لماذا نتمسّك بأردوغان؟
سيتوجه الناخبون، الأحد المقبل، في جميع أنحاء تركيا إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة. وتشير نتائج استطلاعات الرأي إلى فوز مرشح تحالف الجمهور، رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان في الجولة الأولى. وهذا يعني أنه ما زال يتمتع بشعبية واسعة، على الرغم من مرور سنين منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم في البلاد.
لماذا يتمسك الأتراك بأردوغان؟ هل لأنه لم يرتكب أي خطأ خلال فترة رئاسته للحكومة والجمهورية؟ أم أن أنصاره متعصبون له يصوِّتون لصالحه بشكل أعمى؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، أحب أن ألفت نظر القارئ إلى رأي ظل سائداً في تركيا سنين طويلة. ويقول ذاك الرأي إن أنصار حزب الشعب الجمهوري مثقفون يتمتعون بالوعي الكبير، بخلاف أنصار الأحزاب الأخرى الذين يؤيدون تلك الأحزاب بسبب جهلهم وقلة وعيهم الديمقراطي، إلا أن المقابلات التي تجريها القنوات التلفزيونية مع الناخبين في الشوارع تؤكد أن معظم أنصار حزب الشعب الجمهوري يصوِّتون له بسبب تعصبهم الأيديولوجي، ولكونه الحزب الذي أسَّسه أتاتورك فقط، ولا ينظرون إلى برامجه أو إنجازاته، ولا وعي لديهم، خلافاً للرأي الذي كان يعد من المسلمات حتى الوقت القريب.
أما أنصار حزب العدالة والتنمية ورئيسه أردوغان، فيصوِّتون له من أجل أن تتواصل مسيرة التنمية، ويتم إنجاز مزيد من المشاريع العملاقة في شتى المجالات، حتى ترتقي بلادهم إلى مصاف الدول المتقدمة، ولا ينكر ما حققته تركيا، برئاسة أردوغان، من نجاحات باهرة إلا جاحد.
تمسّك الناخبين الأتراك بأردوغان لا يعني أن كل هؤلاء الذين يصوِّتون له يؤيدون جميع سياساته، أو يرونه معصوماً ومصوناً من ارتكاب الأخطاء، ولكنهم يعرفون أن الإنسان بطبيعته يخطئ ويصيب، وأن العبرة في الانتخابات هي في المقارنة بين المرشحين وبرامجهم وخبراتهم ومدى مصداقيتهم.
أردوغان تشهد له خبرته السياسية وإنجازاته الكبيرة، وما حققه كفيل بما سيحققه في حال فوزه، بخلاف المرشحين الآخرين الذين لم يسبق لأحد منهم تولي حكم البلاد، كما لا يوجد لهم أي نجاح يذكر. وبالتالي، فإن التصويت لهم من باب تجربة غير المجرَّب ضرب من المغامرة، ولكن المرحلة التي تمر بها البلاد لا تتحمل هذا النوع من المغامرة.
الناخبون الأتراك يرون القفزة النوعية التي حققتها بلادهم في السنوات الأخيرة في مجال الصناعة العسكرية الوطنية، والمساعي المبذولة من أجل تقليل الاعتماد على الخارج في تسليح الجيش التركي. كما يشاهدون تكالب الأعداء على تركيا ورئيسها. وهذا ما يدفعهم إلى التمسك بأردوغان من باب «اتباع سهام الأعداء لمعرفة أهل الحق».
السلطان عبد الحميد الثاني، رحمه الله، كان ينتقده في عهده بعض الإسلاميين، مثل الشاعر الوطني الكبير محمد عاكف، والأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي، ويتهمونه بممارسة الاستبداد. ولكنهم بعد خلع السلطان، عرفوا أنهم كانوا مخطئين في معارضتهم له، وشعروا بندم شديد.
الأتراك متمسكون بأردوغان مهما كانت لديهم بعض التحفظات والملاحظات على سياساته ومواقفه، ولا يرغبون في هدم ما تم إنجازه خلال سنوات، بسبب خطأ ارتكبه مسؤول أو وزير أو حتى أردوغان نفسه، لأنهم لا يريدون أن يكرروا الخطأ الذي وقع فيه عاكف والنورسي، ويؤمنون بأن المسلم لا يلدغ من جحر مرتين.
المصدر : موقع العرب
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن
الأَكَلَةُ... والقَصْعة