الحوض والشفاعة
1- الحـوض:
الحوض في اللغة مجمعُ الماء، والمراد به هنا حوض نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو حقّ وثابت، فقد أعطى الله نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم نهراً من الجنّة يسمى الكوثر، ويَصُبُّ ميزايان منه على أرض في الموقف فيسمّى ذلك المكان الحوض.
والحوض هو أول ما يتّجه إليه الخلق بعد البعث، لأنهم خرجوا من قبورهم عطاشاً، فيردون حياض الأنبياء، ولكلّ نبيٍّ حوض، وهو يتباهى بمن يردون حوضه.
من يَرِد الحوض، ومن يُحرم من وروده:
ورد أن الذين يردون الحوض هم المؤمنون الصادقون، السائرون على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لم يغيّروا ولم يبدّلوا، ولم يحدثوا في دين الله ما ليس منه.
وأن الذين يُحْرَمون من ورود الحوض هم الذين أحدثوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم واتّبعوا نهجاً غير نهجه، وأبعدوا الدّين عن واقع الحياة، كالمنافقين والمرتدّين.
2- الشّفاعـة
الشفاعة في الأمر: هي أن تلتمسه ممّن هو في يده، لا لنفسك، بل لشخصٍ ثالث، وهي مأخوذة من الشّفع بمعنى الضم؛ لأن الشفيع يضمّ صوته في الطلب إلى صوت صاحب الحاجة، بغية معاونته على تحصيل ما يرغب به.
ولا ينبري لمهمة الشفاعة عادة شخص عاديّ، وإنما الذي له عند المسؤول تقدير ووسيلة أو عهد، ليستطيع كسب عطفه وتكريمه له، أو تغيير إرادته وتبديل حكمه.
أمّا الشفاعة عند الله تعالى يوم القيمة فقد يقوم بها المقرّبون إليه، ولكنها لا تُردُّ من قَدَر الله شيئاً، وإنما هي مظهر تكريم للشافعين إجراء الإحسان على أيديهم لمن أراد الله الإحسان إليه، فلا يشفعون إلاّ لمن ارتضى، ولا يتكلّمون إلاّ لمن أذن له الرحمن، ورضى له قولا.
ولكلّ نبيٍّ شفاعة في أمّته، وللرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نوع من الشفاعة اختصّه الله به من بيت الرسل، إكراماً وإعلاءً لقدره وهي الشفاعة العظمى. وقد أكرم الله نبيّنا بهذه الشفاعة لانصراف الناس جميعاً من زحام المحشر وشدائده، وإراحتهم من هول الموقف وطول الانتظار، حين يصيب الناس من الكرب والبلاء ما يصيبهم، وتدنو الشمس من رؤوسهم، ويلجمهم العرق حتى يبلغ أفواههم، فيتمنّون الانصراف ولو إلى النار، حينذاك ينطلق الناس إلى الأنبياء يطلبون منهم أن يشفعوا لهم عند الله ليريحوهم من موقفهم ويفصلوا بينهم، فيأتون آدم ثم يتوجهون إلى أولي العزم من الرسل وكلّ منهم يقول: «لست هناكم» إلى أن يصلوا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: «أن لها، أنا لها»، ويخرُّ ساجداً تحت العرش، فيقال له: «يا محمد ارفع رأسك، وقل يُسْمَع لك، وسل تُعْطَ، واشفع تُشفّع»، فتلك هي الشفاعة العظمى، والمقام المحمود الذي يغبطه عليه الأوّلون والآخرون.
قلنا إن الشفاعة العظمى تكون لخلاص الناس، ونضيف القول بأن هناك أنواعاً أخرى للشفاعات الخاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلّها تكون لأمّته صلى الله عليه وسلم، وهي:
1- شفاعته صلى الله عليه وسلم في إدخال قومٍ من المؤمنين الجنّة بغير حساب.
2- شفاعته صلى الله عليه وسلم في قومٍ استوجبوا دخول النار فيشفع لهم عند الله فلا يدخلونها.
3- شفاعته صلى الله عليه وسلم في إخراج عصاة المؤمنين من النار.
4- شفاعته صلى الله عليه وسلم لقومٍ من أهل الجنّة في زيادة ثوابهم ورفع درجاتهم.
أقسـام الشفعـاء:
رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صاحب الشفاعة العظمى التي هي أول الشفاعات، وهناك أيضاً بعض الشفعاء المقبولة شفاعتهم عند الله وهم:
1- شفاعة الأنبياء الآخرين غير نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم.
2- شفاعة الملائكة: قال الله تعالى: «وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلاّ من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى.
3- شفاعة الشهداء الذين قُتِلوا في سبيل الله تعالى، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته».
4- شفاعة الولدان في آبائهم وأمهاتهم إذا احتسبوهم عند الله، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يموت لمسلمٍ ثلاثة من الولد فيلج النار إلاّ تحلّه القسم».
5- شفاعة القرآن العظيم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «القرآن شافعٌ مُشَفَّعٌ، وماحِلٌ مصدَّق، من جعله أمامه قاده إلى الجنّة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار».
شـروط الشفاعـة:
لا تتحقّـق الشفاعـة إلاّ بشرطيـن اثنيـن:
1- أن يأذن الله للشافع في أن يشفع، حيث قال تعالى: "من ذا الذي يشفع عنده إلاّ بإذنه".
2- أن يرضى الله عن المشفوع له، ولا يرضى إلاّ لمن كان قد مات على التوحيد، حيث قال تعالى: "ولا يشفعون إلاّ لمن ارتضى".
المصدر : موقع إشراقات
"إنّ الآراء الواردة في المقال لا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وبالتالي فإنّ الموقع لا يتحمّل تبعات ما قد يتًرتب عنها قانوناً"
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء التاسع
اكتئاب المراهقين وفنّ التعامل معه
بواعث الأمل.. بين جدران العزل
ذكريات غَزَتْني!
الإنسان كما يعرِّفه القرآن ـ الجزء الثامن