هل تتصرف الأمهات كالأطفال أثناء فترة الحمل؟
هل يعقل أن تتصرف الأمهات كالأطفال أثناء فترة الحمل؟ وفقا للتقرير التالي، يبدو الأمر ممكنا من خلال ما يعرف بمتلازمة عقل الطفل.
نص التقرير
يشير مصطلح "متلازمة عقل الطفل" إلى زيادة في معدل النسيان، وقلة التركيز، وضبابية في التفكير، وقد وجدت في 4 من كل 5 نساء حوامل. عُرفت هذه التغيرات في وظيفة المخ أثناء الحمل في موروث القابلات أو المولدات منذ زمن طويل، لكن دراستنا الجديدة أكدت على وجود هذه الظاهرة، وأنها تؤثر على مناطق إدراكية عديدة في الدماغ.
لقد جمعنا بيانات 20 دراسة تبين العلاقة بين الحمل والتغيرات التي تطرأ على الدماغ، ثم قيمنا هذه الاختلافات معا لقياس الوظائف الإدراكية لـ709 نساء حوامل و521 من غير الحوامل. دراستنا، والتي نُشرت في المجلة الطبية الأسترالية هي الأولى التي تبحث كيف أن الحمل يمكن أن يؤثر على وظائف إدراكية غير الذاكرة، والبحث عن كيفية اختلاف هذه التغيرات على مدار فترات الحمل المختلفة.
النتائج
بعض النساء ستجد أن الأمر يتطلب بذل المزيد من المجهود العقلي لأداء مهام كانت روتينية بالنسبة لهن (بيكسيلز)
أظهرت نتائجنا أن النساء الحوامل، عند مقارنتهن مع غير الحوامل، يؤدين اختبارات الذاكرة والمهام التنفيذية (والتي تشمل درجة الانتباه، الكبت، اتخاذ القرارات، والتخطيط) بشكل أسوأ بكثير، ويكون الاختلاف واضحا في الثلث الأخير من فترة الحمل. وقد خضعت النساء لاختبارات مثل "اختبار السعة الرقمية" الذي يتضمن تذكر سلسلة من الأرقام العشوائية.
وقد وجدنا أيضا أنه عند اختبار نفس النساء في مراحل الحمل المختلفة، فإن الانخفاض يبدأ خلال الثلث الأول من الحمل، ثم يبدأ في الاستقرار عند الثلث الثاني إلى نهاية الحمل، لكن من المهم أن نشير إلى أنه بالرغم من إيجادنا للاختلافات، ظل أداء النساء الحوامل ضمن النطاق الطبيعي، وإن كان يصل إلى الحد الأدنى، خصوصا فيما يخص مهام الذاكرة، لذا حتى وإن شعرت بعض النساء الحوامل أنهن لسن متقدات الذهن كالمعتاد، لن يكون لهذه التغيرات أي آثار حادة على حياتهن اليومية على أرض الواقع.
بدلا من ذلك ستجد بعض النساء أن الأمر يتطلب بذل المزيد من المجهود العقلي لأداء مهام كانت روتينية بالنسبة لهن، قد تكون هذه التغيرات ملحوظة بالنسبة للمقربين منهن، مثل الأصدقاء أو العائلة، لكن الأمر يعتمد بشكل كبير على تجربة كل امرأة مع الحمل.
ما الذي قد يؤدي إلى متلازمة عقل الطفل؟
هناك الكثير من التكهنات حول أسباب "متلازمة عقل الطفل"، وأمامنا طريق طويل لنقطعه قبل أن نصل إلى إجابات حاسمة. أظهرت دراسة استقصائية نشرت العام الماضي أن هناك انخفاضا للمادة الرمادية في دماغ المرأة الحامل في مناطق عرف عنها ارتباطها بتحليل المعلومات الاجتماعية؛ مثل فهم تعبيرات وجه الرضيع، وإقامة علاقة صحية بين الأم والطفل.
يعرض هذا الأمر فكرة مقنعة مفادها أن "متلازمة عقل الطفل" هي في الحقيقة ظاهرة تكيف مهم قد تساعد النساء على الاستعداد لتربية أطفالهن، وذلك بالسماح لأدمغتهن بالتكيف مع دورهن الجديد كأمهات. الأمر الأهم هو أن الدراسة أظهرت أن المادة الرمادية المفقودة في منطقة قرن آمون -وهي المسؤولة عن وظائف الذاكرة- تعود إلى طبيعتها من جديد بعد عامين من ولادة الطفل، وهو ما يدعم فكرة أن التدهور الإدراكي ليس دائما.
هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات شافية تمكننا من مزيد من الفهم لهذه الظاهرة. أولا، لا تؤخذ قياسات الإدارك ما بعد الولاد بالاعتبار عند فحص الإدراك والحمل؛ مما يعني أنه ليس من الواضح إن كانت التغيرات التي تحدث أثناء الحمل تستمر إلى المراحل المبكرة من الأمومة، وإن كان الأمر كذلك، إلى أي مدى زمني قد تستمر؟ ثانيا، الآلية الكامنة خلف هذه العلاقة ما زالت رهنا بالتكهنات. بالنظر إلى أن المرأة تمر بتحولات هرمونية كبيرة خلال فترة الحمل، من المرجح أن زيادة هرمون الإستروجين والبروجستيرون والأوكسايتوسين يلعب دورا مهما في تشكيل هذه التغيرات الإدراكية.
قد تساهم بعض العوامل أيضا في هذا الأمر، مثل أنماط النوم المضطربة، والتبدلات المزاجية، وزيادة معدلات الإجهاد، والإعياء الصباحي، وكلها تجارب طبيعية أثناء الحمل. ففي النهاية، الحمل هو وقت تحدث فيه تغيرات جسدية ونفسية واجتماعية هائلة، لذا فإن هذا التشتت ليس مستغربا.
المصدر : الجزيرة - ميدان
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن