سن اليأس
من المعروف على مدى التاريخ أن هناك عدة ظواهر جسدية وعقلية تنسب إلى سن اليأس.
كان هناك اعتقاد سائد أن عدة تغييرات نفسية وسلوكية تحصل في هذه المرحلة لها ارتباط بتغييرات في الجهاز التناسلي، ثم تبيّن أن المشاكل التي تنجم عن ظروف الحياة في هذا العصر غالباً ما تؤدي إلى اضطرابات نفسية وعصبية، وتنسب خطأ إلى انقطاع الطمث، من هذه المشكل مثلاً: بداية المعاناة من أمراض مزمنة، وفاة الأقرباء، ترك العمل.
إن المعلومات والدراسات الحديثة تفيد الآن أن زيادة العوارض والاضطرابات عند النساء في متوسط العمر تعكس الظروف الاجتماعية والشخصية وليس التغييرات الهورمونية التي تصاحب الطمث.
ولكي نعرف مدى أهمية دراسة هذه المرحلة يجب أن نطّلع أولاً على الإحصاءات السكانية، فبناءً على هذه الإحصاءات يقدَر أن عدد النساء ما فوق سن الخامسة والأربعين سوف يزيد عن 700 مليون حوالي العام 2000. إن تحديد النسل يؤدي إلى الحدّ من عدد الشباب بينما يستمر عدد الكهول في الازدياد، وقد لوحظ أنّ معدّل الوفاة هو أعلى عند الرجال في كل الأعمار، ويعود ذلك إلى أمراض القلب، التدخين، وتناول الكحول.
إنّ 40% من النساء في الولايات المتحدة يصلن إلى عمر الخامسة والثمانين بينما 20% من الرجال فقط يبلغون هذا العمر، قد يكون لهذا علاقة بارتفاع نسبة تصلُب الشرايين عند الرجال.
وبما أن العديد من النساء الآن يكثرن من التدخين فإن الفارق في عمر الوفاة بين الرجال والنساء سوف ينخفض بعد سنة 2050.
إذاً من المتوقع اليوم أن تعيش المرأة ثلث عمرها في مرحلة سن اليأس.
ومع ازدياد عدد المسنين تعتبر الظواهر الصحية التي تواجه المرأة في هذه المرحلة مشكلة صحية عامة مهمة.
وعلى الصعيد الفردي فإن العديد من النساء يعتبرن هذه المرحلة أنها بداية العجز والكهولة، ولكن على المرء أن يعتبرها بداية مرحلة جديدة من الحياة تخفّ فيها الأعباء والواجبات ويكون باستطاعة المرء الازدياد في التعلم والمعرفة.
إن انقطاع الطمث هو عبارة عن الانقطاع النهائي للدورة الشهرية الذي ينتج عن توقف نشاط المبيضين. أما سن اليأس فهو عبارة عن المرحلة التي تنتقل فيها المرأة من مرحلة الإنجاب إلى مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، وهذه المرحلة تتميّز بتدهور ومن ثم انعدام وظيفة المبيض.
إنّ العمر الوسطي لانقطاع الطمث هو بين الخمسين والثانية والخمسين سنة، وقد لوحظ أن التدخين يؤدي إلى انقطاع مبكر بمعدل سنة ونصف تقريباً، أما استعمال حبوب منع الحمل، والحالة الاقتصادية والاجتماعية، والزواج، وسن البلوغ، والإنجاب، فليس لهم علاقة بتحديد سن انقطاع الطمث.
ومن خلال الملاحظة العامة نجد أن الأمهات وبناتهن يصلن إلى سن اليأس في نفس العمر تقريباً ولكن هذه الظاهرة لم تثبت علمياً.
الأعراض:
العوارض التي تعود إلى انخفاض قدرة المبيض على الإباضة وبالتالي فقدان هورمون الإستروجين من الجسم في هذه المرحلة من العمر هي:
1-اضطرابات في الدورة الشهرية:
وتشتمل على عدم انتظام الدورة بشكل شهري، عدم الإباضة، قلة الإخصاب، انخفاض عدد أيام الدورة الشهرية.
2-الهبّات الساخنة والتعرق:
وتعاني من هذه الظاهرة غالبية النساء في هذه المرحلة من العمر بنسبة حوالي 75-85%، وهي عبارة عن موجة من ارتفاع الحرارة، واحمرار في الجلد تصيب الجزء الأعلى من الجسم أي الرأس، الرقبة، والصدر. وتنتهي أحياناً بتعرق شديد، وقد تدوم عدة ثوانﹴ إلى عدة دقائق ونادراً ما تبقى لمدة ساعة، وتزداد حدتها في الليل وعند حالات التوتر، بينما تخف حدتها في المناخ البارد.
وتعتبر هذه الظاهرة من أهم عوارض سن اليأس، وتدوم لدى معظم النساء مدة سنة أو سنتين ولكن عند بعضهن تستمر ما يقارب الخمس سنوات. وقد تبين أن سبب حدوثها يعود إلى انخفاض هورمون الإستروجين في الجسم وليس لها أي تأثير بعيد المدى على الصحة.
3-العوارض النفسية:
وتتضمن القلق، التوتر، تغيُر المزاج، الكآبة، وقد يرافقها ألم في الرأس وازدياد في ضربات القلب مع أنه لا توجد علاقة مباشرة بين هذه العوارض ونقص الإستروجين.
4-حالات الضمور:
إن غشاء المهبل والغشاء الداخلي- الذي يغطي المثانة ومجرى البول- يتأثران بشكل كبير بوجود أو غياب الإستروجين لذلك نجد أن غشاء المهبل يصبح ضامراً ورقيقاً مما يؤدي إلى قلة الإفرازات المهبلية، ألم عند الجماع، والشعور بالحكة. كذلك الأمر بالنسبة لغشاء المثانة ومجرى البول، فإن نقص الإستروجين يؤدي إلى ضمور هذا الغشاء ومعاناة المرضى من صعوبات في التبول، وعوارض تشابه عوارض الالتهابات البولية، كذلك قد يحدث ضمور في الجلد بشكل عام.
5-مشاكل صحية:
يسببها انقطاع هورمون الإستروجين لفترة طويلة من الزمن مما يؤدي إلى: ترقق العظام وأمراض القلب والشرايين.
وسنتناول هذا الموضوع بالبحث في العدد القادم إن شاء الله.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض النساء قد تعاني من عدة عوارض مجتمعة، بينما البعض منهن قد لا يشكون من شيء أو تكون شكواهن بسيطة.
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن