فضل بيت المقدس ودورنا نحوه
إن من الُمجمع عليه أن الفائز بأعلى درجات البركة والتقديس من هذه البلاد بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة هو المسجد الأقصى، حيث جعلَه الله مركزاً للأرض المباركة المقدسة ومن حوله حيث قال سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
وإنّ أعظم مساجد الأرض ثلاثة، لا تشدّ الرحال إلا إليها، بنصّ قول النبي [: «لا تُشَد الرّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا» (البخاري ومسلم).
قال أبو ذر]: «قلت: يا رسـول الله أيّ مسجـد وُضـع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحـرام. قـال: قلت: ثم أيّ؟ قال: ثم المسجد الأقصى. قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة فصلّ، فهو مسجد» (رواه البخاري ومسلم).
إن هذا الربط الرباني يوجب على المسلمين أن ينظروا لهذه المساجد المقدّسة نظرة خاصة متكاملة متصلة غير منفصلة؛ ويعلموا أنّ ما يصيب واحداً منها يصيب الآخر، وأنّ المصير واحد؛ يستوجب العمل على تحرير بيت المقدس لتعود له الوحدة المكانية والروحية مع أخويه المسجدين" المسجد الحرام بمكة المكرمة" "والمسجد النبوي بالمدينة المنورة".
وفي مسجدها صخرة الأقصى، وفيه الحلقة التي ربط النبي [ بها البُراق، وبمسجدها صلى النبي [ إماماً بالنبيــــــين والمــرسلــــــين.
وفي بيت المقدس بشّر الله زكريا بيحيى عليهما السلام. وسخر الله لداود الجبال والطير في بيت المقدس. ويهلك الله يأجوج ومأجوج في بيت المقدس. ووُلد عيسى عليه السلام في المهد في بيت المقدس وأنزلت عليه المائدة فيها ورفعه الله إلى السماء منها، وينزل من السماء فيها ليقتل المسيح الدجال. وصلى النبي [ إلى البيت المقدس قبل توجهه إلى الكعبة ستة عشر أو سبعة عشر شهراً. ونحو ذلك من الفضائل كثير.
معاشر المسلمين: إن ما صرح به زعيم أمريكا راعية الصهيونية العالمية بأن القدس عاصمة للصهاينة ليس بغريب ولا مستهجن؛ فهُم من يرعونهم ويدعمونهم في كل شيء، ولكن المستغرب هو حال المسلمين اليوم لسكوتهم عما جرى ويجري، اللهمّ إلا الاحتجاجات الرسمية الباهتة..
المستغرب أن المسلمين سكتوا عن احتلال 77% من أرض فلسطين عام 1948م، وأكثر من 84% من أرض القدس. وبعد مهزلة 1967م أكملوا احتلال ما تبقى من فلسطين والقسم الشرقي من القدس والذي يقع به المسجد الأقصى.. ولا زالت الأمة ساكتة إلا من تصريحات خجولة لا تؤثر ولا تُسمع.
والآن لم يبق من القدس إلا أقل من 10 % تطوّقها المغتصبات بثلاثة أحزمة،
كل يوم يُدنّسها اليهود!! هوّدوا كل شيء، حتى الأسماء والمسميات، واغتصبوا معظم المسجد الإبراهيمي في الخليل.
ولا مغيث ولا مجيب ولا نخوة!.
واليوم يستنكرالبعض تصريح ترامب، وهو أشبه بمن يقول لك بعد أن اغتَصب بيتك: لا مشكلة ! خذ البيت ولكن لا تستخدم المطبخ... أي سخافة هذه التي نسوّقها، احترموا عقولنا واعملوا على تحرير فلسطين كل فلسطين ولا تسوِّقوا خيبتكم وعاركم واستسلامكم.
وهذا المسجد الأقصى فتحـه عمر وأعـاده صلاح الدين، فمن له اليوم؟! قال رسول الله [: «لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهـم إلا ما أصابهـم من لَأْواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك. قـالوا: يا رسول الله وأين هـم؟ قـال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس» (مسند أحمد)
إنّ هذه الأفعى الصهيونية التي ذَنَبُها في فلسطين ورأسها يتحرك في العالم تفسد وتدمّر وتمكر وتخطط، وإنّ اقتلاع الجذر يميت الفروع والأوراق، واقتلاع الصهيونية المتمثلة بما يسمى بـ"إسرائيل" من فلسطين يريح العالم عامّة والمسلمين خاصّة من الخطر الصهيوني الذي يسعى جاهداً لتدمير وإفساد كل خيرٍ في الأرض.
إنّ مستقبل المسلمين بل والعالم كلّه مرتبط بفلسطين وبيت المقدس، فالملاحم مع الروم، ونزول عيسى عليه السلام، ومعظم أشراط الساعة، وصلاح هذه الأمّة وغير ذلك؛ كله مرتبط بفلسطين وببيت المقدس، فمن الواجب علينا من باب الأخوّة في الدين أولاً والاختيار الرباني والقداسة ثانياً ومن باب المصلحة المشتركة ثالثاً ألا نترك هذا المسجد وأهله تحت الاغتصاب الصهيوني كلٌّ وفق مكانته وقدرته.
إنّ فلسطين والقدس والأقصى ترفع من يرفعها وتخفض من يخفضها، فهي ميزان عزّة الأمّة بل بوصلة العالم، حمى الله فيها العالم من الصليببين ومن التتار ومن نابليون الذي عندما سقط على أسوار عكّا سقط في باريس، وسيحمي الله العالم بزوال هذه الدولة المارقة اللقيطة، التي كل مراكز البحث تقول إنها لن تعيش طويلاً. مصداق قوله [: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود». (مسلم في صحيحه).
فمن أراد العزّة ومن أراد الرّفعة والإمامة فليحمل قضية فلسطين، وانظروا لقول الله عن إبراهيم عليه السلام قبل دخوله لفلسطين وبعد دخوله لفلسطين؛ قال تعالى عنه قبل دخوله: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}. وبعد دخوله فلسطين: { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}.
أخيرًا نقول للعالم: لقد سلَّمَنا رسولُ الله [ ليلة الإسراء راية أمانة المسجد الأقصى، ولن تسقط الراية ولن نتنازل عن ذرة تراب من فلسطين.
فلسطين لنا من بحرِها لنهرها، ولا تتسع إلا لنّا وحدنا وليس للصهاينة عندنا ذرة تراب؛ والأيام بيننا...
المصدر : مجلّة إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن