... فهل بعد كل هذا سنسلم أطفالنا للشاشات !!؟؟؟
لتزهر جنان القيم قننوا المشاهدة لتصلوا إلى .... ؟؟؟ !!!
بعد هذ الكم من مشاهدة مسلسلات الكرتون لن يجدي كلامنا مع الطفل حول الحلال والحرام والمعروف والمنكر ولن نستطيع أن نجعله يستشعر حلاوة المعروف وقباحة المنكر مهما حاولنا ... ﻷن ما يشاهده يشكل مشاعره ويبعده عن الله وشرعه في مشاعره وأفكاره ومعتقداته ... لذلك أنصحكم أما كنتم أم أبا بأن تقننوا ساعات المشاهدة ﻷطفالكم لتصلوا معهم إلى ما لا يزيد عن 50 دقيقة .... وإن استطعتم أن تصلوا إلى صفر مشاهدة فإنكم بذلك آباء تستحقون لقب البطولة في أزمنة اللهو عن تحمل المسؤوليات ...
وقد يهمس إلي أحدكم بأننا إن خفضنا ساعات المشاهدة إلى 50 دقيقة فصفر ... ففي أي اﻷمور سيمضي أطفالنا أوقاتهم ؟؟؟
وأقول لكم دربوه على قراءة القصص وذلك بأن يدخر من مصروفه ثمن قصة واحدة تناسب عمره كل شهر لا يجاوز ثمنها 3دولارات ... اشتروا له موسوعة تناسب عمره في كل عام تارة عن الحيوان أو الفضاء أو غيرها ... علموا طفلكم ذكرا كان أم أنثى أن يدخل معكم إلى المطبخ وأوكلوا إليهم مسؤولية القيام بتحضير بعض اﻷطعمة للطهي كتقشير الثوم وهرسه أو عجن العجين وتمديده أو عصر الليموناضة بعد أن تقطعوا لهم الليمون كي لا يؤذوا أنفسهم ...اجعلوهم ينظفون الغبار ويمسحون البلاط حتى ولو لهى بعضهم قليلا بالماء فشيئا فشيئا سيصبحون جادين في عملهم ومسؤولين .... إنكم إن فعلتم ذلك سوف تستمتعون وأبنائكم متعة ما بعدها متعة ... فتكونون قد دربتموهم على المشاركة في تحمل المسؤولية وعلمتموهم مهارات جديدة في إدارة المنزل ... وخففتم عن أنفسكم شيئا فشيئا أعباء القيام باﻷعمال المنزلية لوحدكم ... وسعدتم وسعد أطفالكم بالقرب منكم ... ومن ثم خصصوا لهم وقتا للعب باﻷلعاب التي يحبونها وبالرسم والتلوين .... وبعد ذلك ضعوا خطة لتحفيظهم القرآن من عمر 3 سنوات وأسمعوهم القرآن وهم يقومون بالعمل المنزلي معكم ... إن ما تقدمت به من أربعة أمور القراءة ومهارات العمل المنزلي واللعب والرسم وحفظ القرآن لهي أمور كفيلة بملء أوقات النهار ... وهي كفيلة بصقل شخصية الطفل وتدريبه على القيادة لا الاتباع وجعله يرى ما استحسنه الشرع لنا حسنا وما استقبحه قبيحا ....
فاللهم حبب إلى قلوبنا الإيمان وإلى قلوب أبنائنا وزينه في قلوبنا وكره إلى قلوبنا وقلوبهم الكفر والفسوق والعصيان ...
دمتم معطرين بوقت عامر مع أبنائكم بالخير ...
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة